رئيس الغرفة الفلاحية للوادي، حامد بكار غمام لـ«الشعب»:

هذه أسباب تعثّر منصة التصدير التي انتظرها فلاحو المنطقة

زهراء ب.

 الأولوية للجوّية الجزائرية رغم الإغراءات الإمارتية والقطرية

تصطدم عمليات تصدير المنتجات الفلاحية من ولاية الوادي، بعدة صعوبات، بسبب نقص الوسائل اللوجيستيكية، وعدم احترام اتفاقيات التبادلات التفاضلية من طرف الجارة تونس، ناهيك عن غياب مصانع التعليب والتوضيب، والتوطين البنكي، مثلما ذكر رئيس الغرفة الفلاحية لولاية الوادي، حامد بكار غمام لـ «الشعب»، ويعتقد أن الظرف يتطلب تفعيل دور الملحق التجاري بالسفارات، ووضع منصة صلبة للتصدير بالقرب من مناطق الإنتاج تتوفر على كل هذه الآليات، حتى يتفرغ الفلاح للإنتاج فقط، وتتولى الأطراف الأخرى عملية ايصال المنتوج الجزائري إلى الأسواق الدولية بحسب المعايير والشروط المطلوبة.

دعمت مخازن الشركة العامة المتوسطية للتبريد، جهود تصدير المنتجات الفلاحية إلى الأسواق الدولية، انطلاقا من ولاية الوادي، وساهمت في تثمين المزروعات المحلية كالبطاطا والتمور، وعملت على ايصالها في شحنات متفرقة إلى عدة دول من بينها ماليزيا، قطر، الإمارات، خاصة بعد أن دخلت مجال التوضيب، والتغليف، ولكن تبقى هذه المجهودات غير كافية، بحسب رئيس الغرفة الفلاحية للوادي حامد بكار غمام في حديثه لـ «الشعب»، فمركز الشحن الوحيد بمطار قمار الذي دخل حيز الخدمة، منذ 2016، لم يستأنف نشاطه لحد الآن، ولا يشهد أي حركة اقتصادية منذ فتح المطار.
ويرجع بكار غمام تعثر منصة التصدير التي انتظرها فلاحو المنطقة كثيرا، إلى عدم تجمع المتعاملين الاقتصاديين أو المصدرين لكراء طائرات الشحن التابعة للخطوط الجوية الجزائرية، وعدم تقبل هذه الأخيرة التنافس من حيث السعر، بحكم أن القطرية للطيران والإماراتية المنافسين لها ينقلان الخضروات بسعر 60 دج للكيلوغرام الواحد بالنسبة للقطرية، و40 دج للإماراتية، في حين تنقل الجوية الجزائرية بسعر 70 دج لدبي و80 دج لقطر، رغم أن الفلاحين طلبوا أكثر من مرة من السلطات العمومية منح الأولوية للخطوط الجوية الجزائرية في تقديم تحفيزات لها ووضع سعر منافس، على أن يكون شحن الخضروات مع المسافرين وليس في طائرات شحن البضائع مثلما تعمل به الإمارات، حتى تكون الشركة رابحة في الحالتين أي من جهة الركاب، ومن جهة الفضاء المخصص للتخزين.
من جهة أخرى، يحتاج مدرج مطار قمار إلى ديناميكية جديدة، بتوفير طائرات من حجم متوسط أوعملاقة حتى تشكل جسرا جويا يناسب الزبائن والمتعاملين الاقتصاديين أسبوعيا نحو كل الوجهات، سواء كانت للإمارات، دبي، روسيا، أوكندا أوأي وجهة أخرى.

