أبدى الخبير الاقتصادي شمس الدين شيتور، قلقا من تحديات اقتصادية وسياسية تواجه الجزائر إذا لم يتم تبني مبادرة إجماع وطني تجعل الكل في خندق واحد حفاظا على أمننا واقتصادنا، بعيدا عن مصطلح المعارضة التي تحتكر الخطاب السلبي الذي جعلت منه همّها الوحيد هو الوصول إلى السلطة، الأمر الذي اعتبره طرحا في غير محلّه، مؤكدا أن الاقتصاد القوي يبني سياسة قوية تفرض قراراتها في المنطقة.
أكد شيتور أن التوجه الوحيد الذي يجب أن تسلكه بلادنا، هو تقوية الاقتصاد الوطني في المرحلة الراهنة وتفادي الاستيراد، في ظل استمرار التراجع الحاد لمداخيل المحروقات. داعيا السياسيين والاقتصاديين إلى تفادي الخطابات المتناقضة التي لا تخدم مصلحة البلاد وتؤجج خطاب الكراهية.
ويرى الخبير الاقتصادي، الذي نشط، أمس، ندوة نقاش بمنتدى «الشعب» بمناسبة صدور كتابه الجديد، أنه لابد من اتخاذ قرارات صارمة إزاء الأزمة الاقتصادية الحاصلة في العالم، خاصة الدول التي تعتمد في اقتصادها على النفط كمصدر أساسي، معتبرا أن خطابات السياسيين المقللة من هول الصدمة ليست حلاّ للأزمة.
وبحسب شيتور، فإن الذي يملك القوة الاقتصادية في العالم بإمكانه التحكم في الموازين الاقتصادية، معتبرا ذلك وجهين لعملة واحدة، مشيرا إلى أن أكبر مشكلة تواجه الجزائر اليوم، هي ارتفاع فاتورة الاستيراد التي فاقت التوقعات، موضحا أن الاستغلال الأمثل لثرواتنا الطبيعية وفي مقدمتها الطاقات المتجددة، كفيل بمواجهة الظاهرة التي أدت إلى تراجع العملة الوطنية أمام نظيرتها الصعبة.
وفي نظرة استشرافية تمتد إلى سنة 2030، يعتقد الخبير الاقتصادي أن التخطيط لذلك يبدأ من اليوم، قائلا: «علينا أن لا ننتظر أكثر حتى تتأزم الأوضاع». وفي هذا الطرح قال، إنه لابد من اتحاد بين رجال السياسة والاقتصاد لوضع خطة طريق واحدة تهدف إلى الالتفاف على أهداف واحدة، بعيدا عن منطق الاختلاف الذي لا يخدم مصلحة أحد.
وفي ربطه للسياسة بالاقتصاد، أوضح المتحدث أن الدبلوماسية الجزائرية تواجه تحديات تحتاج إلى اتخاذ قرارات جريئة حول كثير من القضايا، مضيفا أن الكثير من المشاكل التي تواجه بلادنا لا يعرفها الشعب، قائلا: «إن هذا خطأ لابد من تفاديه»، داعيا إلى تقديم توضيحات للمواطنين عن طريق وسائل الإعلام حتى يكونوا على دراية بواقعهم، سواء كان إيجابيا أم سلبيا.
في سياق مغاير، أشار شيتور إلى التحولات الدولية وبروز منطق المصلحة الشخصية في العلاقات الدولية أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يفسر التغول الروسي في المنطقة العربية والإسلامية، متأسّفا على دورها في المنطقة بذريعة محاربة التنظيم الإرهابي «داعش»، مشيرا إلى أن دور روسيا لا يختلف عن دور الغرب ككل في تحطيم الحضارة العربية والإسلامية تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
في هذا الخصوص قال، إن بعض الدول العربية، للأسف، سمحت للغرب، بطريقة غير مباشرة، بالتدخل في شؤونها بذريعة الديمقراطية، لكن همّهم الوحيد هو المصالح الشخصية وفي مقدمتها الاقتصادية، وهو ما تبنى عليه العلاقات الدولية، إلا أن الخلل يكمن في دول العالم الثالث التي لا تواكب الديمقراطية وقوامها التداول على السلطة.