تشخيص هيكلي لمبنى نموذجي... خطوة أولى نحو نموذج وطني
نحو تطويـر نمـوذج جزائــري للتقييــم الزلـزالـي
يعمل خبراء يابانيّون وجزائريّون حاليا على مشروع تجريبي يهدف إلى تعزيز قدرة صمود المباني في وجه الزلازل، ويعد هذا المشروع الذي يحظى بدعم الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، فرصة واعدة قد تحدث تحوّلا جذريا في المقاربة الجزائرية لتشخيص وتأهيل المباني القديمة من الناحية الزلزالية.
خطت الجزائر خطوات أخرى، لتعزيز المنظومة الوطنية للوقاية والتأهّب للأخطار المرتبطة بالكوارث الطبيعية، من خلال مشاريع استراتيجية تجسّد شراكات دولية نوعية، ومن بين هذه المشاريع التعاون النموذجي القائم مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، والذي يندرج في إطار دعم القدرات الوطنية في مجال التقييم الزلزالي وإعادة تأهيل البنايات القديمة.
وفي هذا الإطار، وحسب منشور لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، نفّذت خلال الأسبوع المنصرم عملية تشخيص تقني لمبنى تجريبي، أشرف عليها فريق من الخبراء اليابانيّين بالتعاون مع نظرائهم الجزائريّين، وذلك بهدف تحديد الخصائص الهيكلية لهذا المبنى وتقييم قابليته للصمود أمام الهزات الأرضية، وقد مثلت هذه العملية جزءا من سلسلة أنشطة ميدانية تندرج ضمن مشروع يمتد على مدى عامين، انطلق في سنة 2024، ويهدف إلى نقل الخبرات والتكنولوجيا اليابانية في مجال الوقاية الزلزالية إلى الجزائر.
وقد عرفت هذه العملية مشاركة فاعلة لمجموعة من المؤسّسات الوطنية المختصة، وفي مقدمتها المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى، مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء، المركز الوطني للبحث المطبق في هندسة مقاومة الزلازل، المركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء، والهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء، في تنسيق مؤسّساتي يعكس المقاربة الجزائرية المتعدّدة الأطراف في التصدي للمخاطر الكبرى، بالاعتماد على البحث العلمي والتخطيط الوقائي.
وحسب المصدر نفسه، تم عرض طريقتا التقييم الزلزالي المعتمدة في كل من اليابان والجزائر، ودراسة سبل تعزيزها، بما يساهم في تحسين النموذج الجزائري للتقييم الزلزالي للمباني القديمة والقائمة، وذلك بدعمه بنظام تقني وعلمي للتقوية الزلزالية للمباني قصد تحسين آليات الوقاية من خطر الكارثة، بما يتماشى مع الخصوصيات الجيولوجية والمعمارية للمدن الجزائرية.
ولا يقتصر المشروع على الجانب التطبيقي فقط، بل يشمل أيضا أنشطة تدريبية موجهة للمهندسين والتقنيين الجزائريّين، ممّا يعزّز من رأس المال البشري الوطني في مجال مقاومة الزلازل.
ويولي هذا التعاون أهمية خاصة لبناء القدرات، باعتباره حجر الزاوية في أية استراتيجية مستدامة لمجابهة الكوارث الطبيعية.
ويطمح القائمون على هذا المشروع إلى أن يشكّل المبنى التجريبي نواة لتعميم التجربة على المستوى الوطني، من خلال اعتماد هذا النموذج في تشخيص وإعادة تأهيل البنايات القديمة المعرّضة للخطر الزلزالي، لاسيما في المدن ذات الكثافة السكانية العالية والمباني التاريخية ذات القيمة المعمارية.
يجسّد هذا المشروع نموذجا ناجحا للتعاون الدولي المبني على تبادل المعرفة والخبرات، ويعكس التزام الجزائر بتطوير منظومتها الوطنية للحدّ من أخطار الكوارث، من خلال حلول علمية وهندسية متكيفة مع السياق المحلي تبني مجتمعات أكثر أمانا وقدرة على الصمود.