القانون الأساسي.. قرار تاريخي يرســـم مسـارا مهنيا محفزا
حقق قطاع الصحة خلال سنة 2024، العديد من الإنجازات، التي تؤكد حرص الدولة على ضمان خدمات صحية نوعية للمواطن، هذا بالإضافة إلى التكفل الأمثل بمرضى السرطان، من خلال مواصلة مخطط مكافحة مرض السرطان؛ الذي يرتكز على الوقاية لمكافحة الداء، في حين سجلت قفزة نوعية في مخطط التكفل بالمريض الذي سيتم تكملته العام المقبل، لتختتم سنة 2024 بالمصادقة على القانون الأساسي للصحة الذي يعد مطلبا أساسيا منذ سنوات.
تعنى استراتيجية قطاع الصحة منذ سنوات بالتكفل الأمثل بالمريض، مع إعطاء الأولوية لمرضى السرطان الذي يعرف منحنى تصاعديا سنويا، وهذا بالتركيز على المخطط الجديد الذي يرتكز على الوقاية، باعتبارها عاملا محوريا في مكافحة الداء ومسبباته، وهو التحدي الذي استدعى تضافر جهود الجميع للتقليل من عدد الإصابات، خاصة في سنة 2024، إذ عملت الدولة على اعتماد مخطط فعال للتقليل من عدد الإصابات.
استراتيجة الفحص
اعتمدت وزراة الصحة، في إطار استراتيجيتها لمكافحة السرطان، على التحسيس بأهمية الكشف المبكر عن المرض، من خلال التعريف بوسائل الفحص المتاحة وإشراك المواطنين ضمن استراتيجية الفحص، التي تعد ضرورية لمعرفة الداء، خاصة في المراحل الأولى من الإصابة.
وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد اتخذ قرارا يقضي باستحداث هيئة وطنية لمكافحة السرطان، تتكفل بضبط عناصر المبادرة الرئاسية للوقاية ومكافحة السرطان المندرجة في سياق تجسيد التزاماته بحماية صحة المواطن وترقيتها. وكان دور الهيئة يتمثل في تقديم تقارير دقيقة ومفصلة ودورية حول النتائج الميدانية المحققة وأثرها على عصرنة المنظومة الصحية الوطنية وتحسين التكفل بمرضى السرطان على المستوى الوطني، ليتم بناء على تلك المعطيات، اتخاذ كل التدابير اللازمة لتقويم أي خلل مستعجل.
وعملت الحكومة في هذا الصدد، على توفير كافة الإمكانات التي تضمن التكفل الأحسن بمرضى السرطان، من خلال تخصيص 70 مليار دج للصندوق الوطني لمكافحة السرطان، مع الحرص على دعم موارده المالية سنويا، بداية من 2024 بمبلغ 30 مليار دج لتقديم خدمات أفضل.
وفي إطار الاستراتيجية الوطنية المعتمدة لمكافحة هذا الداء وبهدف تعزيز وتدعيم وترقية الصحة بالجنوب والهضاب العليا، تم التخطيط لوضع المصالح الطبية المتواجدة بمركز مكافحة السرطان بأدرار، حيز الخدمة، تلبية لتطلعات وآمال الساكنة بالمنطقة، لاسيما تجنيبهم عناء التنقل نحو الولايات الأخرى.
نتائج إيجابية
من جهة أخرى، أثبت برنامج مخطط التكفل بالمريض نجاعته خلال سنة 2024، بالرغم من بعض النقائص التي عملت الوزارة على تداركها عن طريق هذا المخطط، الذي سخرت له كافة الامكانات المادية والبشرية لإنجاحه وضمان تحسين الخدمة الصحية.
ولم يسجل قطاع الصحة سنة 2024، أي ضعف في مجال هياكل الصحة ولم يعرف أي نقص في الأدوية وصيانة الهياكل الصحية والأدوات والآليات والمعدات، هذا الى جانب الجهود الكبيرة التي قام بها مستخدمو الصحة من أجل الانخراط التام في مخطط التكفل بالمريض.
كما قدمت تعليمات صارمة لتسهيل التكفل بالمرضى على مستوى مصالح الاستعجالات الطبية، حيث أكد الوزير على ضرورة التكفل بالحالات غير المستعجلة على مستوى العيادات متعددة الخدمات المجاورة من اجل تخفيف الضغط على المستخدمين الطبيين، ولأجل أن يتم أخذ الحالات العاجلة بعناية فائقة.
