واصفا إياها بالسيناريوهات الجاهزة لضرب الوحدة الوطنية

التحركات التي تحدث في الجزائر وراءها الأكاديمية البربرية

نور الدين لعراجي

صراعات عرقية أثبت التاريخ فشلها

أوضح ضيف «الشعب»، البروفيسور بلمكي، بأن ما تروجه فرنسا من خلال الأكاديمية البربرية التي وضفتها لمصالح ضيقة ومقصودة، كان الهدف من ورائها زرع النعرات والتفرقة بين أبناء الشعب الجزائري، لأنها قائمة على خصوصيات خاطئة وليس لها أدنى صلة بالحقيقة وبالواقع المعاش، وبالتالي فهي تركز دوما على مصادرة الموضوع، وهي التي مازالت وراء السلالية التي في كل مرة تقوم بإخراجها للعلن بهدف خلق سيناريوهات جاهزة الهدف من روائها ضرب الوحدة الوطنية واستهداف الجزائر.
إن المحاولات القذرة التي يقوم بها دعاة التغريب الفرنسي واللوبيات المتصهينة، أدركت بأن الجزائر ركبت قطار الاستقلال ولا يمكن إعادة فرض تلك السيطرة، أو الأحكام التي كانت مفروضة عليها طيلة قرن ونصف من الاستبداد والاستغلال والاستحواذ على الثروات الباطنية وغيرها، واستعباد الإنسان والزج بأبناء الشعب الجزائري في حروب وصراعات وهمية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
ورغم أن فرنسا الإفرنجية تدرك دور الجزائر وموقعها المحوري في المنطقة سيعيق الكثير من مشاريعها واستثماراتها في المنطقة سواء على المستوى المحلي أو الساحل الصحراوي الكبير الممتد إلى غاية مالي والنيجر، وهو الذي أسال اللعاب كثيرا ومازالت تلك الحسرة بادية عليهم في كل مرة نقول أننا انتهينا من التبعية الفرنسية إلا ويخرج أبناء فافا ببدائل جهنمية قذرة .
في السياق ذاته أسهب البروفيسور بلمكي حول خلفيات هذه الأكاديمية البربرية كاشفا الكيفية التي تم توظيفها كهيئة تابعة لجامعة السوربون، وحسبه يقول بأنه هناك علاقات كبيرة بين تحركاتها وما يقع في الجزائر من أحداث أو تداعيات حيث ذكر أنه في 1968 اقترحت هذه الأخيرة وضع عهد بربري، مثلما هو عليه العهد الإسلامي والعهد المسيحي، وحدث و أن وقعت بعض الأحداث في منطقة القبائل بإيعاز طبعا ، وتكررت العملية في سنة 1980 ، عندما حاولت من جانبها فرض رزنامة تقويم تاريخي يبدأ بتأسيس عرش فرعوني في حوالي 950 قبل الميلاد وهي إملاءات الغاية من ورائها استهداف الهوية والوحدة والوطن، بعد أن عجزوا وفشلوا في النيل منه.
تنصل فرنسا من جرائمها التاريخية وراءه اللوبي المتصهين الحاكم
ليؤكد في الموضوع ذاته على أنه في كل مرة تقوم هذه الطائفة بزرع هذه النعرة في بعض الأوساط القريبة منها، مستغلين ظروفهم الاجتماعية في خلق هذه الدسائس، للتنصل من كثير القضايا والمطالب التي مازالت فرنسا الاستعمارية ومن ورائها اللوبي المتصهين، تتهرب منها، وعلى سبيل المثال جمجمة القائد بوبغلة الذي مازالت تحتفظ برأسه في متحف اللوفر، رافضة تسليمه، إضافة إلى الأرشيف والخرائط وأسماء العديد من المفقودين الذين يجهل مصيرهم إلى اليوم.
ما يروّج ضد الجزائر إيعاز لمؤسسة أجنبية تابعة للاستعمار
وفي رده على سؤال حول ما يحدث في فرنسا حاليا من دعاة الانفصال وحماية الأقليات الفرنسية بعد خرجة الوزير الأول الفرنسي فالس، على صفحت،ه والتعبير بكلام يسيء لرموز الدولة الجزائرية وما خلفته هذه التداعيات غير الشريفة، ذكر ضيف «الشعب» البروفيسور بلمكي، بأن فرنسا الإفرنجية معروفة بألاعيبها وبالتالي الربيع البربري أو الأمازيغي لم يأت بدافع ذاتي وليس من رحم الأمة ولكنه بإيعاز لمؤسسة أجنبية هي امتداد للاستعمار الذي مارس غطرسته على الجزائر.
أوضح الدكتور والباحث في الانتربولوجيا، عيسى بلمكي، على أنه التقى بعض كوادر هذه الأكاديمية، أو الأطر كما يفضل تسميتهم، سنة 2006 بمدينة خنشلة، في إطار أيام دراسية نظمتها جمعية فرنسية “أوراس فرنسا” التي أسسها “بيار موريزو”، وهو من الأقدام السوداء ولد بمدينة أريس ولاية باتنة، ويساعده في الجمعية “جون موريزوا”، وهو ابن أخيه، ومعهم بعض الجزائريين الذين يسكنون في فرنسا وسويسرا، وفي إطار الأيام الدراسية المشتركة بين المركز الجامعي وهذه الجمعية التي امتدت إلى ثلاثة أيام.
