تمنح المعارضة وسائل تمكنها من لعب دور أوسع

وثيقة تعديل الدستور لتصحيح الاختلالات بين السلطات

حكيم بوغرارة

تمسكت السلطات العليا للبلاد، بأن يكون مشروع تعديل الدستور توافقيا، وفتح باب المشاركة للجميع، حيث تحدث الرئيس بوتفليقة في الاجتماع المصغر أول أمس عن منح وثيقة تعديل الدستور للشخصيات والأحزاب السياسية والجمعيات التي تمت استشارتها خلال تحضيره، كما سيطلع الرأي العام على الوثيقة من خلال وسائل الإعلام.
يسعى الرئيس من خلال تعديل الدستور الذي سيكون محورا لاجتماع مجلس الوزراء شهر جانفي المقبل، إلى إرساء دعائم ديمقراطية هادئة في جميع المجالات، وهذا من خلال تعزيز السلم والاستقرار الاجتماعي، الذي جاء بعد فاتورة غالية جدا، ومنه العمل في الدستور القادم على وضع أمن الجزائر فوق كل اعتبار، خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية التي تمر بها البلاد، ومنه التأكيد على ضرورة الابتعاد عن كل مظاهر العنف في الممارسة الديمقراطية والخطابات السياسية.
ويأتي مبدأ إرساء ديمقراطية هادئة بعد مخلفات ما يسمى بـ«الربيع العربي»، الذي أتى على الأخضر واليابس في مختلف الدول وحديث الرئيس يدخل في سياق تحسيس وتوعية الجزائريين بضرورة الحفاظ على السلم والهدوء الاجتماعيين اللذين يميزان بلادنا.
ومن المحاور التي يهدف إليها أم القوانين هو تعزيز الممارسة الديمقراطية والسياسية وكذا الحوكمة التي تتضمن العديد من المجالات وأهمها محاربة الفساد وإرساء دولة الحق والقانون واتخاذا التنمية كمحور أساسي في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
وسيكون الدستور القادم فرصة لتعزيز الوحدة الوطنية من خلال الحرص على الاهتمام والاعتناء بتاريخنا، والحفاظ على الهوية وقيمنا الروحية في عالم يعرف حروبا وصراعات ثقافية وحضارية تهدف إلى طمس معالم الشعوب والتخلص من كل ثقافة أو حضارة أو أمة تحصن نفسها من أجل البقاء والاستمرار، عالم يعرف عولمة همجية لا ترحم الآخر وترفض كل أنواع الاختلاف والفروقات.
وسيدعم أم القوانين مكانة الشباب الجزائري مساعدته على رفع التحديات من خلال مواد قانونية لينة، تسمح بهامش حريات يتماشى وتطلعات وقدرات الشباب.
ووعدت السلطات بالحفاظ على هامش الحريات وتعزيزها في مجال حقوق المواطن الأساسية، والتي تعتبر مكسبا لا يمكن التراجع عنه، ومن السلطات التي ستتمتع باستقلالية وحرية أكبر هو جهاز العدالة الذي يراهن عليه الرئيس، خاصة بعد إلحاح المواطنين على ضرورة إخضاع الجميع للقانون، وضمان تقاضي عادل ومنصف والذهاب بعيدا في قرينة البراءة، ومحاربة الفساد.
وتحدث الرئيس في محور آخر عن الفصل بين مختلف السلطات وتعزيز استقلالية كل واحدة بما يضمن الانسجام فيما بينها، ويأتي هذا الحديث في ظل التطمينات الكبيرة التي وعد بها الرئيس في الرسائل السابقة، والتي أشارت إلى تبني الكثير من مقترحات المعارضة التي ظلت تطالب بتوسيع هامش ممارسة الرقابة على الجهاز التنفيذي، وهو ما سيكون لها عبر البرلمان، وتقريبا كان هذا مطلب جميع نواب الغرفتين.
وسيسمح الدستور القادم، بتنشيط المؤسسات الدستورية، ومضاعفة مجالات التكامل والتعاون فيما بينها بعيدا عن المناسباتية، ويظهر أن المجلس الدستوري سيستفيد بدوره من هامش كبير لمراقبة مدى تطابق القوانين والتشريعات مع أم القوانين.
وكشف الرئيس عن إقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات لتعزيز الشفافية، وهو المطلب الذي تقاطعت فيه الكثير من الأحزاب عند تقديم مقترحاتها لرئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى.
ما يخوله الدستور للرئيس في الاستفتاء أو تمريره على البرلمان
وتنص المادة 174 من دستور 1996 على «لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدّستوري، وبعد أن يصوّت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بنفس الصيغة حسب الشّروط نفسها التي تطبّق على نصّ تشريعي، يعرض التعديل على استفتاء الشّعب خلال الخمسين (50) يوما الموالية لإقراره. يصدر رئيس الجمهورية التّعديل الدّستوري الذي صادق عليه الشعب».
ويعتبر مشروع الدستور لاغيا في حالة تمريره على الاستفتاء إذا رفضه الشعب الجزائري حسب ما ورد في المادة 175 التي تنص على «يصبح القانون الذي يتضمّن مشروع التعديل الدّستوري لاغيا، إذا رفضه الشعب. ولا يمكن عرضه من جديد على الشّعب خلال الفترة التشريعيّة».
وتحال الوثيقة قبل إنزالها للبرلمان أو عرضها للاستفتاء الشعبي على المجلس الدستوري للبث في مدى دستورية التعديلات من عدمها وهذا حسب المادة 176 التي تقول «إذا ارتأى المجلس الدّستوري أن مشروع أيّ تعديل دستوريّ لا يمسّ البتّة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمسّ بأيّ كيفية التوازنات الأساسية للسّلطات والمؤسسات الدّستوريّة، وعلّل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمّن التّعديل الدّستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان».

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025