الدبلوماسية الجزائرية..وقفة جديدة متجدّدة إلى الجانب الصحيح من التاريخ
جدّدت الجزائر، مواقفها المندّدة بالأعمال العدوانية للكيان الصّهيوني في الشرق الأوسط، وآخر إعتداء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحذّرت من فقدان الأمم المتحدة وتحديدا مجلس الأمن الدولي، للغاية الأساسية من وجدوها في ظل التنصل الفاضح لهذا الكيان من كل المواثيق الدولية.
تقف الدبلوماسية الجزائر، مرة أخرى إلى الجانب الصحيح من التاريخ، وذلك بإعلان تضامنها مع إيران ضد العدوان الصّهيوني وحرصها المستمر على صون القانون الدولي والإنساني.
وأثبت تطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط صحة التحذيرات الاستباقية، التي أطلقتها الجزائر منذ ما يقارب السنتين، بخصوص الحصانة الممنوحة للكيان الصّهيوني وتمتعه بامتياز الإفلات من الحساب والمتابعة أمام الهيئات القضائية الدولية.
وبعد غزة وفلسطين امتدت أعماله العدائية في القتل وإشعال النيران إلى لبنان ثم سوريا، والآن إيران. كل ذلك أمام أنظار المجموعة الدولية وبدعم واضح وغير مبرّر من أطراف معروفة تدعم عدوانه وتحاول إنقاذه في كل مرة، إدانة المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة.
ومن مقعدها في مجلس الأمن الدولي، دائما ما قدّمت الجزائر عن طريق بعثتها الدائمة بقيادة السفير عمار بن جامع، تشخيصا دقيقا للمرض العضال الذي أًصاب مفاصل الأمم المتحدة وأقوى أجهزته التنفيذية، بحيث جعلها غير قادرة على التصرّف أو التحرّك.
وحذّر بن جامع في أكثر من مناسبة، من أنّ صمت مجلس الأمن حيال الإجرام الصّهيوني في غزة، غير مقبول لا أخلاقيا ولا قانونيا، وسيتطور إلى فقدان المصداقية والغاية الأساسية من استحداث منظمة الأمم المتحدة، بعد الحرب العالمية الثانية.
بن جامع، جدّد الجمعة، إدانة العدوان الصّهيوني على إيران، وقال في كلمته أثناء اجتماع لمجلس الأمن حول موضوع “الأخطار التي تهدّد السلام والأمن الدوليّين”، إنّ الإعتداء غير مبرّر ويمثل انتهاكا “فاضحا” لميثاق الأمم المتحدة.
وامتدادا للتحذيرات التي سبق وأطلقتها الجزائر، لفت السفير عمار بن جامع إلى نقطة في غاية الأهمية تتمثل في استهداف الكيان الصّهيوني لمنشآت نووية إيرانية خاضعة “لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية”. وقال مستغربا ومستهجنا في الوقت ذاته: “إذا كانت هذه الضمانات وإذا كان تواجد مفتشين دوليّين على الأرض في إيران لا تضمن حماية هذه المنشآت، فهذا يعني أنّ مصداقية كامل منظومة عدم الإنتشار النووي على المحك اليوم”.
وما نبّه إليه مندوب الجزائر، بالغ الخطورة، فبعد تقلص مصداقية الأمم المتحدة بشكل كبيرة، جاء الدور هذه المرة على واحدة من أكبر الوكالات التابعة لها، والتي تتولى أكثر المهام خطورة على الإطلاق.
وإذا لم يكن لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي تأثير على صناعة قرار الحرب أو السلم، فإنّ العالم مقبل على فوضى ضخمة، لأنّ فقدان المصداقية، يجعل أية دولة تالية في قائمة أهداف الكيان الصّهيوني وبمبرّر حيازة أسلحة الدمار الشامل.
كما يمكن أن ينتج غياب الدور الناجع للوكالة، أثرا عكسيا، إذ من الممكن أن ينهار مبدأ عدم انتشار هذا النوع من الأسلحة في بعض الدول، التي سوف تشعر بالخطر الداهم وتتيقّن من عدم قدرة القانون الدولي والمجموعة الدولية لحمايتها.
الطرح الجزائري بهذا الخصوص، ينمّ عن قراءة سليمة ودقيقة للأحداث ومآلاتها، في حالة عدم استعادة القانون الدولي لسلطته الردعية، وينسجم أيضا مع آراء وتحاليل المجتمع السياسي العالمي.
وحتى في الداخل الأمريكي وضمن معسكر الرئيس دونالد ترامب، هناك وازنة رافضة للتدخل العسكري ضدّ إيران، وتعتبر أنه سيكون خطأ جسيما وغير مبرّر، وآخر من تحدّث عن هذا الأمر، هو الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، الذي أكّد أنّ الحرب على إيران هو أمر يريده المجرم نتنياهو منذ وقت طويل، معتبرا أنها ستكون حربا عبثية مثل سابقاتها يسقط فيها المدنيّين الأبرياء فقط.
كلمة بن جامع، تضمّنت أيضا، إشارة واضحة وصريحة إلى رفض الجزائر للتلاعب بمبدأ استهداف المدنيّين وفق سياسة الكيل بمكيالين، مشيرا إلى نداءات مجلس الأمن الدولي عبر معظم أعضائه ولوائح الجمعية العامة الأممية التي أدانت الهجمات الوحشية للكيان الصّهيوني ضد المدنيّين في غزة منذ أكتوبر 2023.
ومع كل هذه النداءات والمطالب والمسارات القضائية من خلال محكمة العدل الدولية، لم يتوقّف الكيان المجرم عن حرب الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في غزة، إلى غاية اليوم، بينما يحاول الترويج لسردية استهداف إيران للمدنيّين.
وفي جميع مداخلات البعثة الجزائرية الدائمة لدى الأمم المتحدة، بخصوص الأمن والسلم الدوليّين، تحذيرات جادة بخصوص انهيار النظام الدولي، بفعل إفلات كيان واحد من العقاب، في كل مرة، ما يضع الأمن العالمي والإقليمي على المحك.