على مستوى إقليم ولاية البليدة

غلقٌ تدريجي للمفارغ التي تُلوّث وادي الحراش

البليدة: أحمد حفاف

خطوات نحو تسيـير مُدمج للنفايات والارتقاء بجودة الحيـاة

يُرتقب أن تنطلق أشغال الغلق التدريجي للمفارغ التي تُلوّث وادي الحراش بإقليم ولاية البليدة في غضون أشهر قليلة، وذلك بالموازاة مع تجسيد برنامج تنموي هام في هاته الولاية مما يسمح لها بالانتقال التدريجي نحو التسيير المدمج للنفايات والارتقاء بجودة الحياة.

يتضمن البرنامج مشاريع مٌمولة من الميزانية القطاعية لإعادة تأهيل المفرغة العمومية ببلدية بوقرة “ قارامان” والمفرغة المراقبة ببلدية مفتاح، ومركز الردم التقني ببلدية الصومعة بمبلغ قدره 360 مليون دينار، مع العلم أنه يندرج في إطار إزالة التلوث وإعادة تهيئة الحراش الذي ينطلق من حدود البليدة مع ولاية المدية ويمتد إلى الجزائر العاصمة، وتصّب بمجراه سوائل سبع بلديات من البليدة، وهي حمام ملوان، بوعينان، ولاد سلامة، بوقرة، الشبلي، الأربعاء ومفتاح.
بحسب عرض قدّمته مديرية البيئة وجودة الحياة لوزيرة القطاع نجيبة جيلالي خلال زيارتها للولاية مؤخرا، فقد انطلقت دراسة هذه المشاريع ويرتقب الانطلاق في الغلق التدريجي للمفرغتين بمفتاح وبوقرة ومركز الردم بالصومعة منتصف السنة الحالية، كما انتهت الدراسة لمشروع غلق وتهيئة مفرغة الأربعاء المموّل من قبل الصندوق الوطني للبيئة والساحل بقيمة قدرها 200 مليون دينار، والذي يتضمن إنشاء حوض لاسترجاع عصارة النفايات، وسيتم الغلق التدريجي لهذه المفرغة على مدار ثلاث سنوات بمرافقة الوكالة الوطنية للنفايات.
كما يتضمّن البرنامج الوطني لإزالة التلوّث وتنقية وادي الحراش إلزام المؤسسات الاقتصادية بالتزوّد بأنظمة لمعالجة سوائلها الصّناعية قبل تصريفها في مجرى الوادي، وبلغ عدد هذه المؤسسات بولاية البليدة 107 وحدة انتاجية بحسب حصيلة التفتيش لسنة 2024 التي عرضتها مديرية البيئة، 69 منها في حالة نشاط، و42 وحدة تحتوي على نظام معالجة أو أحواض نظام التجميع، 25 مؤسسة لا تحتاج لهاته الأنظمة، واثنتين في طور إتمام أشغال انجاز نظام المعالجة.
بالإضافة إلى ذلك، استفادت ولاية البليدة في قانون المالية لسنة 2025 من مشروعين لإنجاز محطتين لمعالجة المياه المستعملة التي يخلفها السكان في الجهة الشرقية لولاية البليدة ( نفايات حضرية) وتلّوث وادي الحراش، وسيتم إنجاز إحداهما في بوقرة والأخرى في مفتاح، واللذان يدعمان مجال تسيير المياه واقتصاد المياه بمحطة مماثلة في بلدية بوعينان التي انطلقت قبل أشهر، وتخضع هذه المرافق لوصاية وزارة الموارد المائية والأمن المائي.
في سياق ذي صلة، انتهت خلال الأسابيع الأخيرة من السنة المنقضية أشغال محطة لمعالجة عصارة النفايات المنزلية على مستوى مركز الردم التقني بالصومعة بمبلغ يقارب 200 مليون دينار، وبقدرة معالجة تقدر بـ80 متر مكعب في اليوم، وستنطلق هذه المحطة في التجريب خلال الأيام المقبلة بحضور أعوان للمؤسسة الولائية لتسيير مراكز الردم التقني بغرض تكوينهم في تقنيات التحكم في هذه المحطة التي تشتغل بتوفير مواد كيماوية خاصة، والتي تُحلل عصارة النفايات المركزة كي لا تلوث باطن الأرض والمياه الجوفية، ويمكن لها أن تستقبل كميات العصارة من مختلف الأحواض الخاصة في مراكز الردم الأخرى التي تضمّها الولاية، وتم تمويل هذه المحطة من قبل الصندوق الوطني للبيئة والساحل، وتعتبر هذه المنشأة من بين 33 محطة تم انجازها على المستوى الوطني، وستبقى تشغّل بعد غلق مركز الردم بالصومعة وتحويله إلى مساحة خضراء.

