محاسبة مجرمي الداخل والخارج

ملفات ثقيلة ضد إرهابيين ومحرّضين

حمزة محصول

تصر الجزائر على متابعة المتورطين في جرائم الفساد والإرهاب والتخريب، الفارين لدى دول أجنبية وجلبهم وتقديمهم أمام القضاء. ومع نسف الحرائق الأخيرة لمظلات المختبئين في الخارج، من محرضين وقادة تنظيمات، ستؤخذ ملفات استلام المطلوبين للعدالة، دفعا أكبر، إنفاذا للقانون ومحاسبة المتآمرين على الأمن القومي.
أثبتت الأحداث التي عرفتها الجزائر منذ 9 أوت الجاري، أن «المؤامرات» التي حذرت منها مؤسسات الدولة في السنوات الأخيرة، أصبحت واقعا ملموسا يهدد الأمن والاستقرار، ويهدف إلى إلحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار.
ومع انسجام فهم وقراءة الشعب الجزائري للجرائم المرتكبة في حقه، مع ما تتوصل إليه يوميا الأجهزة الأمنية، من ضبط ألغام ودسائس عالية الخطورة، تقرر الذهاب إلى أبلغ حد ممكن في محاسبة المتورطين، من تنظيمات إرهابية ومجرمين مرتبطين بها، داخل وخارج الوطن، بحسب ما أكده الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للأمن، المنعقد، الأربعاء الماضي.
وأثبتت العدالة الجزائرية لحد الآن، أن لديها اليد الطولى في متابعة المطلوبين لديها، والمتواجدين بالخارج، معتقدين أنهم في حصون محصنة، على غرار اللجوء السياسي أو امتلاك جوازات السفر الأجنبية، أو الاختباء تحت مظلة المعارضة السياسية.
واستلمت أشخاصا متورطين في جرائم فساد، وتستعد لاستلام آخرين منخرطين في تنظيمات إرهابية، على غرار المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك عبد المومن ولد قدور، وقريبا «الشخص» الفار إلى إسبانيا أين امتهن التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعية والمشاركة في إعداد مخططات تستهدف أمن الدولة.
وفي السياق، يؤكد القانوني، عمار خبابة، أنه لا يمكن لأي دولة الاستمرار في إيواء أشخاص، ثبت تورطهم في أفعال تهدد الأمن والاستقرار في دول أخرى، وقال لـ»الشعب» إن هذه القاعدة «تحتكم إلى الاتفاقيات الثنائية ولكن إلى القانون الدولي قبل كل شيء».
وأوضح، أن التعامل في هذه القضايا بين البلدان المعنية لا يكون بالتصريحات، «وإنما عبر مؤسسات مخولة قانونا، كالمحاكم ووزارتي الخارجية والعدل، والتي تتولى إعداد الملفات بشكل سليم ومتكامل، لا تبقي للطرف الأجنبي أي فرصة لعدم التعاون».
واستدل بالشخص «الفار» لإسبانيا، و»المتابع» من قبل العدالة الجزائرية بتهم التخطيط لأعمال إرهابية وتبييض الأموال، وقرر القضاء الإسباني، الجمعة، تسلميه للجزائر، إذ من «المؤكد أن الأمر تم بعد تقديم الجزائر لملف متكامل، خاصة مع ضخامة الأفعال التي مست الأمن والاستقرار في البلاد»، يضيف المتحدث.
دول مطالبة بالتعاون
وأكد خبابة، ضرورة الذهاب إلى أبعد حد ممكن في محاكمة المتورطين في الحرائق الأخيرة وجريمة الاغتيال الشنيعة، التي راح ضحيتها الشاب جمال بن اسماعين، من منظمات إرهابية أو مجرمين، «سواء كانوا داخل الوطن أو خارجه، وذلك بما ينسجم والإرادة القوية والملحة التي أبداها الجزائريون في محاسبة المتآمرين على الأمن العام».
وقال: «إن السلطة تقوم بمهامها وبصلاحياتها نيابة عن الشعب، وبالتالي مؤسسات الدولة كلها تتحسس آلام وآمال الشعب الجزائري الذي قدم قراءة جد سليمة للأحداث الأخيرة». في إشارة إلى وعي الجزائريين بحجم المخاطر التي تهدد البلاد عقب الحرائق المفتعلة. وأضاف، بأن تعامل الأجهزة الأمنية كان في مستوى الغضب العارم الذي أبداه المجتمع الجزائري ضد الجريمة البشعة.
ليؤكد أنه وأمام حجم الأفعال المرتكبة مؤخرا، «لا يمكن إلا لدولة تناصب بلادنا العداء التستر على المطلوبين للعدالة». وتابع: «معروف أنه إذا كانت دولة مهددة فعليا في أمنها الوطني من قبل عناصر تقيم على أرض دولة أخرى، فلابد للأخيرة أن تتعاون وتقدم المساعدة لتسليم هؤلاء، وإلا فإنها ستضع نفسها موضع المخالف للاتفاقيات الدولية، وتصبح حاضنة للإرهاب أو عناصر إجرامية».
إجراءات فعالة وسليمة
وأمام افتعال بعض الأطراف لجدل هامشي، بشأن صلاحيات الشرطة في التصريح للرأي العام، ببعض العناصر الأولية لجريمة اغتيال الشاب جمال بن إسماعين، أكد المحامي عمار خبابة أن قانون الإجراءات الجزائرية واضح «ويجيز لضابط الشرطة، بعد حصوله على ترخيص مكتوب من قبل وكيل الجمهورية، بالحديث عن الوقائع».
وفي السياق، يؤكد أن التعامل مع هذه الأفعال الشنيعة التي عرفتها البلاد، جرى بالطرق القانونية المتعارف عليها، عن طريق القبض على المشتبه فيهم، ووضع اليد على المسائل المادية من وثائق وأدوات وهواتف، ثم بعد ذلك تتحول الشبهة إلى القرائن التي تدل على الأفعال وما إذا كانت تتعلق بمنظمة إرهابية أو جماعات إجرامية تخريبية.
وأفاد بأن المرحلة الثانية، تكون مباشرة التحقيقات على مستوى الضبطية القضائية والتي يلجأ فيها إلى استعمال الوسائل القانونية المعروفة، كإصدار الإنابات القضائية وأوامر القبض، حتى يشكل الملف بكافه عناصره المادية، كتصريحات المتهمين والقرائن والوثائق وغيرها.
وبعد تأكيد المجلس الأعلى للأمن، ثبوت ضلوع حركتي «الماك» و»رشاد» الإرهابيتين في الحرائق واغتيال الشباب جمال بن اسماعين، قال خبابة إن «السلطة بما لديها من صلاحيات، ممثلة في وزارة العدل والنيابة العامة، تحرك وتتابع الدعوى العمومية، وكل عناصر الملف بين أيديها، لذلك لما تصرح، تعطي قراءة قائمة على وقاع وعناصر موجودة في الملف».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025