أستاذ الدراسات الاستراتيجية نبيل كحلـوش لـ «الشعب»:

الجـزائر - مسقط.. تأسيس جـديد لمفهـوم «التعاون العربـي»

سارة بوسنة

أكد الأستاذ والباحث في الدراسات الاستراتيجية نبيل كحلوش، أن التحالف المتنامي بين الجزائر وسلطنة عمان يعكس بداية لمفهوم جديد من التعاون العربي المستقل، مشيرا إلى أن هذا التحالف يهدف إلى بناء توازن استراتيجي في المنطقة، بعيدا عن التدخلات الخارجية، ويشكل خطوة هامة نحو تعزيز الأمن القومي العربي والحد من الصراعات التي تهدد استقرار المنطقة.

أوضح كحلوش في تصريح لـ «الشعب»، أن المشهد العربي الحالي يشهد تفككا متسارعا بسبب الانخراط في محاور إقليمية تخدم مصالح أجنبية على حساب الأمن القومي للدول العربية، وأن الواقع أضر بعدد من الدول وأدى إلى تدمير استقرارها الداخلي، كما هي الحال في بعض البلدان التي أصبحت ساحة لصراعات بالوكالة.
هذا الوضع، وفق كحلوش، استدعى «بروز دول ذات سيادة قادرة على الحفاظ على استقرارها وأمنها، والتأثير في محيطها بعيدًا عن الضغوط والتدخلات الخارجية». مفيدا، بأن الجزائر وسلطنة عمان، بموقعهما الجغرافي والاستراتيجي، قادراتان على لعب دور محوري في بناء توازن إقليمي يواجه هذه التحديات ويعزز من سيادة الدول العربية.
وأشار المتحدث، إلى أن ما يميز هذا التقارب هو أنه لا ينطلق من منطق الاستقطاب أو الصراع، بل من رغبة مشتركة في بناء محور متزن ومستقل، وأن التفاهم بين الطرفين يتجاوز كونه تعاونًا ثنائيًا تقليديًا، بل يعكس توجّها استراتيجيا نحو بناء توازن إقليمي جديد، فبينما يحتفظ كلا الطرفين بسياسة خارجية متزنة وغير خاضعة للضغوط، فإن هذا المحور يمكن أن يشكل بديلا جادًّا للمحاور الصدامية التي أدت إلى إنهاك المنطقة سياسيا واقتصاديا».
وتابع كحلوش قائلا: «حين نمعن النظر في هذا التقارب، نلاحظ أنه ليس فقط تعزيزا للعلاقات بين بلدين عربيين، بل تحرك محسوب ضمن إعادة توزيع النفوذ في الخليج والقرن الإفريقي والتقارب بين الطرفين يمنح أحدهما موطئ قدم استراتيجيًا بالقرب من مراكز اتخاذ القرار في المنطقة، دون أن يكون في قلب التصعيد».
وأضاف المتحدث، بأن العلاقة بين الجزائر وسلطنة عمان، تقوم على أسس عقلانية، فكلاهما يتبنى سياسة خارجية متزنة، ويرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، أحدهما يُعرف بدوره كوسيط هادئ في أزمات المنطقة، وله موقع استراتيجي في أحد أهم الممرات البحرية في العالم.
من جهتها، تتمتع القوة الإقليمية الأخرى -وفق كحلوش- بامتداد دبلوماسي واسع وعمق استراتيجي في المنطقة، هذا التلاقي يمنح الطرفين قاعدة صلبة لتطوير محور مستقل عن التجاذبات التقليدية.
وبخصوص الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، أشار كحلوش إلى أن عدد هذه الأخيرة يمثل خطوة هامة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجزائر وسلطنة عُمان، فقد تم توقيع ثماني اتفاقيات تغطي مجالات حيوية، مثل الطاقة، التجارة، التعليم والاستثمار.
وأضاف كحلوش، أن «من أبرز هذه الاتفاقيات إنشاء صندوق سيادي مشترك للاستثمار، وهو خطوة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث يوفر هذا الصندوق آلية فعّالة لتمويل المشاريع المشتركة دون الاعتماد على التمويلات الخارجية، التي قد تحمل أجندات مشروطة. ويعكس هذا التوجه الثقة المتبادلة بين الجزائر وسلطنة عمان في إمكانات الشراكة الاقتصادية طويلة الأمد».
وأشار إلى أن هذه الاتفاقات ليست مجرد تعاقدات عابرة، بل تعد أساسا لتطوير مشاريع استراتيجية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز المكانة الإقليمية والدولية للطرفين، وأن هذا التعاون يفتح المجال أمام الجزائر وسلطنة عُمان لتوسيع تأثيرهما في المنطقة، بعيدا عن الضغوط الخارجية والتدخلات التي تزعزع استقرار المنطقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19764

العدد 19764

الإثنين 05 ماي 2025
العدد 19763

العدد 19763

الأحد 04 ماي 2025
العدد 19762

العدد 19762

السبت 03 ماي 2025
العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025