أمننا.. خـط أحمـر

خديجة. ط

«نحن فخورون بالجيش الشعبي الوطني»، عبارة على ألسن الجزائريين الذين يقدرون ما فعله أفراد الجيش بعين أمناس، حقّ قدره.. لأن السيادة و«النيف» الجزائري لا يختلف عليهما اثنان. وعندما يتعلق الأمر بهما لا مجال للتّفاوض أو المساومة أو التنازل.
ليس مجرد إعجاب أو فخر من الشعب بجيشه، بل هو تلاحم بين الاثنين لشكلا كيانا واحدا، الجزائر بسموّها وعنفوانها وكبريائها وكرامتها وشجاعتها ومصداقيتها.. الجزائر التي تجاوزت أعتى الصّعاب والأزمات بمفردها.
صمدت، تحدّت، رافعت عن نفسها، خرجت من الأزمة أكثر قوّة ومناعة وحكمة وصنعت لنفسها حاضرا مشرقا ومستقبلا واعدا بالعفو والتّسامح والإخاء والمحبّة بين أفراد الشعب الواحد.. واضعة أمنها خطا أحمرا.. فعندما تحين ساعة الجدّ ويصبح شبرا من بلادنا الحبيبة مهددا يتحمّل الجميع مسؤولياته.
أفراد الجيش الشعبي الوطني.. أبناء الشعب وأبطاله تحمّلوا مسؤوليتهم كاملة في ظرف صعب وعصيب متحلين باليقظة والشجاعة والاحترافية.
لا يمكن لأحد أن يزاود على ما قام به الجيش، فمن ذا الذي كان بإمكانه أن يفعل أحسن من ذلك في موقع قابل للإشتعال في أي لحظة، وفي مجابهة جماعة إرهابية مدججّة بالأسلحة، تحتجز مئات الرهائن جزائريين وأجانب من مختلف الجنسيات.. كلّ التجارب بتحرير الرهائن، أكدت أنه لا مناص من سقوط ضحايا، فالرهينة سلاح في يد مختطفه ومتى فتح باب التفاوض، كانت التصفيات الجسدية أكبر.. الجيش في تدخله السّريع طبّق مبدأ إرباك العدوّ وعدم ترك الوقت له ليتخندق ويسيطر على الموقف، فالعامل الوقت مهم للنيل من العدوّ وتبديد حساباته وضرب مخططه.
الجزائر التي قالت مرارا وتكرارا «لا تفاوض مع الإرهابيين، لم تتراجع عن موقفها المعروف قيد أنملة.. ولم تفرّط في واجباتها تجاه مواطنيها وضيوفها في كل الظروف».
تعرّضنا إلى تعد صارخ من عناصر إرهابية أجنبية لا خيار لنا أمامه سوى التصدّي له بشتى الطرق التي تضمن أمن وسلامة المختطفين.
جاءت نتائج تدخل الجيش بشهادة الخبراء ـ إيجابية للغاية ـ بالنظر إلى السّرعة في الحسم وعدد الضحايا، حيث تجنبت المنطقة كارثة بمعنى الكلمة، بفضل التدخل الناجح لعناصر الجيش.
ما فعله الجيش الوطني ليس من باب (التغنانت) أو استخفافا بالأرواح أو تجاهلا للغير، وإنما هو تحمّل كامل للمسؤولية الملقاة على عاتقه ولواجب الدفاع عن الوطن ومصالحه.
الجيش الشعبي الوطني سليل جيش التحرير الوطني الذي أخرج المستعمر من الباب الضيّق وبقي محافظا على صلابته واحترافيته، اكتسب خبرة كبيرة في مجال محاربة الإرهاب ما يؤهله ليكون مرجعا في هذا الشأن.. ولهذا كان وسيظل مفخرة لشعبه. إلى جانب فاعلية تدخل الجيش، عناصر أخرى دعّمت هذا النّجاح وساهمت في تجسيد الخطة .. ساعد إبعاد الأضواء الإعلامية على الحدث في سدّ الطريق أمام الدعاية المغرضة وأبواق الكذب التي تبدير حروبا بالنيابة، فتوجهها كما تريد حسب الأجندة الموكلة لها.. هذا إلى جانب التصريحات الإعلامية المدروسة ومن المصادر المعنية ـ على رأسها وزارة الاتصال ـ التي كانت القناة التي من خلالها تصدر المعلومات والتي استقت منها جميع وسائل الإعلام الأجنبية معلوماتها.
لقد لقن الجيش الوطني الشعبي، الجماعات الإرهابية ـ أي كان مصدرها وجنسها ومشربها ـ لقنها درسا لن تنساه، مفاده أن من يتعدّى على الأراضي الجزائرية ويحاول ضرب أمنها، لن يخرج منها إلا ميّتا.. أو أسيرا.. لأن الجزائر المتسامحة والمتصالحة مع نفسها وأفرادها، لن تسمح لأي كان أن يهدد أمنها ويعبث بسلامة أراضيها ولقمة عيش شعبها، فقد دفع الجزائريون الثمن باهضا ليحصلوا على هذا المستوى من الأمن والأمان، وكانوا في قمة التسامح عندما استجابوا لنداء المصالحة، عفوا عمّا سلف، لكن أي يد ترفع سلاحها ضد الجزائر مآلها القطع لا محالة، ومن أخذتهم العزّة بالإثم، فليعيدوا شريط الأحداث الأليمة التي مرّت بها خلال أكثر من عشرية، وعندها سيعرفون لماذا لا تفرّط الجزائر في مثقال ذرّة من أمنها وسلامتها.
كل التحيّة والعرفان لمن أداروا عملية عين أمناس، ونقبّل الأيادي التي صانت الأمن.. وحافظت على الأرواح، وهي على استعداد دائما لتحمي ـ بالنفس والنفيس ـ وحدة وسيادة بلادنا الحبيبة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024