وزير العدل: الأحكـام الجـديـدة تـوازن بين الوقايـــة والعــلاج وتشديـــد العقوبـات
حمايـة الصحة العمومية بضمـــان التكفل الطبــي والنفسـي للمدمنين وإعــادة إدمــاجهم
حماية الأمـن القومي مـن مخاطر الاستعمـال والاتجــار غير المشروعــين بالمهلوســـات
عرض وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، أمس، مشروع قانون يعدل ويتمم القانون بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني، وأكد أن النص «جاء استجابة للتزايد المقلق للجرائم المرتبطة بالمخدرات والمؤثرات العقلية، رغم صرامة التشريع الحالي»، لافتا إلى أنه يتضمن جملة من الأحكام الجديدة التي «توازن بين الوقاية والعلاج وتشديد العقوبات، مع إشراك مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع المدني في جهود التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة».
لم يعد خافيا تعرض البلاد إلى محاولات مفضوحة لإغراقها بشتى أنواع المخدرات والمؤثرات العقلية، والتي يتم التعامل معها يوميا في الجهات الحدودية الأربع للبلاد.. من البر والبحر.
وإدراكا لتنامي خطورة الظاهرة التي باتت تصنف على أنها بمثابة حرب معلنة على المجتمع الجزائري خاصة شبابه، يأتي مشروع القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والذي يعدل ويتمم القانون المعدل والمتمم لأحكام القانون رقم 04-18 الصادر سنة 2004، ليشدد العقوبات الجزائية على مرتكبي جرائم المخدرات لتصل إلى «أحكام بالإعدام».
وبحسب ما جاء في النص، الذي عرضه وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، فإن العقاب الردعي المشدد، يهدف إلى «حماية الأمن القومي من مخاطر الاستعمال والاتجار غير المشروعين بالمخدرات والمؤثرات العقلية والمعالجة العميقة والقمعية لكل الاختلالات المجتمعية الناتجة عنها»، حسب ما نصت عليه المادة 2 مكرر، كما يهدف إلى حماية الصحة العمومية بضمان التكفل الطبي والنفسي للمدمنين وإعادة إدماجهم في المجتمع، واعتماد آليات للتصدي لظاهرة الإدمان خاصة لدى الشباب، وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر الآفة باعتماد آليات للوقاية والتحسيس يشارك في وضعها مؤسسات وهيئات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، لوضع تدابير وقائية وعلاجية تهدف إلى وضع جميع فئات المجتمع في منأى عن المخدرات والمؤثرات العقلية، إضافة إلى تحصين المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية من آفة المخدرات والمؤثرات العقلية بالتنسيق ما بين القطاعات في مجالي الوقاية وقمع جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، وكذا تحديد الجرائم المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية والعقوبات المطبقة عليها، حسب خطورتها ووضع قواعد خاصة لمتابعتها وقمعها، وتطوير آليات للتعاون الدولي في مجال الوقاية من جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية ومكافحتها.
وتضمن مشروع القانون أحكاما ردعية جديدة، تشدد العقوبات لبعض الجرائم المنصوص عليها في القانون الساري وتجريم بعض الأفعال الجديدة واستحداث آليات جديدة للوقاية من هذه الآفة ومعالجة آثارها، توازن بين الوقاية وعلاج المدمنين وقمع الجرائم ذات الصلة، بإشراك مؤسسات الدولة ومختلف مكونات المجتمع المدني في الوقاية من هذه الآفة.
عقوبة الإعدام
ويقترح مشروع القانون الذي وصل إلى قبة البرلمان، في انتظار عرضه للمناقشة العامة، أحكاما بالإعدام، تناسب خطورة الأعمال والمخدرات أو المؤثرات العقلية المستعملة سيما إذا تعلقت بالمخدرات الاصطناعية أي الصلبة.
وأقر تشديد العقوبات الردعية لتصل إلى الإعدام «في حال أدت الجريمة إلى الوفاة بصفة مباشرة أو أحدثت أضرارا جسيمة بالصحة العمومية، أو اقترنت بظروف تزيد من خطورتها وآثارها على المجتمع وبالنظام والأمن».
ولم يغفل النص في صيغته الجديدة، تسبب المخدرات في «ارتكاب الجريمة في إطار جماعة إجرامية منظمة أو بغرض المساس بالأمن القومي أو خلق جو من انعدام الأمن والإخلال بالنظام العام والأمن العموميين أو بإيعاز أو لصالح دولة أجنبية أو باستعمال السلاح أو التهديد باستعماله، وفي حال ارتكبت الجريمة داخل أو بالقرب من المؤسسات التربوية أو التعليمية أو التكوينية»، وهذه الحالات تشدد العقوبة أيضا إلى الإعدام.
