الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية لتحقيق العدالة والمساواة
تعزيز الشراكات العالمية من أجل حماية اجتماعية شاملة ومستدامة
ضمان تكافؤ الفرص في التوظيف والاستثمار ومرافقة الفئات الضعيفة والهشّة
مقاربة ترتكز على تحسين نوعية الخدمات ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن
الوقوف صفّا واحدا في وجه الانتهاكات التي تعصف بمقوّمات الكرامة الإنسانية
بتكليف من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أشرف الوزير الأول نذير العرباوي، أمس، على افتتاح أشغال المنتدى العربي الرابع للمساواة، وذلك بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال»، ونظم المنتدى بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، تأكيدا على التزام الجزائر بقيم العدالة والمساواة وتعزيز أطر التعاون العربي والدولي في هذا المجال.
أكّد الوزير الأول في مستهل كلمته، أن الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تكرس الطابع الاجتماعي للدولة كمبدأ ثابت وراسخ حافظت عليه الجزائر منذ استقلالها، وعملت باستمرار على تكييف مضامينه وآلياته مع المتطلبات الآنية والمرحلية، وفق المقتضيات والمستجدات الداخلية والدولية.
أشار العرباوي إلى أن الجزائر تبنت سياسات عمومية موجهة أساسا لتعزيز ضمانات تحقيق المساواة بين كل المواطنين في توفير ظروف حياة كريمة لهم، لاسيما من خلال تكريس الاستفادة بالتساوي من الخدمات الضرورية، وضمان تكافؤ الفرص في مجال التوظيف والاستثمار، واستحداث العديد من الآليات الموجهة لدعم ومرافقة الفئات الضعيفة والهشة، ومضاعفة الجهود لحماية القدرة الشرائية للأفراد والأسر.
وأبرز العرباوي أهمية هذا المنتدى في دراسة أفضل السبل لمساندة ودعم الفئات الضعيفة والهشة، والبحث عن حلول واقعية ومقاربات جديدة تساهم بشكل مباشر وفعال في تقليص فجوة اللامساواة، قصد بناء مجتمعات صامدة ومزدهرة ومتضامنة وتعزيز الشراكات العالمية من أجل حماية اجتماعية شاملة ومستدامة.
وأردف الوزير الأول أن نظام الحماية الاجتماعية الجزائري يعد جزءا لا يتجزأ من نموذج تنموي متميز، مكن الجزائر من تبوّئ مرتبة ريادية على المستوى القاري في مؤشر التنمية البشرية وتحقيق قفزة نوعية في مجال الحماية الاجتماعية، باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، من خلال توفير تغطية اجتماعية شاملة ترتكز على دعم الفئات الأكثر احتياجا. وترتكز محاورها الرئيسية -حسب الوزير أول- في التعزيز المتواصل للطابع الاجتماعي للدولة بوصفه مبدأ ثابتا خلده بيان أول نوفمبر 1954، الذي أرسى أسس سياسة الحماية الاجتماعية المبنية على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، والذي رسخته الدساتير الجزائرية المتعاقبة وخاصة دستور سنة 2020 الذي توسع بشكل خاص في مجال تعزيز ضمانات تجسيد هذا التوجه.
وقال العرباوي، الحكومة في إطار تجسيد برنامج رئيس الجمهورية تعمل على تعزيز المكتسبات الاجتماعية خاصة فيما يتعلق بتلبية الحاجيات والخدمات الأساسية للمواطنين، مع تبني مقاربة ترتكز على تحسين نوعية هذه الخدمات وجودتها وضمان المساواة في الوصول إليها، فضلا عن دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
يضاف إلى ذلك، قطاع السكن الذي يحظى بأولوية خاصة من خلال عديد البرامج السكنية بمختلف الصيغ، سيما السكنات الاجتماعية، وجهود تعزيز الربط بشبكات المياه والغاز والكهرباء، والعمل على تحقيق الأمن الغذائي والمائي وتحسين جودة الحياة.
