الأرضية الأولى لوثيقة الصومام بقيادة زيعود يوسف
كشف المجاهد الكبير عبد النوري مسعود، من منتدى «الشعب» بقصر الثقافة لسكيكدة، عن حقائق مثيرة ارتبطت بتاريخ الثورة التحريرية المظفرة. المجاهد من مواليد 01 فيفري 1932 بعين قشرة ولاية سكيكدة، التحق بالعمل النضالي وهو في سن 16 سنة، كمناضل سياسي في جزب الشعب بقيادة مصالي الحاج قدم شهادات حية عن هجومات الشمال القسنطيني وأبعادها التاريخية ومنطلق استراتيجيتها في ضرب العدو.
حدثنا المجاهد عبد النوري عن أهم المحطات التي كانت أحداث 20 أوت 1955، أحد المخططات العسكرية الناجحة جدا في فك الحصار عن مناطق الأوراس والغرب والوسط، فيما يرتبط بالخطوات الجريئة جدا التي اتخذها مهندس هذه الهجومات البطل الشهيد زيغود يوسف، وكيف استطاع بحنكة وصبر وقوة شخصية عالية في إعطاء الثورة التحريرية نفسا عميقا وصل إلى الخارج وكلل بتدويلها في هيئة الأمم المتحدة إيذانا أنها ثورة شعب وأمة برمتها ودحض ادعاءات العدو الفرنسي ممن وسموها بأنها ثورة جياع أو قطاع طرق أو كما كانوا يصفونها آنذاك .
المشهد الذي أراد المجاهد الكبير عبد النوري مسعود نقله إلينا هو الخط التنظيمي والدعم اللوجستيكي العالي جدا وفق رؤية ثاقبة كانت تميز القائد الشهيد البطل زيغود يوسف، لم يرد للثورة أن تبقى حكرا على جهة واحدة، كما أيقن أن التنظيم والتخطيط هما المعول الرئيسي للذهاب بعيدا بهذا التوجه التحرري بحثا عن الاستقلال .
قال المجاهد عبد النوري مسعود: «كنت واحدا من الذين أسند اليهم عمل التمويل على مستوى الولاية العسكرية الثانية آنذاك، حملت انتفاضة الشعب الجزائري أو ما يعرف بأحداث 20 اوت 1955 استجابة فورية للنداء العاجل الذي أطلقه رؤساء النواحي العسكرية للولايات الداخلية الأوراس والغرب، حول عمل شيء لفك الخناق عن هذه المناطق التي ضيق المستعمر وتفنن في الضغط علينا سعيا لإخماد الصوت التحرري والكفاح بها، فكانت الإجابة من العقيد زيغود يوسف بتنظيم انتفاضة شعبية تقوم على وضع المستعمر الفرنسي أمام الأمر الواقع وتأكيد أن ما يجري من مقاومة في الجزائر هي ثورة شعب رافض لجميع أنواع الوجود الاستعماري على أراضيه «من زاوية أخرى أضاف المجاهد دائما أن المواجهة قامت على تعطيل مصالح العدو من خلال قطع المنافذ أمامه، ووضع القوى الشعبية المنتفضة وجها لوجه والقوات الاستعمارية، كان التخطيط محكما والتنظيم أكثر إحكاما من منطلقات وطنية دفعت بهذا الشعب العظيم أن يخرج بصدور عارية لمواجهة آلة البطش الاستعمارية «.
الأمر الثاني بحسب المجاهد عبد النوري مسعود الذي جاء كنتيجة فورية لأحداث 20 أوت 1955 التفكير في تنظيم مؤتمر بوزعرور و الذي يعتبر المسودة التي سبقت مؤتمر الصومام 1956، وهو المؤتمر الذي تم نقله من جبال بني صالح ولاية قالمة باتجاه حجر مفروش أو ما يعرف ببوزعرور وهو المؤتمر الذي أشار إليه المجاهد الكبير الراحل رئيس مجلس الثورة « علي كافي «، لكن لظروف معينة تم تعطيل عقد هذا المؤتمر على مستوى حجر مفروش أو ما يعرف ببوزعرور لينقل إلى بجاية أو ما اصطلح عليه بعد ذلك بمؤتمر الصومام .
بحسب تصريحات المجاهد عبد النوري مسعود فإن أحداث 20 أوت 1955 هي التنسيق اللوجستي الكبير الذي تم الحرص عليه في تأطير الانتفاضة الشعبية ضد الأوضاع التي كانت سائدة آنذاك، كذلك روح المبادرة العالية التي أعطاها الشهيد البطل زيغود يوسف في التحضير لهذه الأحداث، ما دفع إلى التفكير في عقد مؤتمر الصومام كواجهة وأرضية صلبة تؤسس لنضال هذا الشعب وتنظمه.
المجاهد «عبد النوري مسعود « أكد أنه كان على صلة مباشرة بالتمويل كمسؤول أول في انطلاق أحداث 20 أوت 1955، كما كان له الفضل الكبير في الإعداد، تحت إشراف المجاهد الشهيد شطايبي عمار الذي كان يصدر الأوامر إلى رؤساء الفيالق والوحدات على مستوى الناحية العسكرية الثانية وفق ما يحضر من توجهات وطنية لتوسيع العمليات العسكرية ضد المستعمر الفرنسي».
قال المجاهد في شهادته :»هدفنا الرئيسي آنذاك أن ترى فرنسا قوة هذه الثورة و تقطع شكها بيقين أن هاته الثورة هي انتفاضة شعب بأكمله لنيل استقلاله، كنا نسعى جاهدين في هذا الاتجاه بروح وطنية عالية، وبمعنويات وتحدي صارخ وصل بنا إلى حد مواجهة الآلة الاستعمارية بصدور عارية، وفعلا كانت لأحداث 20 أوت 1955 اليد الطولى في فك الخناق عن الولايات الداخلية آنذاك بضريبة باهضة تجاوزت الـ 150 ألف شهيد».