استراتيجية للتخفيف من تداعيات انخفاض البترول
أبرمت، أمس، اتفاقية شراكة بين وزارتي التكوين والتعليم المهنيين ووزارة السكن والعمران والمدينة، تهدف إلى التكفل باحتياجات التكوين الأولي المتواصل المعبر عنها من طرف وزارة السكن في مجال البناء، الدراسات، تسيير البنايات، صيانة وحفظ التركيبات وغيرها وهذا في إطار المخطط الخماسي 2015-2019 وكذا إدراج مهن وتخصصات جديدة محددة في المدونة الوطنية لتخصصات التكوين والتعليم المهنيين بإشراك المهنيين في أشغال الهندسة، مع وضع مراكز امتياز للتكوين بالتعاون مع المؤسسات الرائدة في مجالاتهم، حيث سيتم تكوين أكثر من 50 ألف عامل وإطار في مجال البناء وفقا لهذه الاتفاقية.
أكد عبد المجيد تبون وزير السكن والعمران والمدينة، خلال اليوم الدراسي حول “تطوير التكوين في مهن البناء والتعمير والمدينة”، أنه سيتم تكوين 50 ألف عامل وإطار في مجال البناء، قائلا إن الجديد في هذه الاتفاقية هو مواكبة تطور البناء و ما يطمح إليه في الأحياء المتكاملة الجديدة، بكل الوظائف التي تتطلبها من المصاعد إلى المحيط إلى المساحات الخضراء، مضيفا أنه يطالب قطاع التكوين والتعليم المهنيين بمحاول تخريج دفعات في هذه الميادين، كون الاتفاقية الأولى كانت إيجابية قائلا:« وصلنا إلى نتيجة ملموسة وهي أن 31 ألف و700 إطار تخرجوا والباقي يواصلون تكوينهم”.
و نوه تبون بالمجهودات التي بذلها قطاع التكوين والتعليم المهنيين في تكوين الإطارات، مشيرا إلى أنه في أواخر سنة 2013 تم توقيع اتفاقية شراكة مع القطاع لتكوين ما يقارب 71 ألف إطار مهني في قطاع السكن.
وأبرز الوزير أهمية التكوين في هذا المجال، قائلا إن اقتصاديات الدول الكبرى يستحيل أن تتطور وتستوعب عشرات الآلاف من طالبي الشغل إذا لم يتطابق التكوين مع حاجيات الاقتصاد، ومع ما هو مسطر ، وحسبه أن كل الدول المتقدمة تسير نحو هذا النهج، كل من يريد الاندماج في اقتصاد الشغل يجب عليه تكييف دراسته مع التكوين المتخصص.
وقال تبون إن الوزارة تسير نحو تصنيع السكن، الذي يتطلب السرعة في الإنجاز مثلما هو معمول به في الدول الأخرى، بحكم تزايد عدد الساكنة بسبب الأزمة الأمنية التي أدت إلى النزوح الريفي، على عكس ما كان في السابق من يد عاملة بسيطة لا تتطلب تقنيات عالية فقط الدقة فيما يخص استكمال السكن.
من جهته، أفاد وزير التكوين والتعليم المهنيين محمد مباركي، أن اللقاء مع وزير السكن سمح بتقييم العمل في إطار الشراكة بين القطاعين للسنتين الماضيتين، وإعادة اعتماد هذا المسعى الذي يعتبر ناجحا وكذا تصحيح الاختلالات المسجلة لتحسين تكوين اليد العاملة المؤهلة في مجال البناء والسكن، كما يهدف لترقية مهن البناء، وتثمين القدرات الهامة لعروض العمل.
وحسبه فإن التكوين ناجح توّج بتكوين أولي لحاملي شهادات بأكثر من 30 ألف شخص سنويا، وتكوين في إطار التكوين المتواصل أكثر من 20 ألف عامل، مما سمح بإعادة بعث الشراكة لأن تحديد الطلب والحجم فيما يخص التخصصات والتكوينات مضبوط.
و أوضح مباركي أن مبادرة الشراكة تندرج في إطار تنفيذ توجه الحكومة من أجل تفعيل وتجديد الإصلاحات والطرق البيداغوجية التي باشرها قطاع التكوين والتعليم المهنيين لتحقيق أهداف الخماسي 2015-2019 فيما يخص تكوين المورد البشري المؤهل.
وقال الوزير إن مجال البناء والمدينة منبعا هاما للتكوين والتشغيل يتوجب استغلاله لصيانة وتسيير الحظيرة السكنية الضخمة في إطار مختلف البرامج السكنية، كما أن شباب اليوم تفطن لضرورة الحصول على شهادة تسمح له بولوج عالم الشغل، مذكرا بالمجهودات التي بذلتها الدولة لتدعيم القطاع الذي يحصي ما يزيد عن 1200 مؤسسة تكوين موزعة عبر التراب الوطني، بتأطير بيداغوجي يقارب 28 ألف مكون وإطار تقني.
و حسب المسؤول الأول عن القطاع يستقبل القطاع سنويا تدفقا يقارب 700 ألف متكون في 442 تخصص و22 شعبة مهنية وفقا لأنماط تكوين مختلفة. حيث تفتح هذه التخصصات استجابة للطلبات وحجم اليد العاملة المؤهلة المحددة من طرف المؤسسات وقطاعات النشاط فيها، مؤكدا أن استراتيجية الحكومة هي جعل التكوين المهني وتأهيل الموارد البشرية إحدى الوسائل للتخفيف من الآثار السلبية لتراجع أسعار النفط، ووضع إمكانيات التكوين في خدمة تطور نجاعة المؤسسة الاقتصادية.
إطلاق مبادرة مع “لافارج” في مهنة البناء
وبالمقابل، نوه مباركي بالاهتمام الذي أولاه رئيس الجمهورية للقطاع من خلال ما ورد في وثيقة الدستور المصادق عليها أول أمس، حيث شدّد على المسؤولية في ترقية التمهين واعتماد سياسات الدعم لتوفير مناصب الشغل الواردة في المادة 55، وتدعيم الإجراء المتمثل في تقوية الإنصاف والعدل بين المواطنين في الالتحاق بالتعليم والتكوين المهني من خلال المادة 53.
و أضاف أنه من أجل تنويع عروض التكوين تم إثراء المدونة الوطنية للتكوين بتخصصات جديدة، حيث تضم حاليا 43 تخصصا في نمطي الإقامي والتمهين في إطار الشراكة مع قطاع السكن متوجا بشهادة وأن هناك تكوين تأهيلي لشباب لا يملك مستوى دراسي معين والطلب كبير على هذا النوع من التكوين.
وكشف الوزير عن إطلاق مبادرة مع مؤسسة “لافارج” على شكل قافلة إعلام وتكوين في مهنة البناء في القريب العاجل، مضيفا أنه تم تنصيب فوج عمل لإحداث قطب امتياز للتكوين في ميدان البناء يجمع مؤسسات رائدة في مجال اختصاصها بإشراف مجمع كوسيدار بالنسبة لتقنيات البناء، حيث ستوسع لمتعاملين آخرين.