وتشتد العقوبة في حال ارتكبت الجريمة تحت تأثير المخدرات و/أو مؤثرات العقلية حيث يعاقب الفاعل بالحد الأقصى للعقوبة المقررة، مع استبعاد الاستفادة من ظروف التخفيف لا سيما في الحالات التي تؤدي فيها المخدرات أو المؤثرات العقلية إلى الوفاة أو إلحاق أضرار جسيمة بالصحة العمومية.
ويعاقب الفاعل بالسجن المؤبد، إذا ارتكبت الجريمة داخل أو بالقرب من المؤسسات الصحية أو الاجتماعية أو داخل هيئات عمومية أو مؤسسات مفتوحة للجمهور.
ويعدل المشروع العقوبات تبعا للجريمة، لتصبح بشكل مضاعف في بعض الأحيان، إذ تصدر عقوبة الإعدام، عندما تكون الجريمة معاقبا عليها بالسجن المؤبد، والسجن المؤبد عندما تكون الجريمة معاقبا عليها بالسجن المؤقت من عشرين سنة إلى ثلاثين سنة.
كما يقترح المشروع إدراج أحكام جديدة تساعد على التتبع الفعال لجرائم المخدرات والمؤثرات العقلية والأموال الناتجة عنها، منها المنع من السفر إلى حين استكمال إجراءات التحقيق أو الفصل في الدعوى ولهم أن يقرروا حجزها التحفظي. ويمكن المشروع النيابة العامة في الجرائم الخطيرة المنصوص عليه نشر صور ومعلومات عن هوية المشتبه إذا كان ذلك ضروريا للحفاظ على الأمن والنظام العموميين ومنع تكرار الجريمة أو القبض على المشتبه فيهم.
حماية القصر والمؤسسات
يقترح مشروع القانون إدراج مادة جديدة في القانون رقم 2004 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 تقرر عقوبة السجن المؤقت من 20 سنة إلى 30 سنة كل من يعرض الأشخاص القصر وذوي الاحتياجات الخاصة أو يقوم بتوظيفهم أو استخدامهم في نقل المخدرات و أو المؤثرات العقلية أو حيازتها وبيعها أو عرضها للبيع أو التصرف فيها أو استخدامها بشكل غير مشروع.
وتشدد العقوبة إذا ارتكبت الجريمة أمام أو داخل أو بالقرب من المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية أو الصحية أو الاجتماعية أو داخل هيئات عمومية أو مؤسسات مفتوحة للجمهور.
ويطرح مشروع القانون شروط توظيف جديدة لحماية المؤسسات والهيئات العمومية أو التابعة للقطاع الخاص، باشتراط تقديم تحاليل طبية سلبية لعدم تعاطي المخدرات و/أو المؤثرات العقلية في ملفات المترشحين المسابقات التوظيف.
كما تمتد الرقابة إلى المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية، بإجراء الفحوصات الصحية الدورية للتلاميذ وتحاليل للكشف عن المؤشرات المبكرة لتعاطي المخدرات و/أو المؤثرات العقلية، بعد موافقة ممثليهم الشرعيين، أو عند الاقتضاء، موافقة قاضي الأحداث المختص مع إخضاع المعني في حال نتائج ايجابية، للتدابير العلاجية، دون أن يتعرض لمتابعة قضائية، ولا أن تستعمل النتائج لغير الأغراض المنصوص عليها في القانون.
كما ينص مشروع القانون على تعزيز حماية القصر والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص الذين يعالجون إدمانهم على المخدرات و/أو المؤثرات العقلية.
من جهة أخرى، يقترح المشروع إمكانية تقديم تحفيزات مالية أو غيرها لمن يقدم للسلطات المختصة معلومات تفضي إلى الكشف على مرتكبي الأفعال المنصوص عليها في هذا القانون و/أو القبض عليهم أو وضع حد للجريمة.
وينص مشروع القانون، منع الأجنبي الذي يرتكب إحدى الجنايات المنصوص عليها من الإقامة نهائيا في التراب الوطني، مع إمكانية التجريد من الجنسية الجزائرية المكتسبة في حال ارتكاب الجنايات المنصوص عليها طبقا للأحكام المنصوص عليها في قانون الجنسية، وكذا إقرار عقوبات تكميلية إلزامية لاسيما نشر حكم الإدانة.