تاريخ نضالي مشهود ومحفور في ذاكرة الشعبين

شعلة الأمن لن تغيب وجذوة الكفـاح لـن تنطفئ

جمال أوكيلي

بين الجزائر وفلسطين تاريخ نضالي مشهود ومنقوش في ذاكرة أحرار هذين الشعبين الثوريين، اللذين قدما أروع الأمثلة في التضحية ونكران الذات، من أجل استرجاع سيادتهما الوطنية، اعتمادا على أبنائهم الأفذاذ، ورجالهم البواسل منذ أن امتدت مخالب هذا الوحش الاستعماري إلى أوطانهم.
فلسطين هذا الجزء العزيز على كل واحد منا، حاضرة في وجدان الشعب الجزائري ولن تمحى أبدا تلك الصور المؤثرة من مخيلته، هي معاناة لعشريات، سواء بداخل الوطن المحتل أو في الشتات، تارة من عند الشقيق وتارة أخرى يضعها الصديق، هو حال الثورة الفلسطينية وشعبها، التي كانت دائما تحرص على قرارها السيادي، ولم يكن هذا بالأمر الهين.
والتاريخ دائما ينصف هذا الشعب، لأنه عازم على استرجاع وطنه مهما كانت الظروف والضغوط، متعهدا أن لا يتركه في أيدي العابثين به من الصهاينة، الذين يهدمون البيوت، ويعرضون الأسرى للموت، ناهيك عن ممارسات لا إنسانية أخرى، من قتل يومي للرافضين للاحتلال.
هذه هي يوميات الشعب الفلسطيني، بالرغم من كل هذا الحصار، فإن شعلة الأمل، وجذوة العمل تفتح تلك الأفق على أن هذا الشعب مازال صامدا في وجه الاحتلال، وهذا عندما بنى مؤسساته في ظروف صعبة جدا كلفت خيرة أبنائه حياتهم، وعلى رأسهم الشهيد الرمز ياسر عرفات.
الفلسطينيون يفتخرون اليوم بامتلاكهم لهذا النسيج من الهياكل، منها الرياضية كالاتحادية لكرة القدم التي تأسست في ٢٠٠٨، محققة إنجازات تاريخية في زمن قياسي من خلال مشاركتها في دورات دولية ذات المستوى العالي عن طريق الأول الذي أبهر الجميع من خلال طريقة أدائه، بالإضافة إلى توفره على فئات أخرى.
الفريق الأولمبي الفلسطيني يوجد بيننا، وفي وسط أحضان هذا الشعب المضياف، لقي كل الترحيب من طرف الجزائريين وسيكون هذا الأربعاء عرس من طراز آخر، يصنف في تاريخ الشعبين الثورين، أعلام البلدين ترفرف في كل زوايا الملعب عن التضامن بينهما، ناهيك عن الهتافات المعبرة، والأصوات الهادفة التي تخدم نضال هذا الشعب.
إنها لحظات حاسمة تترجم محبة الشعبين، والاحترام الذي يكنه كل واحد للآخر، لأن هذا الفريق يحمل إرادة شعب يتوق إلى الحرية والانعتاق لاحتلال غاشم حول أرض فلسطين إلى ثكنة عسكرية مغلقة معلنا حالة الطوارىء حتى لايسمح للفلسطينيين بمشاهدة فرقهم وهي تلعب فيما بينها.
إنه حدث رياضي بارز في مسيرة الفلسطينيين، قصد إظهار تلك الإرادة من أجل أن يكونوا في مقام الأوائل لنيل الانتصارات النضالية والرياضية ويفرضوا أنفسهم في المحافل الدولية على أنهم قادرون على صنع الفارق، بفضل مهاراتهم وكفاءاتهم.
ويسجل هذا التضامن الجزائري ـ الفلسطيني في أسمى صورة خلال المقابلة القادمة، من خلال مشاهد المحبة والتقدير، وهو في حد ذاته تعبير عن عمق العلاقات الضاربة بأطنابها في مسيرة الكفاح، هذا ما يجمع الشعبين، وهي صفات لا تجدها إلا من يدرك معنى الاحتلال مكث في الجزائر أكثر من ١٣٠ سنة، وفي فلسطين منذ وعد بلفور المشؤوم في ١٩١٧.
الشعار في وقتنا الحالي هو مزيد من التبادل والتعاون بين الجزائر وفلسطين، وهذا من باب التأكيد على الروابط الأخوية التي تعود سنوات طويلة وهذا بالاستفادة من التجربة الجزائرية في قطاع الرياضة والتي تضم كفاءات عالية، وخبرات معترف بقدراتها على إعطاء إضافة في كثير من الإختصاصات ويدرك الفلسطينيون هذا الرصيد الموجود لدى الجزائريين وقدرتهم في إعتلاء منصات التتويج على الصعيد الدولي.
وفي هذا السياق، أكد السيد رجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن الأولوية تعطى للمدربين الجزائريين أو التونسيين لقيادة هذا الفريق الفلسطيني، معتبرا ذلك عربون اعتراف لموقف البلدين عندما خرج الفلسطينيون من بيروت واحتضنت الجزائر وتونس مناضلي هذا الشعب.
هذه الصور الوطنية الحقة ماتزال عالقية في أذهان كل من عاش وعايشوا تلك المرحلة الصعبة من حرب التحرير الوطني الفلسطيني، مسجلا المواقف النادرة للقيادات التي كانت قريبة من هذا الشعب. اليوم يعيد التاريخ نفسه على أن الجزائر تحب فلسطين.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19821

العدد 19821

الأحد 13 جويلية 2025
العدد 19820

العدد 19820

السبت 12 جويلية 2025
العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025