جميـع المواد والدروس تحظــى بالأهميــة ولا مجـال للتمييـز بــين “الأساسـي” و”الثانــوي”
ينطلق الامتحان التجريبي لشهادة البكالوريا، اليوم، ويستمر إلى 15 من الشهر الجاري، في حين ينطلق “البيام التجريبي” للسنة الدراسية، ابتداء من يوم الغد ويستمر إلى 14 ماي، وفق رزنامة الامتحان الرسمي التي تتوافق من حيث التوقيت والمدد الزمنية مع تفاصيل امتحان نهاية السنة، وذلك في خطوة تهدف إلى تهيئة التلاميذ بيداغوجيا ونفسيا لهذا الموعد المصيري، الذي سينطلق يوم 1 جوان بالنسبة لشهادة التعليم المتوسّط و15 جوان للبكالوريا.
يجتاز التلاميذ اليوم، امتحان الباكالوريا التجريبي، في حين “البيام الأبيض”، ينطلق غدا، وهما موعدان مهمان لتقييم ما تعلموه طوال السنة الدراسية، هذين الامتحانين اللّذين تم تنظيمهما وفق تدابير بيداغوجية جديدة، سيساعدان على معرفة مستوى التلاميذ الحقيقي واكتشاف النقائص، من أجل معالجتها قبل الامتحان الرسمي المقرّر في 1جوان للبيام و15 جوان للبكالوريا.
وشدّدت الوزارة على أهمية اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإنجاح هذين الموعدين الهامين، في المسار الدراسي لتلاميذ الطورين، مؤكّدة على ضرورة توفير الظروف الملائمة داخل مراكز الامتحان وضمان جاهزية الطواقم الإدارية والبيداغوجية، بالإضافة إلى المتابعة الميدانية للتحقّق من توفّر الإمكانات الضرورية ومعالجة أي مشكلات قد تعيق سير الامتحانات الرسمية.
أما من حيث التنظيم، فقد حرصت الوزارة على أن تكون ظروف الامتحان مشابهة لتلك المعتمدة في شهادة البكالوريا، خاصة فيما يتعلق بإجراءات الحراسة والانضباط داخل القاعات، ويهدف هذا الإجراء إلى مساعدة التلميذ على التأقلم تدريجيا مع الأجواء الحقيقية للامتحانات الرسمية، حتى لا يشعر بالتوتر أو القلق عند اجتيازه الشهادة.
في هذا الصدد، قال الخبير التربوي كمال نواري لـ«الشّعب”، إن ما يميّز هذين الامتحانين عن بقية الاختبارات الفصلية التي جرت خلال العام الدراسي، هو جملة من الإجراءات التنظيمية والبيداغوجية التي تسعى إلى تحقيق أعلى درجات الفعالية، حيث تم الإبقاء على نفس توقيت كل مادة ومدتها، وتخصيص حارسين لكل قاعة لضمان السير الحسن، فضلا عن اعتماد التصحيح الجماعي للأوراق، لتمكين التلاميذ من الوقوف على أخطائهم، وتفادي تكرارها مستقبلا.
وأوضح نواري، أنّ هذين الامتحانين التجريبيّين يساعدان التلاميذ والأساتذة على تحسين مستواهم، لأنه يشبه كثيرا امتحان “الباكالوريا”و”البيام” الحقيقي، فهو يظهر مدى استعداد التلاميذ من حيث المعلومات والثقة بالنفس، ويساعد المدارس على معرفة النقائص واتخاذ الإجراءات المناسبة قبل الامتحان الرسمي.
كما تم إصدار تعليمات لفتح أبواب المؤسّسات طيلة أيام الأسبوع لفائدة المراجعة الجماعية، مع ضمان مرافقة بيداغوجية فعالة، تتضمن تدخلات الأساتذة، وتقديم دعم نفسي وتوجيهي من قبل مستشاري التوجيه المدرسي والمهني، وتشمل هذه الحصص الإرشادية كيفية التعامل مع مختلف الوضعيات التي قد تواجه التلميذ خلال يوم الامتحان، كنسيان الوثائق (الاستدعاء، بطاقة الهوية، البطاقة المدرسية)، أو التعامل مع حالات الغشّ، والتنقل غير المبرّر، أو التعامل مع ورقة الإجابة وتوزيع الأوراق الإضافية.
وأضاف هذه التدابير التربوية والتوجيهية تندرج فيما يعرف بالتحضير النفسي، وهو عنصر بالغ الأهمية في مسار أي مترشّح، لا يقل أهمية عن المراجعة الأكاديمية للمحتوى الدراسي، فالتحضير النفسي يسهم في تعزيز ثقة التلميذ بنفسه، ويقلّل من حدة التوتر والقلق المرتبطين بالامتحانات، ممّا يمكنه من استغلال قدراته المعرفية بشكل أفضل.
هذان الامتحانان التجريبيان فرصة حقيقية للتلميذ لتقييم مدى تحضيراته منذ بداية السنة الدراسية، فهو يكشف عن نقاط القوة والضعف في كل مادة، ويوفر فرصة ثمينة لاستدراك النواقص في الفترة المتبقية قبل الامتحان الرسمي، ولهذا السبب، صدرت تعليمات للأساتذة بأن تكون طبيعة الأسئلة مماثلة لما يطرح في الامتحان الرسمي، وأن تصحّح الأوراق بطريقة “الإغفال”، أي دون معرفة صاحب الورقة، وقد يستحسن أن تصحّح من طرف أستاذين من نفس المؤسّسة، لضمان النزاهة والشفافية.
وفيما يتعلق بمغادرة التلاميذ مقاعد الدراسة بعد انتهاء الامتحان التجريبي، أفاد كمال نواري أنّ بقاءهم إلى غاية نهاية شهر ماي ضروري لسببين أولا للتصحيح الجماعي والمشترك مع الأساتذة لكل المواد، وهو ما يعزّز الفهم ويضمن تجاوز الأخطاء خلال “شهادة البيام”. ثانيا، من أجل تنظيم حصص مراجعة جماعية تركّز على تعميق الفهم، وتثبيت المعلومات، وتصحيح الاختلالات المسجّلة خلال الامتحان التجريبي.
وأكّد الخبير التربوي في الختام، أنّ جميع المواد الدراسية والدروس تحظى بالأهمية ذاتها، ولا مجال للتمييز بين ما هو “أساسي” وما هو “ثانوي”، أو اعتبار بعض الدروس “مهمة” وأخرى “غير مهمة”، فكل ما تم تقديمه خلال الحصص الدراسية الحضورية على مدار السنة قابل لأن يكون موضوع سؤال في الامتحان، وفي هذا السياق، يبقى التلميذ محور العملية التربوية، ودور المختصين يكمن في دعمه ومرافقته بكل وعي ومسؤولية، لضمان وصوله إلى الامتحان الرسمي وهو في أتم جاهزيته النفسية والمعرفية.