تسليم جميع أجزاء المشروع نهاية العام الجاري
الشركات الوطنية اكتسبت خبرة تؤهّلها لإنجاز المشاريع الكبرى
في خطوة تعكس الإرادة السياسية القوية الهادفة إلى المُضي قُدماً في تنمية المناطق الجنوبية، والقضاء على الفوارق التنموية بين الشمال والجنوب، قام وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، جلاّوي عبد القادر بزيارة ميدانية لمشروع الخط المنجمي الغربي الرابط بين بشار وغارا جبيلات على مسافة 950 كلم، أين عاين المشروع انطلاقاً من ولاية بشار ضمن أولى محطّات زيارته للمنطقة، لينتقل بعدها إلى ولاية بني عباس التي تشهد إنجاز أكبر جسر على مستوى إفريقيا، بطول يتجاوز 4.1 كلم بواد الدورة، وصولاً إلى ولاية تندوف التي تفقّد بها العديد من أجزاء المشروع الممتد على مسافة تفوق 500 كلم.
اختتم وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، زيارته إلى ولاية بني عباس بتفقّد مشروع جسر واد الدورة، عند النقطة الكيلومترية 330 باتجاه ولاية تندوف، والذي يندرج ضمن المقطع الرابط بين قرية حاسي خبي وحماقير، منشأة فنية سيتمّ تسليمها شهر نوفمبر من العام الجاري كأطول جسر على مستوى القارّة الإفريقية، بطول إجمالي يصل إلى 4136 متر.
وقد انطلق المشروع في نوفمبر 2024، حيث خُصّص له 154 ألف متر مكعّب من الخرسانة، إضافة إلى 1170 عارضة و26 دعامة و500 عملية تركيب للعوارض، ويُعدُّ هذا الجسر من أبرز المشاريع الاستراتيجية، التي ستعزّز شبكة النقل ببلادنا وتضع حداً نهائياً للانقطاعات المتكرّرة لواد الدورة جراء السيول والفيضانات.
تندرج الزيارة الميدانية للوزير ضمن المتابعة الدورية للمشروع الاستراتيجي من طرف السلطات العليا للبلاد، خاصةً تلك المتعلّقة بتثمين الموارد الوطنية واستغلال الثروة المنجمية، حيث يرتبط الخط المنجمي الغربي بمنجم غارا جبيلات للحديد، الذي يُعتبر أحد أضخم مناجم الحديد بالعالم، والذي يجسّد اللبنة الأولى نحو إرساء شبكة نقل متكاملة موجّهة لخدمة الاقتصاد الوطني، وتربط أطراف الجزائر بعضها ببعض.
في كلمته خلال الزيارة، أعرب وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، جلاّوي عبد القادر، عن تفاؤله بوتيرة سير الأشغال في العديد من أجزاء مشروع السكة الحديدية الرابط بين بشار وغارا جبيلات، مؤكّداً على أنّ المشروع يسير بوتيرة متسارعة شاركت في إنجازه مؤسّسات وطنية باستغلال خبرة الشريك الصيني CRCC.
وقال الوزير إنّ المشروع الذي كان من المقرّر تسليمه نهاية جوان 2026، يشهد تفاوتاً في نِسب الأشغال، مشيراً إلى وجود نقاط ضعف يجب استدراكها في أقرب الآجال خاصةً في ثلاث منشآت فنية، موجّهاً تعليماته بضرورة وضع جدول زمني لسير الأشغال في المشروع إلى غاية تسليمه في موعده المحدّد.
وتابع: «إنّ السلطات العليا أمرت بتسريع المشروع وتسليمه نهاية العام الجاري، داعياً إلى الالتزام بهذه التوجيهات وتسليم كل أجزاء الخط المنجمي الغربي، يوم 31 ديسمبر من العام الجاري، موضّحاً بأنّ زيارة الشطر الرابط بين بشار وواد الدورة على مسافة 400 كلم، «سمحت برسم صورة حقيقية عن المشروع».
مسيرة الألف ميل.. تبدأ بخطوة
يُعد مشروع الخط المنجمي الغربي الرابط بين غارا جبيلات وبشار على مسافة 950 كلم، من أضخم المشاريع الوطنية التي تحظى بمتابعة حثيثة من طرف السلطات العليا بالبلاد، فهي تعكس بذلك المسار الجديد الذي رسمه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامي إلى بناء اقتصاد وطني متوازن وشامل يعمل على تثمين الموارد الطبيعية للبلاد.
أعاد المشروع الذي أعطى رئيس الجمهورية إشارة انطلاقه، خلال زيارته التاريخية الأولى إلى ولاية تندوف، الاعتبار لمنطقة الجنوب الغربي، فقد تجاوز المشروع مرحلة كونه بنية تحتية خاصة بنقل خام الحديد إلى مصانع الشمال، ليتحوّل إلى مشروع جسّد تحوّلاً حقيقياً في الرؤية الاقتصادية والتنموية للجزائر. فولاية تندوف التي لطالما وُصفت بالمنطقة النائية المعزولة جغرافياً عن مراكز التموين، بدأت تعيش مؤخّراً تحوّلات عميقة بفضل هذا المشروع، الذي سيحوّلها إلى قطب منجمي وصناعي بامتياز، فهذا المشروع الممتد على مسافة تقارب الألف ميل، عكس بوضوح النظرة الاستشرافية للدولة.