المعابر الحدودية.. منافذ غير مستغلة

تشكل المعابر الحدودية منافذ لمرور المنتجات الفلاحية باتجاه دول الجوار، ومنه إلى أسواق أوروبا أوآسيا أوالمنطقة العربية عن طريق رحلات بحرية أوجوية، ويعد المعبر الحدودي بالطالب العربي معبرا لحركة تنقل الأشخاص بحسب الاتفاقية التفاضلية بين تونس والجزائر، ناضل سكان الوادي من أجل ترسيمه معبرا تجاريا فهو يبعد عن مقر عاصمة الولاية 80 كلم وعن المناطق الفلاحية 60 كلم، فهومثلما قال حامد غمام بـ «إمكانه أن يخلق حركة تجارية في إطار التبادل التجاري بين البلدين أومن الجزائر إلى تونس كعبور للبحر بحكم أن أقرب نقطة إلى الوادي الضاحية الجنوبية لولايات قابس وصفاقس بتونس، واللتين تتوفران على ميناءين تجاريين يشهدان حركة كثيفة على دار المصدر، باتجاه كل الوجهات ونقل سريع وبأثمان معقولة، فإذا كانت مدة التصدير من الجزائر إلى الامارات تقدر بـ 20 يوما، من تونس 8 أيام فقط.
لكن ما يعد إرهاصا حقيقيا للمصدرين غياب التوطين البنكي على مستوى المعبر الحدودي، فوجوده على مستوى الشباك الموحد يسهل عملية تحويل العملة للتصدير، كما أن الزبون يجد أريحية في إتمام التعاملات البنكية واستكمال اجراءات التصدير.
ويواجه المصدرين عراقيل أخرى، على مستوى المعابر الحدودية، مثلما حدث العام الماضي يقول بكار غمام «حين سجل فلاحو المنطقة تصدير أكبر كمية من المنتجات نحو ليبيا عن طريق الجسر البري، من المعبر الحدودي بوشبيكة في ولاية تبسة المتاخم مع ولاية القصرين في تونس، لكن علقت أكثر من 40 شاحنة ليبية بالحدود التونسية، وتعرض أصحابها لعراقيل من طرف الجمارك التونسية، بعد أن طلبت منهم إجراء التحاليل مرتين على المنتجات، ومن المفروض أن لا تمس الشاحنات عند تشميعها في مركز العبور الأول، فمهما تكن قوة تبريد الشاحنات سيتعرض المنتوج للتلف، وسيصل في حالة غير جيدة للمستهلك في ليبيا، وهنا لا يوجد احترام للاتفاقيات التفاضلية بين البلدين، وقد بلغنا يومها وزير التجارة وسفير تونس، تدخلا لحل مشكل 40 شاحنة التي كانت عالقة».
وأمام مثل هذه العراقيل، يرى رئيس الغرفة الفلاحية للوادي ضرورة فتح الجزائر للرواق الأخضر لتشجيع التجارة الخارجية وخاصة الخضروات سريعة التلف.

أفضلية المنتجات المبكرة ولكن..

يقول رئيس الغرفة الفلاحية للوادي أن الإنتاج الفلاحي في مدينة الألف قبة وقبة يمتاز بالأفضلية المبكرة، جعلت الجزائر تشهد طفرة في الإنتاج كما ونوعا وفائضا، تسبب في تدني أسعار المنتجات إلى أقل من التكلفة، وانسداد في أسواق الجملة التي شبعت عن آخرها رغم وضعية الوباء والفترة العصيبة التي نمر بها.
وأضاف أن ولايتي الوادي وبسكرة حققتا فائضا في الانتاج كان يفترض توجيهه للتحويل المغيب، بسبب انعدام مصانع التحويل الموجودة في مخططات التنمية للدولة والغائبة عن أرض الواقع، وقد يعرف الوضع انفراجا بعد إنشاء الديوان الوطني للأراضي الصحراوية والمعاهد الجديدة التي تهدف الى متابعة البرامج الواعدة للمزروعات الصناعية، وتنميتها بحيث تلبي الطلب الداخلي والخارجي وفق المعايير العالمية، وهذا ما يسمح بإيجاد منافذ اقتصادية للمنتوج المحلي نحوالقارة السمراء ومناطق التبادل الحر.
ولنجاح هذه الخطوة، يحتاج الأمر، يقول بكار غمام، إلى تدخل وزارة التجارة لتنظيم التسويق داخل وخارج الوطن، وتفعيل الملحق التجاري بالسفارات الجزائرية، للتعريف بالمنتجات الجزائرية في المعارض الدولية سواء كانت بالقارة السمراء، أوروبا أوآسيا، وهذه الآليات الجديدة تخرج الجزائر، بحسبه، من دائرة الاعتماد على الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الأخضر البديل الذي وضع له استراتيجية ومخطط تنمية اقتصادي يسمح للفلاح بأن ينتج ويسوق في أحسن الظروف.

