تزايد بشكل لافت في العقد الأخير

غياب يفضح الأداء السياسي للأحزاب

حمزة محصول

يأخذ العزوف الانتخابي، منذ سنوات، اهتماما متزايدا من النقاش السياسي أكثر من موضوع العملية الانتخابية. تجلى ذلك بشكل واضح في الاستفتاء الأخير على مشروع تعديل الدستور، حين أبانت نسبة المشاركة الضئيلة المقدرة عن حجم الهوة بين المواطن والصندوق.
بغض النظر عن النتيجة التي تفرزها الأصوات المعبر عنها، إلا أن نسبة المشاركة في الانتخابات تكتسي أهمية بالغة في إضفاء ما يسمى «المشروعية السياسية» على المجالس المنتخبة أو الرئيس المنتخب، وتحديد الصورة الحقيقية للسياق السياسي العام السائد في البلاد.
وغالبا ما همشت التحاليل التي تعقب الاستحقاقات في الجزائر، مسألة العزوف الانتخابي، مقابل تهم التزوير أو تضخيم النتائج النهائية أو رفض الاعتراف بقواعد اللعبة الديمقراطية. ولكن مع بوادر التحكم التقني في العملية الانتخابية من قبل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بدأت القراءات تأخذ بعدا أشمل، بما فيها عزوف المواطنين عن صناديق الاقتراع.
ودفعت نسبة المشاركة في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، بمعضلة العزوف الانتخابي إلى واجهة النقاش، بعدما لم تتجاوز إجمالا 23.80 بالمائة، وهو ما يعتبره المحلل السياسي رضوان بوهيدل «فشلا سياسيا للأحزاب السياسية، ينبغي الاعتراف به والإسراع في معالجة أسبابه».
وقال بوهيدل لـ «الشعب»: «النسبة النهائية للمشاركة في الاستفتاء لا تؤثر أبدا على الشرعية القانونية والدستورية للاستفتاء، ولكن هناك عزوف انتخابي كبير لابد أن نتوقف عنده مطولا».
ولا يضع قانون الانتخابات في الجزائر حدا أدنى للمشاركة، لقبول النتائج النهائية للانتخابات، سواء البلدية، الولائية أو التشريعية أو الرئاسية أو الاستفتاء، وتحسم الأصوات المعبر عنها النتيجة النهائية سواء بالنسبة للمعامل الانتخابي في المحليات (7 بالمائة) أو التشريعيات (5 بالمائة) أو الأغلبية المطلقة (50+1) في الاقتراع الرئاسي.
ورغم ما يثار من شكوك في نسب مشاركة الناخبين في العمليات الانتخابية السابقة التي تولت تنظيمها وزارة الداخلية، إلا أنها سجلت تراجعا تدريجيا ولافتا في العقد الأخير، فالانتخابات الرئاسية لسنة 2014 شارك فيها 51.70 بالمائة من إجمالي الهيئة الانتخابية، بتراجع قدره 22 بالمائة مقارنة برئاسيات 2009 التي عرفت مشاركة 74.11 بالمائة.
ولم تتخط نتائج التشريعيات عتبة 46 بالمائة منذ سنة 2002، وانخفضت هذه النسبة إلى 35.6 بالمائة سنة 2007، ثم 43.14 بالمائة سنة 2012 لتعاود النزول إلى 38.25 بالمائة سنة 2017.
وغالبا ما اتهمت المعارضة السياسية آنذاك، وزارة الداخلية بتضخيم نسب المشاركة وأنها لا تعكس الواقع، عكس ما حصل في رئاسيات 2019، حيث لم تشكك الأحزاب وباقي المترشحين في نسبة 41.14 بالمائة التي أعلنتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
واعتبر بوهيدل، أن سلطة الانتخابات المستحدثة بموجب قانون عضوي في سبتمبر 2019، نجحت لحد الآن في تقديم نتائج دقيقة للانتخابات الرئاسية الماضية والاستفتاء الأخير، واستطرد قائلا: «لكن نزاهة ودقة نسبة المشاركة لا ينبغي أن تجعلنا نفرح، لأن العزوف مشكلة ونتيجة لفشل سياسي للأحزاب وحتى بعض أطياف المجتمع المدني وعلينا أن نعترف بذلك».
ويعتقد المتحدث، أن لب المعضلة يكمن في ضعف ورداءة التسويق السياسي الذي تقوم به بعض الأحزاب والشخصيات التي برزت للواجهة بخطاب قديم ومستهلك لا يرقى إلى ما يتطلع إليه المواطن.
وسجل بوهيدل، أداء ضعيفا لمنشطي الحملة الاستفتائية، «خلف نتائج عكسية على سيكولوجية الناخب، فبعض التصريحات دفعت من كان يريد التصويت إلى المقاطعة»، مضيفا أن الفشل ينسحب حتى على تلك الأحزاب التي دعت إلى التصويت بـ «لا» على مشروع الدستور، حيث اتضح «الحجم الحقيقي لوعائها الانتخابي».
وأفاد بأن معالجة مشكلة العزوف الانتخابي، تمر عبر «إصلاح عميق» يعقب الدستور الجديد، وأيضا من خلال مدى قدرة الأحزاب السياسية على تجديد ذاتها وخطابها وفق ما يتطلع إليه المواطن الجزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024