ولعلّ ما يُضفي على هذا المشروع طابعاً خاصاً، كونه يُنجز في وقتٍ تسعى فيه الدولة إلى ترسيخ أسس «الجزائر الجديدة»، التي تُراعي توزيع التنمية عبر مختلف مناطق الوطن، كجزء من الالتزامات 54 التي تعهّد بها رئيس الجمهورية في عهدته الانتخابية الأولى، هذا التوجه العام في سياسة الدولة، يتجلّى بوضوح في تعليمات السلطات العليا بالإسراع في تسليم الخط المنجمي الغربي، قبل آجاله التعاقدية بستة أشهر، وهي رسالة واضحة المعالم مفادها أنّ ولايات الجنوب في صلب اهتمامات السلطات العليا، فعلاً، لا قولا.
مشروع الخط المنجمي الغربي، الذي كان محلّ زيارة وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية على مدار اليومين الماضيين، يمثّل رافعة اقتصادية، وجسراً لتنمية مناطق الجنوب الغربي، كما يشكّل ذات المشروع، محطّة مفصلية بإسهامه في تنشيط الدورة الاقتصادية محلياً وجهوياً.
مسارات جديدة رسمها مشروع خط السكة الحديدية الرابط بين منجم غارا جبيلات ومدينة بشار، إيذاناً بانطلاق فصل جديد من فصول تنمية المناطق الحدودية ومحطّة متجدّدة من محطات التوزيع العادل للتنمية، فالمشروع الذي انطلق بفكرة تحدّت كل الصعاب، أصبح اليوم واقعاً ملموساً يشهد على قرار صارم للسلطات العليا، لتنمية الوطن والرّقي به إلى مصاف الدول المصنِّعة.
الوعـد الصـادق
استهل ضيف الولاية يومه الثاني من زيارة مسار المشروع بعقد لقاء تقني مع شركات الانجاز، استمع خلاله لشروحات حول مدى تقدّم خط السكة الحديدية في مختلف مقاطعه، أين جدّد الوزير تأكيده على ضرورة الالتزام بتسليم المشروع بتاريخ 31 ديسمبر، بعد تسجيل نٍسب متقدّمة في الانجاز.
التقى جلاّوي على هامش اللقاء بأعيان ووجهاء قرية حاسي خبي، الذين أشادوا بالمشروع الذي وصفوه بـ»الوعد الصادق»، الذي حرص رئيس الجمهورية على تحقيقه خدمةً لسكان المناطق النائية، على طول الطريق الوطني رقم 50 الرابط بين بشار وتندوف.
أعيان القرية أكّدوا لـ»الشّعب» وقوفهم مع المشروع الذي أزاح كل مظاهر العزلة عن حاسي خبي والمناطق المجاورة لها، داعين إلى تسليمه في آجاله المحدّدة وإتمامه بمشروع طريق واد الدورة وازدواجية الطريق الوطني، بهدف التقليل من إرهاب الطرقات.
وخلال يومه الثاني من زيارة العمل والتفقّد، عاين الوزير مصنع العوارض الإسمنتية وورشة التلحيم بقرية حاسي خبي، وبعض المنشآت الفنية على طول مسار المشروع، كما تفقّد أشغال الحفر الكبيرة وعملية وضع القضبان الحديدية ومشروع إنجاز محطة السكة الحديدية بأم العسل.
الخطّ المنجمي الغربي.. جاهز هذا العام
في السياق، أكّد الوزير على الانتهاء من إنجاز 410 كلم من خطّ السكة الحديدية، مع مواصلة الأشغال على قدم وساق في الأجزاء المتبقية البالغ طولها 540 كلم، تحت إشراف مجمّعين هما الشريك الصيني CRCC و»كوسيدار»، ومجمّع SNTP وشركات عمومية أخرى.
ونوّه جلاّوي أنّ دائرته الوزارية قد اتّخذت كل التدابير والإجراءات من أجل تسليم المشروع بتاريخ 31 من شهر ديسمبر المقبل، مشيراً إلى أنّ شركات الانجاز، سواء الشريك الصيني أو المؤسّسات الوطنية، قد التزمت بإنهاء الأشغال وتسليم المشروع نهاية العام الجاري.
وتابع قائلاً إنّ هناك تكاملا وتناسقا بين مختلف شركات الانجاز، مشيداً بما يوفّره مصنع العوارض الإسمنتية من مناصب شغل بلغت 600 منصب عمل، منها 350 منصب يشغله عمال جزائريّون، إلى جانب ما يحقّقه ذات المصنع من إنتاج بتجاوزه عتبة 03 آلاف وحدة في اليوم.
وقال: «هذا المشروع ذو البعد الاقتصادي، الاجتماعي، الأمني والبيئي سيكون بشرى خير للوطن وغرب إفريقيا، بفضل السياسة التي انتهجها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون».
وفي معرض ردّه على سؤال لـ»الشّعب»، أكّد وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، أنّ الشركات الوطنية باتت قادرة على إنجاز المشاريع الكبرى بفضل الخبرة، التي اكتسبتها الإطارات الوطنية العاملة في المشروع الضخم الممتد على مسافة 950 كلم.