الغرف والتعاونيات دور غائب

يعترف بكار غمام أن الاختلالات المسجلة في تسويق المنتجات الفلاحية محليا ودوليا، لا ترتبط بالقطاعات الوزارية التي لها دخل، أوبالشركاء الاقتصاديين، بل يعود إلى التعاونيات الفلاحية والغرف، فهي بحسب القانون المسير لها، لديها صلاحيات ربط علاقات بين المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين، وايجاد أسواق لتصريف المنتوج أوالفائض، ولا يقتصر دورها على طلب الدعم والمستلزمات ووضعها تحت تصرف المنتجين.
ويعتقد رئيس الغرفة الفلاحية للوادي، أن المشكل القائم حاليا في القطاع، هومشكل تنظيمي إذ يجب ايجاد سلاسل القيمة المضافة حتى لا تلقى المنتجات مثل الطماطم أوالبطاطا في المزابل أوتباع بأقل من كلفتها، فلا يعقل أن يجازى الفلاحين بعدما أمنوا غذاء الجزائريين في فترة الجائحة، بتكبيدهم خسائر مادية ضخمة، بسبب هشاشة منظومة النقل في وقت توجد فيه بلدان تشهد نقصا في التغذية وتحتاج إلى توريد منتجات زراعية، وبإمكان الجزائر عن طريق تفعيل الدبلوماسية الجزائرية أوعن طريق وكالة ألجاكس ضمان لها الصادرات، خاصة بالنسبة للمنتجات المعرفة، وذات علامة الجودة، حتى لا يقال أن المنتجات الجزائرية ردت، مثلما تداولته عدة أطراف في السنوات الأخيرة رغم أن وزارة الفلاحة لم تتلق أي إخطار واحد من سفارات دول أوروبية، أوكندا.

غرس ثقافة التصدير

يتخوف رئيس الغرفة الفلاحية للوادي، من عزوف الفلاحين عن الإنتاج أوتقليص المساحات المزروعة أمام الخسائر المتكبدة سنويا بسبب تشبع الأسواق الوطنية، وكساد فائض المنتجات، مما يستدعي بحسبه الإسراع في معالجة فائض الإنتاج بالتحويل أوتصديره.
ويحتاج الأمر بالنسبة للحل الثاني، أن يعمل الجميع على غرس ثقافة التصدير لدى الفلاح، من خلال تشجيعه على توقيع اتفاقيات تعاقدية مع متعاملين اقتصاديين أوزبائن وطنيين أودوليين، يلتزم وفق العقد بإنتاج الكمية المطلوبة، والزبون بنقلها وتسويقها في الأسواق، ويمكن له القيام بذلك وفق المعايير المطلوبة لأن المنطقة تمتاز بأفضلية المنتجات المبكرة دون الاعتماد على غرف التخزين، فعلى سبيل المثال لا الحصر تمكنت الوادي من تموين السوق الوطنية بـ 70 بالمائة من احتياجاتها بمادة البطاطا طيلة 6 أشهر، ما يعني أنها تمثل أكبر قوة إقتصادية في الجزائر، كما أنها حققت إنتاجا وفيرا لمادة الفول السوداني الذي كان يستورد ويكلف خزينة الدولة مبالغ ضخمة، وتسعى لضمان احتياجات مادة الثوم لتفادي ندرته شهر جانفي، ومن أجل ذلك قامت بتسبيق غرسه بداية جويلية بدل نهاية الشهر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025