تمرّ، اليوم، سنة كاملة عن تنصيب حكومة عبد العزيز جراد، الذي تزامن و5 جانفي 2021، في أعقاب رئاسيات 12 ديسمبر 2019، انتخب خلالها الجزائريون عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية لمدة خمس سنوات.
سنة انقضت حملت في طيّاتها الكثير من الأحداث والوقائع، حيث كانت شاهدة على عمل الجهاز التنفيذي «بإيجابياته وسلبياته»؛ سنة كانت محطّ تقييم الرئيس في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الأحد الماضي.
وقال الرئيس خلال أول اجتماع يعقده منذ شهرين بسبب وعكته الصحية، إن «تقييم الأداء الوزاري لسنة 2020 يتراوح عموما بين الإيجابي والسلبي».
بدا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، غاضبا في أوّل اجتماع له لتقييم عمل الوزراء في إطار الحصيلة السنوية 2020 للحكومة، عقده، مساء أول أمس، حيث أبدى عدم رضاه عن عديد القطاعات.
ولم تُسجل خلال بيان المجلس، أيّ كلمات شكر وعرفان للطاقم الحكومي، ما قد يؤشر على عدم اقتناعه بتسيير بعض القطاعات، خاصة التي لها صلة مباشرة بالمواطن، وينبئ بحدوث تغييرات على مستوى الجهاز التنفيذي وفي سلك الولاة، بحسب قراءات أولية قدمها المحلل السياسي رضوان بوهيدل.
يرى الأستاذ بوهيدل، أن «تقييم الرئيس للطاقم الحكومي في أول جلسة، في انتظار عقد جلسة ثانية لاستكماله، بحسب ما جاء في بيان رئاسة الجمهورية، يأتي في سياق تحذيرات كان قد أطلقها من قبل وتدخل في إطار تطبيق التعليمات والأوامر الموجهة إلى وزراء حكومة عبد العزيز جراد، وبلغة شديدة وجهت في فيفري 2020، إلى ولاة الجمهورية، من أجل الإسراع في التكفل بالمواطن وتخصيص حصة الأسد لمناطق الظل، حيث وضع الرئيس المواطن البسيط صوب عينيه».
وأضاف الأستاذ في اتصال هاتفي مع «الشعب»، أن رئيس الجمهورية لم تبد عليه مظاهر الرضا في الاجتماع، بل ظهر ممتعضا من نتائج عمل حكومته؛ نتائج كان من المفترض أن تكون إيجابية، حيث ستظهر تداعياتها قريبا على نزلاء قصر الدكتور سعدان، إلى جانب عدم رضاه عن عمل ولاة، ومن المنتظر أن يحدث الرئيس تغييرات لسدّ الثغرات، وسندخل في مرحلة التطبيق الميداني وتجاوز مرحلة التحذيرات والتوبيخ».
وتوقع المتحدث «حركة في سلك الولاة وتغييرات في الحكومة، تمسّ أولئك الذين لم تحقق قطاعاتهم نتائج مرجوّة ولم تلتحق بركب مشروع الرئيس، خاصة ما تعلق بولاة الجمهورية، حيث أظهر تبون غضبه بسبب عدم تحقيق نتائج، كانت عائقا حقيقيا أمام الإصلاحات الكبرى التي كان قد أعلن عنها منذ سنة، وطالب بتسريع وتيرة الإصلاحات لتفادي تكرار أخطاء الماضي، من اجل استعادة ثقة المواطن التي وضعها تبون نصب عينيه».
التحدي اليوم تجسيد الدستور
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن «الرهان والتحدي اليوم، تجسيد الدستور على أرض الواقع، حيث أن استرجاع الثقة بين السلطة والمواطن سيكون من خلال الالتزام بما جاء في هذه الوثيقة»، معتبرا أن «الوقت ليس في صالح الجزائر، لأن التغيير اليوم أصبح أكثر من ضروري لتجسيد الإصلاحات، بعد عام من الركود وعام طويل من كورونا التي تسببت في الركود الاقتصادي».
غير أن محدثنا لا يحمّل الفيروس مسؤولية إخفاق بعض القطاعات وعدم التزام المسؤولين بتجسيد تطلعات المواطن، بالعكس ـ يقول السياسي ذاته ــ لقد كان تحديا للوزراء والولاة لإثبات وجودهم، بل أن كورونا كانت حجة عليهم لإظهار القدرة على التسيير وتحسين مختلف القطاعات التي يتولون الإشراف عليها.
كما يشدد محدثنا على أن «فترة غياب الرئيس لمدة ناهزت الشهرين، كانت فرصة له لمتابعة عمل وزرائه، خاصة وأنهم تعرضوا لامتحان، خلال مرحلة الاستفتاء على الدستور، وقد تمّ تسجيل استفزازات تجاه المواطنين، عن طريق الخطاب السياسي المنتهج الصادر عن بعض الوزراء والولاة، حيث لم يكن في المستوى وتسبّب في كسر جسور الثقة. مع العلم أنّ الخطاب السياسي مهم جدا في رأب التصدع والشرخ الذي خلفته ممارسات سابقة، طبقا لبوهيدل.
وإن لم يستكمل تقييم القطاعات في اجتماع مجلس الوزراء، حيث خصّصت جلسة ثانية ستعقد في غضون أيام قليلة، إلا أن الحديث عن التغيير اليوم أصبح أكثر من ضروري، في منظور محدثنا، الذي يؤكد «أنه سيمس القطاعات الوزارية أو في سلك الولاة الذي لها صلة مباشرة مع المواطن، خاصة وأن الرئيس تحدث عن تهاون البعض في تحقيق أوامره، خاصة ما تعلق بملف مناطق الظل والرّقمنة والبنوك والفلاحة».
كما يرى بوهيدل، أنه قد حان وقت التغيير في المؤسسات العمومية الكبرى، خاصة الاقتصادية منها، والتي لها صلة مباشرة بالمواطن واستدراك أخطاء وقع فيها المسؤولون خلال السنة المنصرمة، معتبرا أنه «حان الوقت اليوم لتجاوز مرحلة التشخيص الى مرحلة التجسيد، بعد عام من انتخاب الرئيس، ولن يتحقق ذلك إلا بتغييرات مرتقبة، وهي في الأخير من صلاحيات رئيس الجمهورية القاضي الأول في البلاد».
