إرادة تحدّت العراقيل البيروقراطية والذهنيات والمقاومة لروح المقاولاتية
اعتبرت البديل الثاني في إنشاء المؤسسات المصغرة والتشغيل، ترافق الشباب حاملي المشاريع خريجي مراكز التكوين والجامعات في معركة للقضاء على البطالة وخلق الثروة. تقوم بحملات تعبئة وتحسيس لتحفيز من يمثلون الأغلبية في المجتمع بنسبة تفوق 70 في المائة في الاندماج بهذه الحركية الاقتصادية التي تحمل قيمة في مسعى تنويع الإنتاج دون الإبقاء أسر المحروقات. إنها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب “أونساج”، التي تعرض تجربة إنمائية على مدى 17 سنة، تعد مرجعية ليس فقط في خلق مؤسسات مصغرة مولدة للثروة والتشغيل، بل تعزيز الجبهة الاجتماعية والسلم الوطني.
أنشأت “أونساج” مؤسسات بعضها أبدع في إنتاج سلع وخدمات تحمل علامات تجارية مميزة يتهافت عليها المستهلك، وبعضها الأخر شرع في التصدير لأبعد الأسواق وأكثرها تنافسية، فارضا نفسه في خارطة تجارية دولية تضيق تحت المنافسة.
بإمكان المواطن الاطلاع على هذه المؤسسات المصغرة ومعرفة علاماتها التجارية المسجلة في إطار “اونساج” في الصالون الوطني للتشغيل “السلام” المنظم بالصافيكس منتصف الشهر الداخل. لم تكن هذه التجربة سهلة المنال خاضها شباب متسلحون بالعزيمة والصبر متحدين صعوبات المحيط وعراقيل الإدارة جاعلين من المتاعب قوة انطلاق نحو الأمام.
هؤلاء الشباب هم الذين توجه لهم الرعاية والاعتبار بصفتهم قوة تغيير، بناء وتطور حسب ما ذكر به المدير العام للوكالة “أونساج” مراد زمالي، من منبر “منتدى الشعب”، مرددا على ما يروج بأن المشاريع تمنح لشباب متهور يفتقد إلى التكوين المناسب والنظرة الاقتصادية يتلاعب بالملايير ولا يقدم شيئا.
عكس هذا الطرح والاعتقاد تمثل المؤسسات الشبابية التي تعثرت نسبة لا تتعدى 10 في المائة، وتقدر مجمل المبالغ التي رصدتها “أونساج” إلى المؤسسات المصغرة 3 ملايير دولار، وهي أموال أحدثت حركية في قطاعات عدة فلاحية، صناعية، تجارية وخدماتية.
وتظهر الأرقام المسجلة خلال السنة المنقضية 2015، نمو المؤسسات المصغرة في القطاعات التي تراهن عليها السياسة الوطنية وتعتبرها بر النجاة والاقلاع، منها الفلاحة التي أنشئت بها أكثر من 35 ألف مؤسسة تمثل 29 في المائة، الصناعة والصيانة أكثر من 20 ألف مؤسسة 21 في المائة والخدمات التي تراجعت إلى 20 في المائة بعدما كانت تتصدر المنجزات.
تقييما لإنجازات وكالة دعم تشغيل الشباب، فإن الشباب بات أكثر حماسا وعزما على إنشاء المؤسسات المصغرة التي يراها أفضل سبيل له لخلق الثروة بدل السقوط في البطالة وما يتبعها من انحراف وتداعيات خطيرة. وضع الشباب ثقة في آليات التشغيل آخذا في الحسبان إجراءات التحفيز والمرافقة، رافضا السقوط في الغوغائية والخطاب التشاؤمي المروج خطأً، فقرر الكثير من حاملي المشاريع المنجزة في الميدان التمادي في المغامرة وخلق الثروة الإنتاجية بعيدا عن الريع النفطي.
قرر 65 في المائة من الشباب أصحاب المؤسسات المصغرة دفع مستحقاتهم متحلين بروح المقاولة وأخلاقيات المهنة وواجب الضمير الحي. فكانوا مثالا حيا لجيل “أونساج” السائر على الدرب.
تجاوب الشباب مع آليات التشغيل الموسعة والاتفاقات المبرمجة مع قطاعات عدة، فكوّنوا مؤسسات مصغرة في الصيانة آخذين في الاعتبار قانون 2013 الذي يشترط تخصيص 20 في المائة من الصفقات البلدية لمؤسسات مصغرة. ورغم مقاومة هذا القانون من ذهنيات متخلفة واعتراضه عراقيل بيروقراطية ترى دوما الشاب صغيرا رغم كبر شأنه وطموحه، فقد أنشئت في إطاره منذ صدور النصوص التطبيقية، 5661 مؤسسة بتمويل 18 مليار دينار.
كل هذا الإنجاز رسالة غير مشفرة من الشباب الجزائري الذي يحول المستحيل إلى ممكن في حالة مرافقته ووضع الثقة فيه بعيدا عن النظرات الحارقة التي تلاحقه وتنعته بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان.