حملـت الفرقة الأولى المدرعـة ببريكة إسمــه

الشهيـــد «عبـد الرحمـــان دباش» من مقاعـد الجامعـة إلى شعــاب الجبــــال

نور الدين لعراجي

عائلة دفعت ضريبة الشهادة في ثورة التحرير وفي المأساة الوطنية

أشرف قائد الناحية العسكرية الخامسة اللواء عمار أعثامنية، أول أمس، بحضور السلطات العسكرية وعائلة الشهيد وبعض مجاهدي بريكة وبيطام والمنطقة الرابعة للولاية الأولى التاريخية أوراس النمامشة، بإطلاق اسم الشهيد عبد الرحمان دباش على الفرقة الأولى المدرعة ببريكة لتحمل المنشأة من تاريخ التدشين اسم واحد من الذين صنعوا مجد الوطن ورفعوا شموخه وسجلوا أسماءهم بأحرف من ذهب.
عادت إلى ذاكرة المدينة وإلى سهوبها وجبالها وإلى رفاق الأمس، صورة ذلك الشاب اليافع بالثقة المتشبع بالقيم الوطنية، المدرك جيدا لحساسية الوضع في تلك المرحلة، كيف لا والشهيد عبد الرحمان من الكفاءات الشبانية والطلابية التي حملت على عاتقها رسالة أكبر من سنها، إلا أن الإرادة والتطلع نحو وطن، ينعم بحريته واستقلاله جعلاه، يفلت من قبضة التجنيد الإجباري، الأسلوب الذي وضعته الإدارة الاستعمارية، ضد كل أبناء الشعب وخاصة تلك الفئة المثقفة الحاملة لرسالة العلم والمعرفة، فكان الشهيد من بين أولئك الجزائريين الذين تم تجنيدهم إجباريا، أشهرا قليلة قبل إطلاق أول رصاصة معلنة بداية شرارة الثورة لمجابهة هيمنة الاستغلال والاحتلال، سنة 1954.
ونظرا لمستواه التعليمي الجيد والمتميز، ودراسته التعليمية بجامع الزيتونة بعد حصوله على  شهادة البكالوريا، ومرجعيته الحقيقية في النضال والتكوين السياسي في صفوف الكشافة الإسلامية، وفي جمعية العلماء المسلمين، اللذين تشبع منهما تحصيله التاريخي والسياسي، فكان بحق السند الذي اتكأ إليه ساعة الحسم، عندما قررت الإدارة الاستعمارية، تجنيده داخل الثكنة العسكرية، فألحقته بها في إطار التجنيد الإجباري الذي كانت تمارسه على أبناء جيله.
بقاءه في الخدمة الإجبارية لم يدم طويلا وسرعان ما انتشر خبر اندلاع الثورة في الأوساط الشعبية، وذاع في البراري والفيافي وفي ربوع الوطن، قرر الفرار من الخدمة، حاملا معه كل أمتعته العسكرية واللوجيستيكية ليلتحق بالجبال وبالولاية الأولى أوراس النمامشة وبالمنطقة الرابعة منطقة بريكة برهوم أولاد حناش بوطالب.
رفقة مجاهدي المنطقة من بينهم ضابط الصف يحي لعراجي المدعو الكبيدة والذي كان مقربا من الشهيد وعلاوة مريني وفوضيلي وسرحوني وغيرهم من المجاهدين الذين منهم من  قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
مع استمرار نجاحات الثورة وتحقيقها للمعجزات وكسر شوكة فرنسا التي لا تهزم، دخلت مرحلة التنظيمات المسلحة والسياسية لها، حتى جاء مؤتمر الصومام، موعدا مفصليا في إعادة تنظيم الثورة، فرقي الشهيد عبد الرحمان دباش إلى رتبة ضابط سياسي برتبة ملازم أول، مما سهل له المشاركة رفقة المجاهدين في العديد من المعارك ملحقا فيها خسائر بقوات الاحتلال.
بقي الشهيد على منواله غير مبدل إلى أن سقط شهيدا بجبال قيقبة بتاريخ 08 فيفري1957 بالقرب من  بلدية رأس العيون، في واحدة من أكبر المعارك التي خاضها جيش التحرير، فحقق بذلك الشهادة التي من أجلها حمل معه مبتغاه رفقة أخيه الشهيد دباش عبد المجيد.
للتذكير الشهيد من مواليد 24 أوت 1934 بيطام، ينتمي إلى عائلة كبيرة، قدمت الكثير من أبنائها فداء للوطن على غرار المجاهد حمة دباش والشهيد عبد المجميد دباش ومصالي وعثمان، وبقيت العائلة على العهد غير مبدلة، حتى في عز المأساة الوطنية، فدفعت هي الأخرى شهيد الواجب الوطني الرائد عبد الرحمان الثاني المدعو عزيز وهو ابن أخ الشهيد المدعو رشيد، نفسه رفقة 17 عنصرا من خيرة أبناء الجزائر أرواحهم في سبيل أن ينعم الوطن بالسلم والمصالحة والوئام، وكان ذلك في جانفي 2005.
حملت مبادرة وزارة الدفاع الوطني في تسمية الفرقة الأولى المدرعة، باسم الشهيد عبد الرحمان دباش الكثير من الاعتزاز والفخر لروح الشهيد ولعائلته ولرفاق السلاح ممن خاضوا أمهات المعارك، وهي سنة حميدة دأبت مصالح الجيش الوطني الشعبي في ترسيخها عبر التراب الوطني من خلال نفض الغبار عن تضحيات أفراد أعرق مؤسسة نظامية بقيت واقفة في مجابهة الظلم والإرهاب ومحاربة الجريمة بكل أشكالها، جيش التحرير الوطني سليل الجيش الوطني الشعبي، لإعادة الاعتبار لأشاوس الأمس أبطال ثورتنا المجيدة، ناهيك عن الدور الذي لعبه الشهيد وهو شاب حامل لمشروع معرفي وعلمي اختار سبيل الجهاد طريقا إلى الشهادة والخلود.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025