أكّد رئيس مصلحة التعاون بوكالة أمن الأنظمة المعلوماتية، بوزارة الدفاع الوطني رابح نسيم اكلف، أمس، أنّ الاستراتيجية الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية والتحوّل الرقمي وجهان لعملة واحدة، وجاء كاستجابة واعية من الجزائر لمجابهة تحديات الأمن السيبراني المتنامية، من خلال إعداد منظومة متكاملة تهدف إلى حماية الأنظمة المعلوماتية الوطنية والهياكل الحساسة وتدعيم التحول الرقمي المستدام.
وقال رئيس مصلحة التعاون بوكالة أمن الأنظمة المعلوماتية في مداخلته، خلال أشغال اليوم الإعلامي للإعلان الرّسمي عن مضمون الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، بالمركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة، إنّ «المشهد السيبراني العام يتّسم بتضاعف التهديدات السيبرانية التي تستهدف الأنظمة المعلوماتية الحكومية والخاصة، وأيضا الأنظمة المعلوماتية ذات الأهمية الحيوية»، جراء انتشار التكنولوجيا الرقمية وتسارع وتيرة الرّقمنة على الصعيد الدولي، مشيرا إلى بروز مفهوم السيادة الرقمية الذي يعد تحديا معقّدا في فضاء رقمي أصبح فضاء سيبرانيا، ومسرحا للعمليات السيبرانية لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا بالانتماءات العرقية ولا بالاعتقادات الدينية ولا حتى بالقوة العسكرية.
وذكر أمثلة عديدة على الهجومات السيبرانية، على سبيل المثال لا الحصر، الهجوم السيبراني على دولة إستونيا الذي شلّ كل مكوناتها الحكومية، وهو أول هجوم سيبراني واسع النطاق على دولة ذات سيادة، والذي أدى إلى اتخاذ قرارات حتى داخل حلف الناتو في السيبراني، وأدى إلى إنشاء مركز التميّز للدفاع السيبراني التعاوني التابع لحلف الناتو، وهناك هجمات سيبرانية استهدفت أنظمة التحكّم الصناعية في منشآت نووية إيرانية.
أما على الصعيد الوطني، فأبرز اكلف أنّ الأنظمة المعلوماتية الوطنية ليست في منأى عن هذه التهديدات السيبرانية المختلفة الأشكال، وهذا راجع مثلما قال: «لانخراط مختلف القطاعات في ضرورة تسريع وتيرة التحول الرقمي في جميع الميادين، تواجد معتبر للأنظمة المعلوماتية الوطنية عبر شبكة الأنترنيت، والعدد المتزايد لمستعملي شبكة الأنترنيت بالجزائر»، مبرزا أهم التهديدات التي تواجه التحول الرقمي في الجزائر، وهي الهجمات المدعومة من طرف الدول لغايات الاستعلام وتوجيه الرأي العام، نشر المعلومات المغلوطة، التجسّس، اتساع مساحة الهجمات تناسبا مع زيادة الرّقمنة وانتشار استعمال أنترنيت الأشياء، التقارب بين تكنولوجيات الرّقمنة والتكنولوجيات العملياتية، انتشار برمجيات الفدية باستعمال تقنيات جدّ متطورة، وكذا ظهور تهديدات مرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة على غرار الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السّحابية، تكنولوجيا الجيل الخامس.
أمام هذا المشهد التكنولوجي المعقد، واستشعار لهذه المخاطر، قال اكلف: «إنّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اتخذ قرارا بوضع المنظومة الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية بموجب المرسوم الرئاسي 20-05 المؤرخ في 20 جانفي 2020، لمجابهة التهديدات السيبرانية»، وتترجم هذه المنظومة من خلال الاستراتيجية الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية التي تهدف إلى حماية الأنظمة المعلوماتية الوطنية والبنى التحتية الحساسة، وتعزيز القدرات الوطنية للوقاية والكشف والاستجابة للحوادث السيبرانية وتأطير قانوني وتنظيمي ملائم للأمن السيبراني، وتنمية الكفاءات البشرية المتخصّصة وترقية البحث والتطوير وتعزيز التعاون الوطني والدولي.
ومن أهم وأبرز منجزات المنظومة الوطنية وفق ما أوضح اكلف، إعداد الإستراتيجية الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية والموافقة عليها، من أجل ضمان حماية الأنظمة المعلوماتية الوطنية والهياكل الحسّاسة وضمان مرونتها، وبالتالي ضمان التحول الرقمي الآمن للجزائر والحفاظ على سيادتها، ومن هنا تمت صياغة رؤية الإستراتيجية لضمان المرونة السيبرانية، من خلال تعزيز القدرات الوقاية والكشف والاستجابة للحوادث السيبرانية لدعم التحول الرقمي في الجزائر، والحفاظ على السيادة الرقمية للبلاد.
وأوضح أن المبادئ التوجيهية التي جاءت بها الاستراتيجية الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية تكمن في تعزيز السيادة الرقمية، مرافقة التحول الرقمي، الحفاظ على المكاسب، تشجيع العمل والتنسيق وتشارك الموارد وتحقيق أهداف قابلة للإنجاز في آجالها المحدّدة.
وتتضمّن الاستراتيجية الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية حسب المتحدث، أربع محاور، المحور الأول يتمثل في القدرات التقنية العملياتية ويهدف إلى تدعيم حماية أنظمة المعلوماتية الوطنية، والبنى التحتية الحساسية وكذا تعزيز القدرات التقنية العملياتية الوطنية، للوقاية والكشف والاستجابة للحوادث، المحور الثاني: الإطار القانوني والتنظيمي والمعياري ويهدف إلى تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي ووضع إطار معياري، المحور الثالث: التكوين والبحث والتطوير والتحسيس ويهدف إلى تطوير موارد بشرية مؤهّلة في مجال الأمن السيبراني، وترقية البحث والتطوير والابتكار في هذا المجال، ترسيخ ثقافة الأمن السيبراني، والمحور الرابع: التعاون الوطني والدولي بهدف تعزيز التعاون والشراكة الوطنية وتنظيم التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني والمساهمة في إعداد القوانين والمعايير في هذا المجال، وترقية الجزائر إلى مصاف الدول الكبرى في مجال الأمن السيبراني.
واستعرض ممثل وزارة الدفاع الوطني بالمناسبة، بعض المشاريع التي أشرفت عليها وكالة أمن الأنظمة المعلوماتية في مرافقة التحول الرقمي، أهمها التعاون الوثيق بين الوكالة والمحافظة السامية للرقمنة، في تجسيد مشاريع رقمية ذات أهمية استراتيجية وبعد وطني منها مركز البيانات الوطني، الحوسبة السحابية الوطنية، المرجع الوطني لأمن المعلومات، البنية التحتية للشبكة السيادية، الإطار القانوني للتوقيع والتصديق الالكترونيّين، منصّات الإستضافة الرقمية، إعتماد مزودي خدمات التدقيق وغيرها.
وخلص إلى التأكيد أنّ التحوّل الرّقمي الآمن هو عملية تبني التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات الحكومية وتعزيز الاقتصاد، مع ضمان حماية الأنظمة المعلوماتية والبنى التحتية من التهديدات السيبرانية، عبر إطار تشريعي وتنظيمي متين وبنية تحتية رقمية مؤمنة، وتنمية الكفاءات الوطنية، بهدف تحقيق كفاءة أعلى وثقة مجتمعية وسيادة رقمية تحافظ وتصون مصالح الدولة وأمنها في العصر الرقمي.