أصوات ناخبة تبحث عن شركاء سياسيين

تجديد الخطاب السياسي لجلب الناخبين

فتيحة كلواز

 دور اللجنة المستقلة للانتخابات في حماية «صوت الشعب»

شكل عزوف المواطنين عن المشاركة في المواعيد الانتخابية هاجسا حقيقيا يستدعي دراسة اجتماعية للعوامل المؤثرة في سلوكهم تجاه مواعيد تاريخية وفاصلة في حياة الجزائر السياسية، في زمن اختيارهم مواقع التواصل الاجتماعي مساحة تعبير عن رأيهم.
يربط المختصون فقدان الجزائري الثقة في الأداء الانتخابي، بطبقة سياسية عجزت عن تجديد خطابها ليتلاءم وتطلعات هيئة ناخبة منغمسة تكنولوجيا في عالم ذابت فيه الحدود الجغرافية، لتكون المصلحة المشتركة أهم رابط بين الشعب والسلطة ومحفز حقيقي للمشاركة والتصويت وكذا الانخراط في العملية السياسية.

يحي شريف: العزوف.. مشكل عالمي

 أكد الخبير في علم الاجتماع السياسي يحي شريف، في اتصال مع «الشعب»، أن عزوف الناخبين عن التصويت في المواعيد الانتخابية مشكل عالمي وليس خاصا فقط بالجزائر. فالمجتمعات اليوم في وادٍ والسلطة في واد آخر، والمجتمع الجزائري جزء من هذا العالم.
وقال، إن «المصلحة هي الرابط الوحيد الذي يجمع بين المجتمع والسلطة، فعندما كانت السلطة تلبي رغبات المجتمع بتوفير طلباته صمت عن تجاوزاتها، لأن المصلحة كانت مشتركة بينهما».
ولاحظ أن انهيار أسعار البترول، وما أسفرت عنه الأزمة الصحية الاستثنائية من أثار اقتصادية، خلق نوعا من الجمود في علاقة المجتمع مع السلطة. التداعيات الاجتماعية أثرت في المواطن وجعلته يفكر في أي مصلحة سيحققها من خلال مشاركته في الانتخابات. لذلك ربط يحي شريف العزوف عن التصويت في المواعيد الانتخابية بعوامل اجتماعية مختلفة.
وقسم المتحدث في ذات السياق، الإنسان إلى ثلاثة أنواع، صنف صامت لا يتدخل ولا يبالي باللعبة السياسية. وصنف لا يشارك في الانتخابات لتحقيق أغراض سياسية، لذلك يحاول التشويش على الساحة السياسية وكثيرا ما يكون من أدعياء الوطنية. وأخيرا صنف ثالث منغمس في السياسة، لأن المسألة بالنسبة له قضية مصالح يسير وفقها العالم كله.
وأرجع الأستاذ في هذا الصدد، «استقالة» الشعب من المشاركة في الانتخابات إلى غياب الثقة وانعدامها بين الشعب والسلطة، مؤكدا أن مشكلة الثقة موجودة حتى بين الإنسان ونفسه، فما بالك بالسلطة. موضحا أن الثقة راجعة لشخصية الأصناف البشرية الثلاثة.
وكشف يحي شريف، أن ما تعيشه الجزائر اليوم هي مشاكل ظرفية يتم استغلالها سياسيا. لكن الأكيد أنه مع انتهاء الأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر على غرار دول العالم، ستعرف الجزائر انطلاقة جديدة لوجود رجال يعملون في صمت ويحضرون لما بعد كورونا، خاصة وأن الجزائر تملك إمكانات كبيرة وثروات طبيعية هائلة.

فريد بن يحي: شعب يرى نفسه على الهامش

أرجع الخبير الاقتصادي والعلاقات الدولية والدبلوماسية وعضو المجلس الاستشاري – لجنة العقلاء - لهيئة الوساطة والحوار سابقا، فريد بن يحي، فقدان الثقة في الأداء الانتخابي إلى عدة عوامل تتحكم في عزوف المواطنين أو الناخبين عن التصويت.
وقال الخبير، إن أولها انعدام الثقة بين المواطن والسلطة. أما الثاني فهو التهديد، وأعطى مثالا على ذلك المرحلة التي كان فيها اليمين زروال رئيسا، حيث كانت الجزائر مهددة بالإرهاب، وهو نفس ما عرفته الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، أين صوت الأمريكيون بقوة لشعور الأقليات من السود والصينيين والإسبان بتهديد ترامب لهم أو سيطرة البيض على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما ثالثها، فهو شعور الشعب أن المعادلة محسومة مسبقا، لأن مشاركة المواطن في المواعيد الانتخابية مرتبط باقتناعه بأن المعادلة السياسية غير محسومة.
أما رابعا، فهو مرتبط بمشاركة الشعب في صناعة القرار حتى لا يبقى على الهامش. فعندما يتم صناعة دستور في مخابر معينة بعيدا عن مشاركة كبيرة للشعب، هنا يجد الشعب نفسه على الهامش ما يجعله يقتنع بالعزوف وعدم الإدلاء بصوته، لأنه يعلم مسبقا أنه لا يصنع الفارق، وأن الأمور محسومة من قبل، مثلما يقول الخبير.
واعتبر بن يحي، أن نسبة المصوتين التي تقارب خمسة ملايين ناخب، منها مليون وستمائة ألف ناخب صوت بـ»لا»، وما يزيد عن ثلاثة ملايين ناخب صوت بـ «نعم»، نسبة ضئيلة مقارنة بتعداد الهيئة الناخبة، ما يستدعي من السياسيين في الجزائر ابتكار أساليب جديدة في تسويق نظرتهم السياسية، لأنهم مازلوا يمارسونها وفق النمط التقليدي للأحزاب، خاصة وأن الأحزاب اليوم لا تمثل أي شيء بالنسبة لأغلب الجزائريين..
وأوضح أن انعدام الثقة وغياب أمل واضح للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية وغيرها، جعل الكثير من الجزائريين يلجأون إلى الشبكات العنكبوتية والذباب الإلكتروني ووسائل أخرى للتعبير عن رأيهم.
ولاحظ بن يحي في هذا الصدد، أن المتتبع لهرم سنّ الناخبين المصوتين، يجد أن الأغلبية المصوتة تنتمي إلى الفئة العمرية 50 سنة و60 سنة فما فوق.
 في المقابل، يمثل الشباب الذي يتراوح سنه فوق 18 سنة نسبة ضئيلة لم تصل الواحد بالمائة. لذلك كان لابد من توعية هذه الفئة ومنحها بطاقات إلكترونية لكل مواطن جزائري يملك شهادة ميلاد، بغية وضع إستراتيجية رقمنة الانتخابات، لأن أكبر أمانة تحافظ عليها اللجنة المستقلة للانتخابات هي أمانة صوت الشعب.
وربط بن يحي انخراط الشعب في العملية الانتخابية من خلال مشاركته والتصويت في المواعيد الانتخابية باقتناعه أن البرامج الانتخابية تبحث عن تحقيق مصلحته العليا وأنه الوحيد من يضعها ومن يقيلها عن الكرسي.
وأشار المتحدث في هذا الإطار، أن فقدان ثقة المواطن في الأداء الانتخابي يتطلب دراسة سسيولوجية حقيقية، لأنها مرتبطة بأكثر من عامل منها الاقتصادي والاجتماعي، حيث أكدت دراسات ألمانية حديثة أنه في غياب بريق أمل حقيقي يحرك الشعب بقوة، لن تكون هناك نسبة كبيرة من المصوتين في الانتخابات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024