الانسلاخ من التاريخ والانتماء الحضاري خيارهم ولا مطلب لهم دونه
على هامش الفعاليات تحادث مع “ايف ديمورن” وهو أستاذ جامعي معروف في فرنسا، وهو من مؤسسي وصانعي الموسوعة البربرية، وكان برفقة السيدة “قوبي” مديرة متحف الإنسان، الموجود بباريس، ومن خلال الحديث الذي دار بينهما توصل الدكتور بلمكي إلى حقيقة مرة وجدها عند الإفرنج حول صورة المجتمع الجزائري كشعب، وبحكم معرفتهم الجيدة لتاريخ الجزائر يقول ، يريدون منا الانسلاخ منه، وبما أنهم يمتلكون الإمكانيات، فقد تمت دراسة تاريخنا في ورشات معروفة، حتى يتوصلوا إلى إمكانية سلخ هذه المدة من جذورها، ومن انتمائها الحضاري والثقافي، وتتبنى بديلا جديدا على مقاسهم طبعا وهذا كله حسب بلمكي دائما ظهر خلال سنة 1930 .
وهو يتحدث عن الدوافع البغيضة، عرج بلمكي طويلا في الامتدادات التاريخية وبما أنها حلقات مترابطة في التاريخ، استشهد بالحملة الصليبية في تونس بمناسبة سقوط توأمين أين اعتبرهما الإفرنج شهيدين ويتعلق الأمر بالملك سالي، الذي كان على رأس الحملة الصليبية الفرنسية التاسعة الذي توفي في قرطاج بالوباء، فاغتنموا مناسبة الذكرى، المتزامنة مع وفاته وقاموا بعملية التنصير.
 أما في الجزائر فقاموا بالذكرى المئوية الجزائر ليست عربية، ولا علاقة لها بالعروبة وهذه الأخيرة استعمارية، مقدمين في ذلك أرقاما، كأن يقولون مثلا في إحدى دراساتهم بان في الجزائر 82 بالمائة كلهم عرب، والباقي بربر، متسائلا على أي أساس تم وضع هذه الحصيلة ؟ أو هذه الدراسة لا توجد هناك معايير؟ ولا تخضع لأي منطق يثبت ذلك ولا يوجد أي أساس علمي أو تاريخي يثبت ذلك .
وإنما هي مجرد ما يعرف في المنطق “بمصادرة الموضوع “، حسب ما وصفها ضيف الشعب الدكتور بلمكي ، مذكرا بأنها جاءت انطلاقا من مكانتهم العلمية كأكاديمية علمية تابعة لجامعة
السور بون، ذات الرونق العالمي الذي حسبهم لا نقاش فيه، يصادرون الموضوع دون مناقشة، لأنهم الأسياد في نظر الأخر انطلاقا من الكبرياء والتعالي، ليقوموا بعد ذلك بفرضها ويقدموها كمسلمات مثل ما يعرف في الرياضيات.
 ومن هذه النقطة يقول ضيف “الشعب” انطلقوا في محاربة اللغة العربية باعتبارها حسبهم لغة استعمار وبالتالي يجب تعويضها بالفرنسية، وبالتالي يستلزم الأمر البحث عن آليات لذلك، وهو ما توصلوا إليه من خلال ميكانيزمات لغة المحادثة الموجودة في المجتمع الجزائري وحولوها كلغة متكاملة وموجودة فعلا، أما عن سبب تأخرهم يقول هو الاستعمار الغربي ، إلا أن ردودنا حسب ضيف الشعب لم تكن في المستوى المطلوب ، فكان تعاملنا مع الإحداث بصفة أنية دون تحليل، لا نعالج الأمور في العمق ولا نعود إلى التاريخ الأصل، ونقوم بعملية البناء لهويتنا وذاتنا من جديد ونقوم بصد هذه المغالطات البغيضة .
لا يوجد فرنسي يقول أنا “غالي” ولست “أوروبي”
في رده على سؤالنا حول تشدد الفرنسيين بانتسابهم إلى أوروبا ولا يقولون هم من القولوا GOULWA، أوضح بلمكي في هذا الشأن عكس ماهو موجود عندنا، كأن يقول الفرد بأنه ليس عربي بل هو بربري وهذا ما كانت تنتظره الأكاديمية البربرية ، وهو المغزى الذي كانوا يريدون الوصول إليه ، لكن في فرنسا لا يوجد من يقول “لست أوروبيا، بل أنا غالي”، فالبعد الأوروبي عندهم يقابله البعد العربي، لا يفهم منه الاحتلال أو الاستيلاء أو التغريب، فالبعد العربي للجزائر ولشمال إفريقيا هو البعد الأوروبي بالنسبة لفرنسا انجلترا اسبانيا وغيرها من الدول الأخرى.
في الشأن ذاته يؤكد بلمكي بأنه لا يوجد أي فرد أوروبي ينفي أوروبيته، لأنهم استوعبوا تاريخهم، أما نحن وبحكم الحقبات الاستعمارية التي مضت، لم نستوعب تاريخنا، وأن أية بذرة حقد تزرع في تاريخنا تنبت بسهولة تثمر.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025