عادت إشكالية تثمين النّفايات في المجال الاقتصادي لتطرح مجدّدا بين الأكاديميين والباحثين في المجال على مستوى كلية العلوم الاقتصادية لجامعة بومرداس، لتعيد طرح قضية حتمية الانتقال من الريع البترولي إلى كل ما بشأنه خلق الثروة المستدامة مثلما انتهجته الكثير من الدول الرائدة، وهو الموضوع الذي أثير أكثر من مرة معرفيا دون أن يجد طريقا إلى التطبيق الفعلي بخلق مؤسّسات مختصّة، وأيضا الشيء المغيب دائما في مثل هذه المواعيد.
طرح الملتقى العلمي عن بعد الذي احتضنته، أمس، كلية العلوم الاقتصادية، التجارية وعلوم التسيير لجامعة بومرداس إشكالية «البعد البيئي الاقتصادي لتدوير النفايات في الجزائر» كأحد المواضيع الأكثر جدلا في الساحة بالنظر إلى حجم التحديات المزدوجة لملف «النفايات» ببعده السلبي على المحيط العام والايجابي من حيث الأبعاد الاقتصادية وخلق الثروة من جهة، ودرجة حضوره في مختلف السياسات التنموية الهادفة إلى استغلال القطاع، وتشجيع المؤسسات الناشئة للاستثمار في هذا المجال الجديد من جهة أخرى.
كما شهد اللّقاء جملة من المداخلات لإثراء المحاور الرئيسية المطروحة للنقاش من قبل الأستاذة المتدخّلين، منها مفهوم التدوير وعلاقته بالتنمية المستدامة والاقتصاد البيئي، تدوير النفايات في الجزائر سياسة الاستثمار والتحفيز، الأطر التشريعية والتنظيمية لإعادة التدوير في الجزائر، وأخيرا واقع إعادة تدوير النفايات في الجزائر انطلاقا من التجارب الميدانية النّاجحة، وهي النقطة الأساسية التي ينبغي التركيز عليها بالنظر إلى حالة الجمود التي يعرفها موضوع تثمين النفايات، وصعوبة ترجمة مخرجات مثل هذه الندوات العلمية النظرية إلى واقع ملموس، خاصة في ظل عزوف المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين عن الحضور وتقديم المقترحات الملموسة إلى ممثلي الهيئات الرسمية المعنية كمديرية البيئة.
وأجمع المتدخلون في الندوة «على أهمية الاقتصاد التدويري البديل للثروة البترولية الزائلة»، والدعوة «لأهمية الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في المجال كألمانيا والسويد، مع تفعيل المنظومة التشريعية بما يفتح المجال أمام المتعاملين والمستثمرين للعمل وترقية النشاط».
وعلى الرغم من أهمية مثل هذه اللقاءات، إلا أنها تبقى ناقصة وبحاجة إلى تكامل مع الفاعلين الاقتصاديين لولوج هذا المجال الحيوي، وضرورة إشراك المواطن كحلقة أساسية لإنجاح هذه الإستراتيجية، وهو ما عبّر عنه رئيس الملتقى، تواتي إدريس، الذي أكّد «أن الاقتصاديات الحديثة تعطي أهمية كبيرة لتدوير النفايات ورسكلتها بعد عملية الاستهلاك بفضل التكنولوجيات العلمية المتطورة».