المهندس الخبير في الفلاحة أحمد مالحة:

هذه أسباب توحّل السدود... التغير المناخي واختلال التوازن الإيكولوجي

فتيحة كلواز

أوضح المهندس الخبير في الفلاحة، أحمد مالحة، أن مشكلة شح المياه مرتبطة بالتغيرات المناخية التي تعرفها الجزائر، بالإضافة الى الخلل الموجود في التوازن الإيكولوجي المتعلق أساسا بالغطاء النباتي الذي زادته الحرائق في السنوات الأخيرة انكماشا، ما ساهم في توحل السدود بسبب انجراف التربة، حيث كانت تلعب الأشجار دورا مهما في الحد من الظاهرة.
ربط المهندس الخبير في الفلاحة احمد مالحة، في اتصال مع «الشعب»، مشكل شح المياه الذي تعرفه الجزائر في السنوات الأخيرة، بالتغيرات المناخية التي ساهمت في انخفاض كمية منسوب مياه الامطار ما أثر على مخزون السدود، فشهر نوفمبر كان يعرف تساقط كميات معتبرة من الامطار مقارنة بالكمية المتساقطة حتى الآن، لذلك الجزائر مقبلة على نفاد مخزون المياه في السدود، خاصة في ظل جفاف بعضها كسد بلدية الروينة بولاية عين الدفلى.
وأرجع المختص في الفلاحة المشكلة الى عدة أسباب، من بينها ظاهرة توحل السدود، حيث يشكل الطمي ما يقارب ثلث مخزونها، مؤكدا ارتفاع هذه الظاهرة بعد كل تلك الحرائق التي عرفها الجزائر لسنوات متتالية، فقد دمرت الغطاء النباتي الذي يساهم في الحد من ظاهرة انجراف التربة، حيث تلعب الأشجار دورا مهما في منع انجرافها بكميات كبيرة الى السدود.
وأضاف المتحدث، ان مشكل آخر هو استقرار بعض الساكنة على حواف السدود، لأن حرث الأراضي المجاورة للسدود يساهم في زيادة نسبة الاتربة فيها، لذلك وجب على الدولة مرافقتهم لغرس الأشجار المثمرة في تلك الأراضي بغية تحقيق فائدتين، أولها إنتاجها للثمار والفاكهة ما يعود على الفلاحين بالربح المادي، والثانية تكون إحدى الوسائل المستعملة لمكافحة انجراف الأتربة، مؤكدا على ضرورة تشجير المنحدرات المحاذية لمستجمعات المياه (les bassin versant) لمنع انجراف الأتربة الى السدود بعد تساقط الامطار.
وكشف أحمد مالحة، أن خيار وجود سدود خاصة بمياه الشرب وأخرى خاصة بمياه السقي أصبح حتمية، فتلك التي تخصص للسقي تستعمل لمدة أربعة أشهر فقط، بينما تلك المخصصة لمياه الشرب فطول السنة، وهو ما يمكننا تحديد كمية المياه المستعملة في السقي والشرب بدقة، ما يساعد على وضع خطط مناسبة لتجاوز الأزمة.
في ذات السياق، قال الخبير في الفلاحة، حان الوقت لاستعمال التكنولوجيا لتحلية مياه البحر، خاصة إذا علمنا ان دول الخليج اعتمدت هذه الطريقة للحد من مشكلة نقص المياه، لذلك لابد من التفكير في اعتماد مزروعات وأصناف تتحمل الملوحة، على اعتبار انه حل نستطيع من خلاله تكييف قطاع الفلاحة مع التغيرات المناخية التي تعيش الجزائر أثارها اليوم، بالإضافة الى ان عملية تحلية مياه البحر لا تعطي مياها عذبة بنسبة 100٪.
وطرح المتحدث خيار استعمال السقي الذكي، حيث تحدد حاجة النبتة من المياه بدقة، معتبرا أنها تقنيات لابد من امتلاكها، خاصة في ظل التحديات التي يفرضها التوجه نحو الفلاحة الصحراوية التي تحتاج الى مكننة.
أما المياه الجوفية فربطها بالتنمية المستدامة، معتبرا إياها ملكا لجيل الحاضر وللأجيال القادمة، خاصة وان المختصين لم يتمكنوا من معرفة ان كانت متجددة أم لا. حقيقة ان الخبراء أكدوا وجود مخزون كبير لها في الصحراء الجزائرية، لكن الواقع يؤكد أن المياه الجوفية في بسكرة والجلفة وعين وسارة زاد عمقها بـ50٪، لذلك اعتبر تزويد الصحراء الشمال ومنطقة السهوب بالمياه من أجل تحقيق تنمية ونهضة في الفلاحة مشروع القرن الذي يتطلب جهدا ومالا كبيرين، كاشفا ان إعادة استعمال مياه الصرف الصحي بعد معالجها في الزراعة خيار وحل يجب إعادة النظر فيه.
وأكد احمد مالحة، ان الجزائر من بين الدول المهددة بالجفاف بسبب قلة الغطاء النباتي، فهو لا يمثل في الجزائر سوى 4,7٪، بينما التوازن الايكولوجي يستدعي نسبة 11٪ من الغطاء النباتي، متأسفا في ذات الوقت عن آلاف الهكتارات التي تفقدها الجزائر بسبب الحرائق، مؤكدا ان مشاريع التشجير تحتاج الى دراسة دقيقة، لأن نجاحها مرتبط بكمية تساقط الأمطار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025