وزيـرة العلاقات مــع البرلمـان الأستاذة كوثــر كريكــو تكتب لـــ”الشعــب”:

الجزائـر المنتصـرة..استقـلال يتجسّد بترسيـخ السيـادة الوطنيـة

إصـدار عشـــرات القوانـين لامسـت أولويــات المواطـن

في كلّ خامس جويلية من كلّ سنة، تتجدّد في وجداننا أسمى معاني الاعتزاز بالانتماء لوطنٍ سيّد، دفع من أجل حريته ثمناً غالياً من دماء أبنائه البررة. إنّها الجزائر المنتصرة.
إنّ الخامس من جويلية ليس مجرّد يومٍ في الرزنامة الوطنية، بل هو نقطة تحوّل في مسار الشعوب المكافحة من أجل الحرّية. هو اليوم الذي استعادت فيه الجزائر سيادتها، انتصارا لم يكن هبّة، بل نتيجة مسار طويل من المقاومة والكفاح بثورة مجيدة حرّكت الضمير الإنساني، وأرغمت المستعمر على الرحيل، لتبدأ مسيرة التشييد لبناء دولة متينة بمؤسساتها، متماسكة بوحدة شعبها، قوّية ببسالة جيشها تحت قيادة رشيدة متبصرة لرئيسها.
ومن بين أعمدة هذا البناء التنموي، تبرز النهضة التشريعية التي شهدتها الجزائر منذ الاستقلال، والتي ضمنت استمرارية واستقرار سير المرفق العام ومواكبة التحوّلات الوطنية بعد أن رُسِّخَتْ قناعة الإرادة السياسية بضرورة تفعيل الإرادة الشعبية، المستمدة من بيان الفاتح من نوفمبر 1954، وإقامة مؤسسات شعبية حقيقية تُشرك المواطن في تسيير شؤونه العامة.
 فجاءت الدساتير المتعاقبة لِتؤسّس لهذا المسار، وتعكس تطلعات المجتمع عبر مختلف المراحل التاريخية لاسيما دستور نوفمبر 2020، الذي كان وليد حراك شعبي مبارك نادى بالتغيير والإصلاح، وعبّر عن طموحات وطنية واعدة. هذا الدستور لم يكن مجرد نصّ قانوني فحسب، بل لبنة أساسية في بناء ركائز الجزائر الجديدة، كما تعهّد به السيد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ توليه مسؤولية قيادة البلاد في ديسمبر 2019 بالتزامات مقنّنة جُسِّدَت عبر منظومة قانونية نابعة من الإرادة الشعبية، ومُؤطرّة عبر غرفة تشريعية مزدوجة وبتنسيق وظيفي فعّال من وزارة العلاقات مع البرلمان.
ولقد شهدت الدورة التشريعية الممتدة من سنة 2021 نشاطًا نيابيًا وتشريعيًا مكثفًا، تُرجم باستصدار عشرات النصوص القانونية التي لامست أولويات المواطن، وعالجت حاجياته الآنية. وقد تجلّى التنسيق المثمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، سواء في مجال التشريع أو الرقابة، ضمن الإطار الدستوري والقانون العضوي المنظم للعلاقات بين الحكومة والبرلمان لاسيما من خلال إقرار العديد من المكتسبات المجتمعية على جميع الأصعدة، وفي مختلف المجالات ممّا يؤكّد بأنّ الشعب حرّ في تسيير شؤونه العامة بكل إرادة سيّدة تتلاءم وثوابته الوطنية وتتواءم والتزاماته الدولية، فكان لتبني مبدأ المناصفة بين النساء والرجال في ميدان الشغل تعزيزا قيّما لمكانة المرأة في مسار التنمية الوطنية، فضلا عن تعزيز مشاركة الشباب في العمل البرلماني، وتدعيمه بإطار مؤسساتي واعد كالمجلس الأعلى للشباب. وهي مؤشرات تؤكد عزم الجزائر على الاستثمار في طاقاتها الوطنية وكفاءات أبنائها الإبداعية.
كما كان لتوسيع صلاحيات البرلمان في اقتراح التشريعات، ترسيخا لثقافة المشاركة الفعلية، وجعل من السلطة التشريعية فضاءً يعكس إرادة الأمة وفقا لما تقتضيه أحكام الدستور.
 وإعلاءً لمفهوم الأعراف المؤسّساتية، جسّد السيد رئيس الجمهورية عديد التقاليد باعتباره أوّل رئيس للجمهورية يقنّن التزاماته الانتخابية كتابة، وكان للسيّد الرئيس الأسبقية في إجراء لقاءات دورية مع الأسرة الإعلامية لشرح التوجهّات الوطنية ومناقشة قضايا الشأن العام بكل شفافية، فضلا عن مبادرته بالاستشارة التشريعية لأهمّ القوانين الهيكلية، وخطابه السنوي أمام البرلمان بغرفتيه، ممّا يُعزّز العلاقة التكاملية القائمة بين مؤسسات الدولة لاسيما التشريعية والتنفيذية. ولوزارة العلاقات مع البرلمان دورًا محوريًا في تفعيل آليات هذا التنسيق المؤسساتي، وتحقيق الانسجام بين السياسات العمومية والتشريعات الوطنية، بما يعزّز الديمقراطية التشاركية ويخدم المصلحة العليا للبلاد.
إنّ الجزائر اليوم تنتصر في كلّ ورشة تنموية تُنجز، في كل إصلاح إداري أو قانوني يُشرّع لخدمة الصالح العام، في كل شاب أو شابة يُفتح لهما أفق الأمل والمبادرة.
ولأنّ الاستقلال يتجسّد بترسيخ السيادة الوطنية في كلّ المجالات، فإنّ الجزائر اليوم تثبّت مكانتها بكلّ ثقة على المستويين الإقليمي والدولي، بدبلوماسية متوازنة، ومواقف مبدئية تناصر القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ولأنّ المواطن هو غاية التنمية ورهان المستقبل، فإنّ الاستثمار في طاقات بناتنا وأبنائنا البررة أينما كانوا لاسيما أبناء الجالية الوطنية بالخارج، يُعدّ أولوية محورية في المسار التنموي.
وفي هذه الذكرى العزيزة، لا يسعنا إلا أن نترحّم بخشوع على أرواح شهدائنا الأبرار، ونحيّي مجاهدينا الأبطال، كما نتوجّه بالتحية والتقدير إلى أفراد جيشنا الباسل، سليل جيش التحرير الوطني حامي الوطن، صائن الوديعة وحافظ أمانة الشهداء، ولكلّ الأسلاك الأمنية العين الساهرة على أمن واستقرار الأمة، واثقين من إرادة وكفاءة شبابنا وشاباتنا في مواصلة مسيرة الأسلاف من خلال البناء والتشييد في كنف مبادئ الجزائر المنتصرة وفاء لوصية الأبرار وعهد الأخيار.
عاشت الجزائر حرّة، أبية، مستقلة، ومنتصرة..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025