انتقال سلس من الردم إلى التدوير

بنفس الصيغة تم تمويل مركز تحويل النفايات بمركز الردم التقني بالصومعة بمبلغ 80 مليون دينار، وبعد إعداد الدراسة والمصادقة عليه، تعكف حاليا الوكالة الوطنية للنفايات الموكل إليها إنجازه بإعداد دفتر الشروط، ولاشك أن هذا المركز سيحلّ محلّ مركز الردم التقني بالصومعة بعد إغلاقه، كما يُشكل محطة عبور لنفايات الجهة الشرقية قبل تحويلها إلى مركز الردم التقني بواد العلايق أو نحو مؤسسات الرسكلة العمومية والخاصّة.
وحدثت عشية السنة الجديدة انفراجة في تسيير النفايات المنزلية بولاية البليدة بعد استلام مشروع توسعة مركز الردم بوادي العلايق بسعة مليون طن متر مكعب مع تزويده بوحدة للفزر بقدرة استيعاب 120 طن في اليوم، فضلا عن الموافقة على تمويل مشروع توسعة مركز الردم في بلدية عين الرمانة بمبلغ يقارب 6 ملايير سنتيم من قبل صندوق التضامن بين البلديات، وستنطلق دراسته في غضون الأيام القليلة القادمة على مساحة تناهز 1.5 هكتار، والذي سيُخفّف الضغط على مراكز الردم الأخرى المتشبعة بنسبة 250 %.
بحسب مدير البيئة وحيد تشاشي فإن هذه المشاريع التي ستنطلق في غضون أشهر قلائل، وستسمح لولاية البليدة بالانتقال السلس من التسيير الكلاسيكي للنفايات بردمها والتخلّص منها، إلى التسيير الحديث الذي تضمّنه القانون الجديد بما يعرف بالتسيير المدمج للنفايات عن طريق تثمينها وتدويرها باعتبارها منتوجا اقتصاديا خالصا بل ثروة حقيقية، ولهذه العملية فوائد كبيرة للحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها- أوضح ذات المسؤول.
ومن المرتقب، تجسيد مشروع في غاية الأهمية استفادت منه ولاية البليدة ضمن هذه المقاربة الجديدة لتسيير النفايات بطريقة عصرية، ويتمثل في مركبين للفزر الميكانيكي البيولوجي للنفايات المنزلية بتكلفة قدرها 3 مليار دينار وطاقة استيعاب 1000 طن يوميا لكل مركب، مع تخصيص قطعة أرضية للمركب الأول في الجهة الشرقية في منطقة “ذراع التحريات” في بلدية مفتاح والثاني في الجهة الغربية بمنطقة “بلاد بودشور” في بلدية واد جر، علما أنهما قيد الدراسة.
وسيتم على مستوى المركبين العمل بتقنية “البيوميكانيزم” في أوّل تجربة على المستوى الوطني لرسكلة النفايات العضوية (مثل بقايا الخضراوات والفواكه) وتحويلها إلى أسمدة ونظرا لسعة استيعابها الكبيرة، يمكن أن يستقبل مثلا مركب وادي جر كمية من نفايات ولاية تيبازة القريبة منه.
كما يمكن لهاتين المؤسستين إقامة شراكة مع القطاع الخاص من خلال تحويل تلك النفايات بعد فرزها إلى الشركات المختصة في الرسكلة ويقدر عددها بولاية البليدة قرابة 100 وحدة أغلبها من القطاع الخاص، وتنشط في مجالات مختلفة لاسيما تثمين البلاستيك وتدويره، وكذا الألمنيوم والورق والورق المقوّى، فيما تنشط وحدة جديدة في رسكلة المواد العضوية بتحويل بقايا المذابح إلى بروتينات للحيوانات.
وتعتبر المؤسسة الولائية لتسيير مراكز الردم التقني في بلدية بني مراد، أهم المؤسسّات العمومية التي تنشط في مجال تثمين النفايات بل قامت بتصدير كميات معتبرة إلى الخارج، حيث حقّقت عائدات قدرها 120 مليون دينار خلال سنة 2024 المنقضية مقابل نشاطها في الاقتصاد التدويري.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19764

العدد 19764

الإثنين 05 ماي 2025
العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025
العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025