تحركوا.. إنهم يموتون جوعا واحترام الكرامة الإنسانية مسؤولية مقدّسة
هذه الصور التي تصعق البعض لا يجوز أن تفاجئنا
ما نطالب به للشعب الفلسطيني نطالب به لكل الشعوب
خبراء الأمم المتحدة وصفوا الممارسات الصهيونية بالأعمال الوحشية
لا يمكن إطعام الناس من السماء بينما تغلق الطرق تحتهم
أطفال يموتون جوعا وبسبب سوء التغذية وأثناء البحث عن الخبز والطعام
استشهاد 61 ألف فلسطيني منذ بداية العدوان و1500 جوعا منذ مـارس
أشهر ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، في وجه العالم صور أطفال من غزة، ماتوا جوعا، وجدد الدعوة إلى إيقاف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن المأساة الجارية ليست صدفة بل «إجرام منهجي».
«..زينب أبو حليب، مسك المذهون، رزان أبو زاهر»... أطفال فلسطينيون، ماتوا من شدة الجوع في غزة!؟... حمل بن جامع، صورهم التي تظهر أجسادهم وكيف اضمحلت جراء التجويع، وأشهرَها أمام العالم.
وبينما كان ممثل الجزائر، رافعا الصور، يتلو أسماء هؤلاء الأطفال الذين يعدون عيّنة من المئات من أقرانهم، انهارت المترجمة الرسمية لقناة الأمم المتحدة، باكية، وأكملت ترجمة كلمة بن جامع بصعوبة.
وقال بن جامع، في جلسة خصصت للوضع في الشرق الأوسط، إن الأطفال الثلاثة ماتوا بسبب سوء التغذية ومن الجوع وأثناء البحث عن الخبز والطعام، وشدد قائلا، إن «هذه الصور التي تصعق البعض لا يجوز أن تفاجئنا».
وأكد بن جامع، أن المؤشر الذي أشار إلى أسوإ السيناريوهات، يتجلى اليوم في غزة، حيث تم عبور عتبات الجوع، وسوء التغذية متفشٍّ بين كل الأشخاص في غزة، لافتا إلى أن الواقع الذي لطالما أنكرته القوة القائمة بالاحتلال، لم يكن سراًّ لأيّ أحد، إذ كان «معروفا وشعرنا به وشعر به وعاشه شعب غزة بشكل يومي».
وأوضح بن جامع، أن «انعدام الأمن الغذائي يؤثر في كل الأسر، والجوع ليس استثناءً، بل صار القاعدة، والحقيقة التي تم طمسها باتت جلية لكل من يراها». وذكر ممثل الجزائر بالأمم المتحدة، مستندا إلى مصادر موثوقة، بأنه منذ الاثنين، استشهد 180 فلسطينيا بسبب التجويع، من بينهم 93 طفلا. مفيدا بالقول، «هذا الواقع لا يمكن نكرانه، هم أشخاص وليسوا أرقاما، كانت لديهم أحلام وكانت لهم أسماء». وأشار -في الوقت ذاته- إلى استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني منذ بداية العدوان الصهيوني في 07 أكتوبر 2023، واستشهاد 1500 منذ شهر مارس كانوا يبحثون عن الطعام.
واعتبر بن جامع أن ما نشهده اليوم ليس صدفة، بل «إنه منهجي». وأضاف قائلا، «فلنسمّها باسمها، هذه إبادة جماعية.. إبادة جماعية.. إبادة جماعية، كما وصفتها أصوات صهيونية، وكما رآها العاملون في المجال الإنساني على الأرض وكما شعر بها العالم بأسره».
واستهجن أولئك الذين مازالوا ينكرونها، وقال: «لا يمكن للجهل أن يبرر ذلك ولا يمكن للصمت أن يبرر الإبادة الجماعية».
ودعا بن جامع في الكلمة مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤوليته، أمام هول المأساة في غزة. ونبه بأن «الأجيال القادمة ستسألنا أين كنتم وغزة تتضور جوعا؟ وأين كنتم عندما مات الأطفال وهم يبحثون عن الخبز والطعام؟ وأين كنتم عندما تم قمع شعب بأكمله باسم الأمن».
لا يجوز أبدا تطبيــع الظلم.. ولا يمكن أن يصبح الظلم خبزنا
وتابع يقول: «التاريخ سوف يسجل. التاريخ، من أخبرنا مرارا حول الحق بالدفاع عن النفس ومن أنكر الجريمة فبات متواطئا فيها ومن التزم الصمت وشهد على هذا الأمر المخزي». وقال بن جامع، إنه «لا يجوز أبدا تطبيع الظلم، لا يمكن أن يصبح الظلم خبزنا اليومي، لذلك ندعو بشكل متكرر إلى وقف إطلاق النار لإنقاذ الأرواح والأمل لدى الفلسطينيين وأحلامهم التي لم يحلموا بها بعد».
وأكد بن جامع -في السياق ذاته- أن الجزائر لا تقف مكتوفة الأيدي، أمام معاناة الإنسانية والبشرية «فأينما حل الألم، صحا ضميرنا له».
وأفاد بأنها تعتبر الحق في الطعام «حقا مقدسا، وليس ميزة؛ حق كرسته المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حق الجميع بظروف عيش مناسبة، وبالحصول على الغذاء والكرامة.
واستنكر بن جامع، محاولة الكيان الصهيوني إنكار وجود مجاعة في غزة، رغم إدانته في 29 جويلية المنقضي من قبل خبراء الأمم المتحدة، الذين قالوا إن «أعمال الكيان في غزة وحشية، وقد يكون مسؤولو الحكومة يرتبكون جرائم بموجب نظام روما وذلك من خلال التجويع، واعتبر أن ما تم السماح به، من مساعدات مؤخرا في غزة. يشكل غيضا من فيض، من الاحتياجات، وأن عمليات الإسقاط الجوي لا تشكل حلا. قائلا: «لا يمكن إطعام الناس من السماء، في حين يتم السماح بإقفال المعابر البرية».
وشدد بن جامع على وجوب فتح كل المعابر وكل الطرق والممرات. مفيد بأن هذا الأمر ليس مطلبا، «فالوصول الإنساني يشكل التزاما قانونيا بموجب اتفاقية جنيف، كما أنه ليس بخدمة وليس بتفاوض ولا يمكن استخدامه كورقة تفاوض مقابل إطلاق سراح الأسرى».
وختم بن جامع كلمته القوية والمؤثرة، بنداء موجه إلى العالم أجمع، وإلى أعضاء مجلس الأمن، تساءل فيه: «أين كنتم عندما كانت غزة تتضور جوعًا؟ أين كنتم عندما مات الأطفال بحثًا عن الخبز؟»، مشددًا على أن «السكوت لا يمكن أن يبرر الإبادة الجماعية». وأكد أن الجزائر تدعو، مجددًا، وبصوتٍ عالٍ، إلى وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم، لإنقاذ الأرواح والأمل والأحلام التي لم تُولد بعد».