المصالحة مخرج الأزمة الليبية
قال رئيس بلدية بوردو الفرنسية، آلان جوبي، إن العلاقات الثنائية بين الجزائر وبلاده، جيدة وممتازة، ودعا إلى التطلع نحو المستقبل والاحتفاظ بالذاكرة المشتركة. فيما أكد أن المصالحة السياسية أساس التوصل إلى تسوية للأزمة في ليبيا.
قال جوبي، في ندوة صحفية، بالقاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي، هواري بومدين، أنه التقى “ بالرئيس بوتفليقة، وتطرق معه، إلى مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية التي تجمع البلدين، إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية”.
ووصف الوزير الأول الفرنسي الأسبق والمرشح للرئاسيات المقبلة، العلاقات الثنائية “بالجيدة والممتازة “، ورفض في ذات الوقت التعليق على الشؤون الداخلية لبلادنا، قائلا “ الجزائر تواصل طريقها نحو الديمقراطية، ولها أن تعالج مشاكلها بنفسها دون تدخل الآخرين”.
واعترف في السياق، بأن إقحام فرنسا لنفسها في الشؤون الداخلية للدول، جعلها محل انتقادات واسعة وحملت مسؤولية الأوضاع القائمة حاليا، وقال “في الربيع العربي، عندما قررنا دعم ومرافقة تطلعات بعض الشعوب العربية وطموحاتها الديمقراطية على حساب قادة ديكتاتوريين، نتهم اليوم بأننا جلبنا الفوضى والخراب لهذه الدول”.
وفي الشأن الاقتصادي، اعتبر آلان جوبي، أن من مصلحة الجزائر وفرنسا، تطوير الشراكة الحالية نحو الأفضل، لتحقيق المصالحة المشتركة، “ فالاقتصاد الفرنسي يبحث عن التصدير نحو الخارج وبلوغ أسواق نامية، والجزائر بحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية لتنويع اقتصادها، بعد سقوط أسعار المحروقات”.
وأشار إلى وجود 500 مؤسسة فرنسية، متواجدة بالأراضي الجزائر وتوفر حولي 40 ألف منصب شغل، وأضاف أن شركات بلاده، تملك الخبرة والكفاءة وتستطيع تقديم الإضافة في قطاعات الطاقة، صناعة السيارات وبعض القطاعات التقليدية، معترفا بالتنافسية الشديد مع الصين، بسبب “ انفتاح الاقتصاد الجزائري على الاستثمارات الأجنبية”.
المرشح للانتخابات الأولية الفرنسية التي ستجرى، في نوفمبر 2016، قال إنه من الطبيعي وجود بعض التوترات بين البلدين “ فهناك بعض الاختلافات في السياسة الخارجية للبلدين، كان للجزائر رأي مخالف للتدخل الفرنسي في ليبيا وسوريا”.
وأضاف “ توجد قضايا محل نقاش، على غرار نتائج التجارب الفرنسية في الجنوب الجزائري، مشاكل بعض الفرنسيين المقيمين هنا، بيع عقاراتهم وتحويل الأموال، ويتولى سفراؤنا العمل على حلها كلها”.
جوبي، الذي عبّر عن مساندته للتدخل عسكريا في ليبيا، لم ينف أن الفوضى تسود البلد اليوم، وأكد “ أن المصالحة السياسية والمخرج السياسي هي سبيل الليبيين الوحيد لتجاوز الأزمة”، وأشار إلى صعوبة تنفيذ الاتفاق الموقع بين الأطراف الليبية، تحت رعاية الأمم المتحدة، منوها في ذات الوقت بالجهد الذي تبذله الجزائر ومساعيها لتغليب الحل السلمي.
وقال جوبي، إن تشكيل حكومة وفاق وطني بليبيا لها الشرعية اللازمة، هي منطلق محاربة الإرهاب والقضاء على الأسلحة المنتشرة.
على صعيد آخر، أفاد المتحدث، بأن قدومه للجزائر، كان بغرض التطرق إلى المستقبل، وليس الحديث عن الماضي، لكنه “مع الاحتفاظ بالذاكرة والتاريخ المشترك، رغم أن فيه جزءا مؤلما، ويعطي خصوصية لعلاقتنا”، وتابع جوبي “ لدينا الكثير لنفعله اليوم والظروف تختلف عما كان عليها الحال قبل 50 سنة أو أكثر”.
ولا يشاطر، آلان جوبي، الانطباع السائد بأن بعض الفرنسيين المنحدرين من أصول مغاربية يعانون من التهميش، قائلا “ بعض التشكيلات السياسية الفرنسية أصبحت لديها نظرة سلبية تجاه المسلمين بعد الاعتداءات الإرهابية، لكن هذا لا يعكس الواقع، واليوم لدينا إسلام عصري يتوافق تماما مع مبادئ الجمهورية الفرنسية”.
وأفاد، بتطرقه مع المسؤولين الجزائريين، لمسألة التطرف، “وللجزائر خبرة وكفاءة في التصدي للظاهرة ومحاربة الإرهاب بعدما عاشته سنوات التسعينات، ونسعى معا لمكافحة خطابات العنف عبر جميع المنابر”.