محمد ختاوي أستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلامية

مظاهرات 11 ديسمبر 1960 عجلت بمسار التحرر الوطني

ف/كلواز

احياء لذكرى مظاهرات ١١ ديسمبر  ١٩٦٠، نظم «منتدى الشعب»، أمس، ندوة تحت عنوان «مظاهرات ١١ديسمبر، سند قوي للدبلوماسية الجزائرية في معركة استعادة السيادة الوطنية»، نشطها السيد محمد ختاوي، أستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر.

وقال الأستاذ ان المظاهرات لم تكن وليدة ساعة أو انها اعتباطية جاءت هكذا دون مقدمات، بل سبقتها احداث مهدت لها ولانطلاقها، وبدأت في ٩ ماي بعين تموشنت عندما زار الجنرال ديغول المنطقة واختار الولاية لتكون اول محطة له في زيارته للجزائر وربما يتساءل البعض عن السبب، والحقيقة ان عين تموشنت كانت  معروفة بالتواجد المكثف للمعمرين والاقدام السوداء.
وهناك وتحضيرا للزيارة سخرت  السلطات الفرنسية المدنية والعسكرية امكانيات كبيرة ليكون الاستقبال مشرفا ويليق بالرئيس الفرنسي ويعكس التقارير التي وجهت له التي  يُظهر فيها السلطات الفرنسية أن الشعب الجزائري ملتف حول المشروع الاستعماري، وأن الثورة مجرد اعمال عشوائية لعصابات تسكن أعالي  الجبال.
ولكن جبهة التحرير الوطني أرادت ان تكون زيارة عين تموشنت عكس ما يُخطط لها المستعمر فدبرت في اطار الترويج السياسي للقضية الجزائرية  خطة تمر من خلالها رسالة إلى ديغول  فامرت الجزائريين بالانضمام إلى الحشود المستقبلة لديغول بصفة طبيعية ليرتفع صوت الحقيقة عند القاء الرئيس الفرنسي لخطابه اين تعالت الزغاريد، ورفعت الرايات ودوت الحناجر الجزائرية بالاناشيد الوطنية.
وقال الاستاذ ختاوي ان هذه الصورة  جعلت ديغول يصطدم بحقيقة ان الجزائريين لا يعترفون الا بجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي لهم ولا يسيرون الا تحت قياداته الوطنية.
وهنا بدأت القوات الفرنسية بمحاصرة الجماهير الغاضبة رغم انهم كانوا غير مسلحين، ولكن لم يخف ديغول دهشته لان السلطات الفرنسية كتبت له ان الشعب الجزائري ملتف حول السلطات الفرنسية، لذلك اعتبرها مغالطة وتزوير للواقع المعاش في الجزائر.
هذه المظاهرات كانت الشرارة الاولى التي انتقلت إلى العاصمة ومن بعدها إلى قسنطينة، عنابة، وهران وباقي الولايات في التراب الوطني، وضمير حالها يقول ان الشعب الجزائري كان يؤمن بالانتصار الحتمي للقضية الجزائرية وهي تصعيد للموقف الجزائري ومكمل للعمل السياسي والعسكري للثورة الجزائرية وهو تأكيد لتلاحم الشعب الجزائري مع جبهة التحرير الوطني كما تعكس النضج السياسي والوحدة التي تشد المجتمع الجزائري بعضه إلى بعض.
ومن ٩ ماي إلى ١٠ اكتوبر ١٩٦٠ ومن حي بلكور والمدنية (سالمبي سابقا)  انطلقت مظاهرات تعاكس مشروع (الجزائر جزائرية) لديغول، وتشدد على (الجزائر مسلمة)، وبدأت تنتقل إلى باقي أحياء العاصمة التي قسمها الاستعمار إلى عربية واروبية.
أنذاك حاصرت القوات الفرنسية المتظاهرين لمنع العدوى إلى الاحياء الاروبية ولكن كان ذلك دون فائدة، ففي اليوم التالي انطلقت متجهة نحو الاحياء الاوروبية وقام سكان باب الواد بمنع دخول العرب او القوات الفرنسية ولكن حشود الجزائريين انطلقوا من القصبة وذهبوا إلى باب الواد واصطدموا بالاروبيين اين امر الجنرال «قوميو» جنوده باطلاق النار وهنا بدأت الدماء تسيل واختلطت الامور وكانت الحصيلة على ما يزيد عن  ٥٠٠ قتيل و٢٠٠٠ جريح.
وأكد الاستاذ ختاوي، أن المظاهرات كانت لها انعكاسات ايجابية على الثورة وحققت مكاسب ثمينة من بينها، انها تعتبر انبعاث جديد  للمقاومة في المدن الكبرى وتكذيب صريح للسلطات الفرنسية التي كانت دائما تربط العمل المسلح بعصابات تسكن الجبال وتخرجه دائما من المدن الكبرى للجزائر.
وهو تصريح قوي للشعب الجزائري في اقامة الدليل في انه لا يوجد اي قوة سياسية تمثل الشعب الجزائري غير جبهة التحرير الوطني، الأمر الذي دفع بالمستعمر إلى إظهار وجهه الحقيقي الذي تبلور في منظمة الجيش السري الارهابي.
كما كانت المظاهرات رسالة واضحة للرأي العام الدولي تحمل في مضمونها التفاف الشعب الجزائري حول القيادات الثورية لجبهة التحرير الوطني، كما يمكن اعتبارها منعطف قوي للقضية الجزائرية وتدويلها.
واكد السيد ختاوي ان المظاهرات ساهمت في انهاك المستعمر إعلاميا من خلال التقارير التي كانت تبثها من اذاعة بودابست من المجر واذاعة صوت العرب من القاهرة واذاعة تونس وطنجة.
لذلك يمكن اعتبار المظاهرات انطلاقة جديدة للمفاوضات التي انتقلت من السرية إلى العلنية بعد اكتشاف ديغول ان الشعب الجزائري يريد حرية كاملة لجزائر جزائرية، يستقل فيها الشعب بهويته ودينه وأرضه التي لا يفرط في شبر منها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024