أستاذ العلوم السياسية، سليم قلالة لـ «الشعب»:

من المهم التفكير الجدّي في تنظيم المجتمع المدني

حوار: حياة كبياش

طرحت مسألة زحزحة الجمعيات والأحزاب السياسية إلى مرتبة ثانية بحدةو في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد دسترة المجتمع المدني، غير أن هذا الطرح لا يتوافق مع تحليل سليم قلالة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الذي يرى أن الأحزاب ستستمر في دورها التقليدي، وأن المهم التفكير الجدي في تنظيم المجتمع، بحسب ما أوضحه في هذا الحوار الذي خصّ به «الشعب».
- الشعب: دسترة المجتمع المدني لأول مرّة، والتركيز على دوره في المرحلة القادمة، هل يعني ذلك أن الأحزاب لم تعد قادرة على القيام بدورها، بعد أن فقدت مصداقيتها؟
 سليم قلالة: يمكن للدول أن تستمر بلا أحزاب سياسية (بعض الملكيات، إمارات الخليج، دويلات صغرى)، ولكنها لن تستطيع الاستمرار، إذا لم تكن ذات مجتمع منظم.
هناك تراجع لدور الأحزاب على الصعيد العالمي، وكذلك تراجع كبير لانخراط المجتمع في العمل السياسي والحزبي بالتحديد، ومع ذلك تبقى معظم دول العالم تستند إلى الأحزاب السياسية لحل إشكالية السلطة، لحد الآن لم يبلور الفكر السياسي المعاصر بديلا للأحزاب السياسية من أجل التنافس على السلطة.
 وهنا تكمن إشكالية تنظيم الحياة السياسية ويتجلى دور المجتمع في التأثير على السلطة، في الديمقراطيات الغربية يبرز المجتمع المدني في شكل لوبيهات، جماعات ضغط، تمارس تأثيرا كبيرا على الأحزاب السياسية، في الجزائر لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، مازال المجتمع غير منظم بالكيفية اللازمة ليشكل جماعات ضاغطة أثناء الممارسة السياسية، لذلك فإن الأحزاب ستستمر في دورها التقليدي.
أما الشيء المهم فهو الشروع في تفكير جدي في تنظيم المجتمع، أفترض أن تكون خلف ذلك رؤية واستراتيجية واضحة بعيدة المدى، وليست مناسباتية، كما أفترض أن هناك وعيا كافيا بحدود وآفاق العمل المجتمعي ونفسا طويلا للقيام بذلك، لأن تنظيم المجتمع يبدأ من الطفولة وليس عند الكبر، وهذا الذي ينبغي أن تهتم به الجمعيات، لتكون فيما بعد مشتلة للتنشئة السياسية، سواء وجدت الأحزاب أم لم توجد، باعتبار أن تنظيم المجتمع أهم وأعمق وأولى من تنظيم الأحزاب السياسية.

في الجزائر الأحزاب ضعيفة والمجتمع غير منظم

-  يعتقد البعض أن المجتمع المدني سيؤدي إلى الزوال التدريجي للأحزاب السياسية في الجزائر، هذا ما دفع البعض منها إلى الإسراع في إعادة تشكيل قواعدها تماشيا مع الظرف والرهانات، كيف ترى ذلك ؟
 لحد الآن لم تَزُل الأحزاب من الديمقراطيات الغربية، رغم وجود مجتمع منظم وجماعات ضغط قوية.
في الجزائر الأحزاب ضعيفة والمجتمع غير منظم. نحن في حاجة إلى القيام بعمل كبير على الصعيدين المجتمعي والحزبي، شيء جميل أن تحرص الأحزاب على العمل لتأطير المجتمع. كل تنظيم مفيد لتعزيز قوّة الدولة.
الخوف أن لا يكون المجتمع منظما، مرحبا بأي تنظيم واع ومُدرك لدوره وخال من المصالح الضيقة والأنانية سواء أكان سياسيا أو ثقافيا أو تعاونيا أو تكافليا.. ذلك أن بلوغ نقطة التكامل، والتأثير المتبادل بين التنظيم المجتمعي والتنظيم الحزبي، هي وحدها القادرة على ضمان الحد المطلوب من التماسك الداخلي للدولة، خاصة إذا كانت هذه الدولة تعرف تجاذبات عدة وتتعرض إلى تهديدات مختلفة.
- كيف تفسّر إعطاء كل هذه الأهمية للمجتمع وتقديم كل التسهيلات لإنشاء الجمعيات؟
 الأمر يتعلق بما إذا كانت هناك إستراتيجية شاملة وبعيدة المدى أم لا، إذا كان الأمر ظرفيا أم لا، إذا كانت هناك مقاربة للموضوع من خلال رؤية أم لا. وفق الإجابة نعرف ما إذا كان الأمر يتعلق بتكرار أخطاء الماضي، أم أن الأمر يتعلق بعمل نوعي.
يبدو لي أن المجتمع مُصاب في منظومته القيمية بعمق، وليس من السهل إعادة بنائه في وقت قصير. لن نعيد بناء المجتمع بطريقة جديدة خلال أشهر أو حتى سنوات، لأن الأمر يتعلق بقيم وسلوك وأخلاق وذهنيات..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024