ردّ الفعل الجزائري بغلق المجال الجوي يؤكد الوصول إلى نقطة عدم التسامح مع الخروقات المتكررة
الجزائر أبرزت قوتها العسكرية والاستخباراتية دون تعريض استقرار المنطقة للخطر
قدرة جزائرية على فرض الاستقرار الإقليمي بدون تدخلات أو إملاءات خارجية
على دول الساحل أن تتبنــــــــى دبلوماسية تستند إلى الحوار والتعاون
أكد الخبير في العلاقات الاستراتيجية، نبيل كحلوش، أن الأحداث الأخيرة بين الجزائر ومالي ليست بداية أزمة جديدة، بل هي استمرار لتوترات قديمة، مشيرا إلى أن التصعيد الأخير، مثل غلق الأجواء واستدعاء السفراء، يدل على أن الأطراف المعنية قد استنفدت نسبة معتبرة من خياراتها ولم يعد أمامها سوى التوجه إلى حل نهائي.
أوضح الخبير نبيل كحلوش في تصريح لـ «الشعب»، أن هذه الأزمة لم تحدث فجأة ولم تأت من فراغ، بل هي نتيجة لتراكمات طويلة من الاستفزازات والتجاوزات للطغمة الانقلابية في باماكو، وأن رد الفعل الجزائري المبرر وغلق المجال الجوي والأجواء، تؤكد أنها وصلت إلى نقطة عدم التسامح مع الخروقات المتكررة.
وأوضح المتحدث، أن الجماعة الانقلابية في مالي، التي كانت تعتقد أنها قادرة على الاستمرار في التصعيد، اكتشفت في النهاية أنها استنفدت جميع الأوراق، الأمر الذي جعلها تتخذ خطوات متسرعة وغير مدروسة، وهو ما يعكس فشلها في تقدير التوقيت بشكل صحيح.
أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فقد أشار كحلوش إلى أن الأزمة تزامنت مع تحولات كبيرة. فعلى سبيل المثال، كان استئناف الحوار بين الجزائر وفرنسا بمثابة تحول دبلوماسي مهم لصالح الجزائر، مما ساعدها على تعزيز موقفها في المنطقة، خاصة وأنه تم بطريقة كرست ندية الجزائر ومكانتها في المنطقة كرائد إقليمي.
وأضاف كحلوش، أن الجزائر استفادت من هذه التحولات الإقليمية والدولية، وظهرت كدولة قادرة على حماية مصالحها في المنطقة دون الدخول في صراعات عسكرية وهذا ما أعطاها فرصة لتعزيز مكانتها داخليا ودوليا.
وأشار الخبير إلى أن الجزائر، تمكنت من إبراز قوتها العسكرية والاستخباراتية، مما جعلها قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية دون تعريض استقرار المنطقة للخطر. وأبرزت قدرتها على فرض الاستقرار الإقليمي بدون تدخلات خارجية، هذه كانت نقطة قوية تحسب لصالح الجزائر.
وتابع كحلوش، أن الأزمة بين الجزائر والطغمة الانقلابية غير الدستورية في باماكو، دخلت مرحلة شبه نهائية، حيث لا يوجد مجال للتراجع عن التصعيد بشكل كامل، وأن الحل الوحيد الآن هو التفاوض، مما يجعل الجزائر المستفيد الأكبر من هذه الأزمة، وخرجت منها بمكاسب سياسية ودبلوماسية كبيرة.
وحول تداعيات هذا الصراع على المنطقة، قال الخبير إن استمرار النزاع سيؤثر بشكل كبير على استقرار دول الساحل، ويفتح المجال لزيادة النفوذ العسكري والأمني في المنطقة، مما يعمق الانقسامات بين دولها، وقد يساهم في تزايد الأنشطة الإرهابية والجريمة المنظمة، مما يزيد من صعوبة الوضع الأمني. هذه التحديات قد تؤدي إلى تهديدات مباشرة للاستقرار الإقليمي، مما يستدعي تحركا عاجلاً من جميع الأطراف لإيجاد حلول دبلوماسية فعّالة.
وأشار الخبير إلى أن استمرار هذا النزاع قد يؤدي أيضا إلى تداعيات اقتصادية سلبية، حيث ستتأثر التجارة بين دول المنطقة بشكل كبير بسبب زيادة التوترات الحدودية، وأن إطالة أمد الصراع سيعيق مستقبلا التعاون الاقتصادي بين هذه الدول، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على شعوبها. وحول مستقبل المنطقة، أكد كحلوش ضرورة أن تتبنى دول الساحل سياسة دبلوماسية نشطة تستند إلى الحوار والتعاون المستدام، ويجب على الدول المعنية أن تتجنب التصعيد العسكري، وأن تركز على إيجاد حلول دائمة عبر اتفاقات سياسية.
كما شدد على أهمية تعزيز التنسيق الأمني والاقتصادي بين دول المنطقة، لاسيما في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها النظام الدولي، لأن هذا سيؤدي إلى تعزيز الأمن الإقليمي وتوفير بيئة أكثر استقرارا بالمنطقة.