قرار تاريخي
المصادقة على مشروع القانون الأساسي الجديد للقطاع الصحي، الذي صادق عليه مجلس الوزراء مع قانون التربية الوطنية مؤخرا، تنفيذا لتعهد رئيس الجمهورية واستجابة لمتطلبات مختلف الأسلاك المهنية، التي لم تراجع منذ سنة 2008، اعتبرها مهنيو القطاع قرارا تاريخيا أثلج صدورهم.
يأتي مشروع القانون الأساسي الجديد للقطاع الصحي تلبية للرؤى الاستراتيجية ولرسم مسار مهني محفز، تماشيا مع توجيهات رئيس الجمهورية. ويدعم أيضا إرادة تحسين الأداء والخدمة بالمستشفيات والهياكل الصحية ويخدم الحياة المهنية والاجتماعية التي اقترحها الشريك الاجتماعي في مختلف اللقاءات الخاصة بدراسة القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية.
بالنسبة للممارسين الطبيين المتخصصين، فقد استفادوا في إطار هذا القانون من رتبة جديدة في الترقية ومنصب عال جديد، إضافة إلى الحق في ضمان خدمات دراسات وخبرات في مجال اختصاصاتهم لصالح قطاعات نشاطات أخرى، فضلا عن الاستفادة من الإجازة العلمية لسنة واحدة، مع إدراج أحكام انتقالية للتعيين في درجة ممارس طبي متخصص «خارج الصنف المميز».
أما بالنسبة لأسلاك الممارسين الطبيين العامين في الصحة العمومية، فقد استفاد سلكا الصيادلة وأطباء الأسنان من رتبة جديدة مخصصة لحاملي شهادة دكتور في الصيدلة وطب الأسنان، الى جانب استفادة الإسلاك الثلاثة من رتبة جديدة للترقية، ومنصبين عاليين جديدين، واستحداث وظيفة خاصة بالنسبة للأطباء العامين والمتمثلة في «الطبيب المرجعي».
أما بخصوص أسلاك الممارسين الطبيين المفتشين في الصحة العمومية، فقد استفاد المعنيون من إعادة النظر في وتائر الترقية، وفي تصنيف المنصب العالي، نفس الأمر بالنسبة لأسلاك شبه الطبيين في الصحة العمومية.
أما بشأن سلك أعوان التخدير والإنعاش، فقد تم اعتماد مستخدمي التخدير «كتسمية جديدة، إلى جانب استفادتهم من رتبة جديدة في الترقية». وعلى غرار بقية الأسلاك، فقد استفاد سلك القابلات في الصحة العمومية، من إعادة التصنيف في رتبة الترقية الحالية واستحداث منصب عال جديد، مع إثراء وتثمين المهام الموكلة إليهن.
كما استفادت أسلاك أساتذة التعليم في الصحة العمومية، ولأول مرة، من قانون أساسي خاص بهم يمنح امتيازات نوعية، لاسيما بما تعلق برتب الترقية والمناصب العليا، وإعادة تصنيفهم بشكل يتضمن نوعية المنصب.
وتم منح الأسلاك البيولوجيين والنفسانيين العياديين والنفسانيين في تصحيح التعبير اللغوي والفيزيائيين للصحة العمومية رتب ترقية جديدة، الى جانب مناصب عليا جديدة وامتيازات تخدم ديناميكية المهام الموكلة إليهم. مع إعادة النظر في تسمية النفسانيين بتصحيح التعبير اللغوي لتصبح «الأرطوفونيين».
تجدر الإشارة، الى استفادة كل مهنيي القطاع المنتمين للأسلاك سالفة الذكر، من رفع في الأجور والتعويضات وضمان الحماية من جميع أشكال الضغوطات وحق الترقية التكريمية أثناء أو بمناسبة أداء مهامهم خلال الحالات الاستثنائية والأزمات الصحية.
كما تتضمن جل القوانين الأساسية التي تمت مراجعتها أحكاما انتقالية للإدماج، تتماشى مع الأنظمة التعويضية الجديدة الرامية لتحسين الوضعية المهنية والاجتماعية لمنتسبي القطاع.
وعليه، فإن قطاع الصحة اعتمد استراتجية ناجعة طيلة سنوات، لأجل تحسين الخدمات الصحية، لكنها ارتكزت سنة 2024 على التكفل الأمثل بالمرضى، خاصة «مرضى السرطان» وتحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية للعمال، من خلال المصادقة على القانون الأساسي الذي يعد ثورة حقيقة في قطاع الصحة.