وأشار الوزير الأول إلى توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية وعدم إقصاء أي فئة من المجتمع، وذلك من خلال تغطية شاملة لجميع الأفراد والفئات بشكل يضمن حصول الجميع على الحق في الحماية من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية، مع التركيز على الحد من بعض المخاطر كحوادث العمل والبطالة، بالإضافة إلى تأسيس منحة البطالة الموجهة لدعم الشباب الباحث عن العمل، ودعم الأمومة من خلال تمديد عطلتها إلى خمسة أشهر، تعزيزا للحماية الاجتماعية للمرأة العاملة، ووضع برنامج خاص لفائدة الأسرة المنتجة قصد تمكينها اقتصاديا، وتعزيز مساهمتها في التنمية، وذلك ضمن رؤية شاملة لتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي.
وتضمنت المحاور أيضا - يفيد العرباوي - تجسيد مبدأ التضامن بين مختلف الفئات الاجتماعية باعتباره أداة فاعلة لتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، تسمح بمساهمة الفئات القادرة على العمل في تمويل الصناديق التي تستفيد منها الفئات الأخرى، مع تفعيل جل البرامج الاجتماعية المخصصة لباقي الفئات الهشة، بما يساهم في تحقيق عدالة اجتماعية شاملة.
كما تم وضع - حسب الوزير الأول - إستراتيجية وطنية للتحول الرقمي، تحت شعار «نحو جزائر رقمية’’ للسعي إلى تحقيق تحول رقمي متكامل، تعتبر فيه الحماية الاجتماعية أحد أهم الأولويات، وذلك عبر تسهيل الاستفادة من الخدمات، تكريسا لمبدإ العدالة الاجتماعية، وهو ما يمكّن من اعتماد العديد من الحلول المبتكرة للحماية الاجتماعية التي تمثل أحد محاور هذا المنتدى الهام.
ودعا الوزير الأول، إلى تكثيف الحوار حول موضوع المساواة، ولاسيما بين واضعي السياسات العمومية والخبراء ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية وخارجها، مؤكدا أن مبادئ المساواة وعدم التمييز هي من صميم أصول حقوق الإنسان، وأن هذه الحقوق ليست حكرا على دول أو مجموعات بعينها، معربا عن استعداد الجزائر لتقاسم تجربتها الوطنية في هذا المجال، وذلك امتدادا لجهودها الدؤوبة في سبيل دعم التنمية في دول الجنوب، لاسيما في جوارها المباشر، من خلال مشاريع في مجالات التعليم والرعاية الصحية والبنى التحتية.
وأشار العرباوي إلى مرافعة بلادنا المستميتة لتكريس المساواة بين الدول في الوصول إلى مصادر تمويل التنمية والتكنولوجيا، واللقاحات والمساعدات التقنية لمجابهة مختلف المخاطر والتحديات، وعلى رأسها تلك التي يفرضها التغير المناخي.
ولدى تطرقه للسياق الدولي بالغ الخطورة والتعقيد الذي ينعقد فيه هذا المنتدى العربي وما يتسم به من تفاقم التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، شدد الوزير الأول على ضرورة تجديد العهد مع القيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الدولي، والوقوف صفا واحدا في وجه مختلف الانتهاكات التي تعصف بأبسط مقومات الكرامة الإنسانية، وبالمبادئ والأسس التي يقوم عليها القانون الدولي.
وسيعكف المشاركون في هذا المنتدى الذي ينعقد تحت شعار «حوار وحلول» وتستمر فعالياته اليوم على مناقشة ودراسة عدد من الإشكاليات المتعلقة بقدرة أنظمة الحماية الاجتماعية على معالجة أبرز أشكال عدم المساواة، واستعراض تجارب الدول العربية في مساعيها لتقليص فجوة عدم المساواة، فضلا عن التطرق لأفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.