سطّرت ولاية بشار بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لليوم الوطني للمجاهد الموافق لـ 20 أوت 1955 والذكرى الـ 61 لمؤتمر الصومام 1956، برنامجا احتفائيا كبيرا على مدار أسبوع كامل تتخلّله تظاهرات عديدة منها التاريخية، الثقافية والرياضية، مع تدشين بعض المرافق العمومية بالمناسبة، حيث يتم وضع حيّز الاستغلال الحوض المائي بملعب 18 فيفري وزيارة معرض لصور المقام بالمناسبة بدار الثقافة المنظّم من طرف جمعية مشعل الشهيد مع تكري الفائزين في المسابقة التاريخية الخاصة بمديرية الثقافة، حيث كان لـ«الشعب» لقاء بالمناسبة مع الدكتور مصطفى العيهار، أستاذ بجامعة طاهري محمد ببشار، تطرّق فيه إلى هجومات الشمال القسنطيني التي جسّدت التلاحم بين أبناء الشعب والأحزاب والجمعيات والمجاهدين، حيث قال إنّ هجمات 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني، أثبتت للعالم التلاحم بين الشعب والمجاهدين عبر كل شبر من التراب الوطني. وأكّد في المقابل أنّ مؤتمر الصومام كان جامعا، وخرج بنتائج جد إيجابية وحّدت الشعب الجزائري.
وأوضح الدكتور مصطفى لـ «الشعب»، أنّ عظمة هجمات الشمال القسنطيني، التي قادها الشهيد البطل زيغوت يوسف بتاريخ 20 أوت 1955، تمثلت في الالتحام المشهود الذي جمع بين الشعب والمجاهدين ممّن حملوا السلاح وفجّروا الثورة، وقال أنّها شكّلت انتفاضة كبيرة وشارك فيها البسطاء من المواطنين بالأسلحة التقليدية بكل أنواعها والأسلحة النارية منها بنادق الصيد، وأكّدت للمستعمر الفرنسي أنّ ما يجري في الجزائر ليس أعمالا إرهابية معزولة أو خارجين عن القانون، وإنما ثورة شاملة ضد الاستعمار.
واعتبر أنّ من أهم النقاط الإيجابية للهجمات كان فكّها الخناق والعزلة عن منطقة الأوراس، ومهّدت لمعارك كبرى في كامل التراب الوطني، التي لقّن فيها العدو الفرنسي دروسا لا تنسى.
وأضاف الدكتور العيهار أنّ الهجمات أكّدت تمسّك الشعب الجزائري بترابه وسيادته، واستعداده للتضحية بروحه ودمه من أجل الاستقلال، وهو الثّمن الذي ساهم في التعريف بالثورة الجزائرية لدى الرأي العام الدولي، حيث نقلت وسائل الإعلام الإيطالية والكوبية، المجازر التي اقترفها جيش الاحتلال، في سكيكدة، عنابة، قسنطينة وكافة القرى المجاورة.
وأفاد بأن اليوم الثاني من الأحداث، عرف إعدام فرنسا لأكثر من 1500 مواطن جزائري في ملعب للكرة الطائرة بدفنهم أحياء، وأحرقت مدينة مشتى عن كاملها مخلفة أكثر من خمسة آلاف شهيد، ليصل عدد ضحايا انتقامها للهجمات إلى أكثر من سبعة آلاف شهيد في مجزرة لا تفوقها بشاعة سوى مجازر 08 ماي 1945.
وأوضح الأستاذ والباحث في تاريخ الثورة الجزائرية، أنّ هجمات الشمال القسنطيني، مهدت لانعقاد مؤتمر الصومام، الذي وصفه بحلقة توحيد القوات الجزائرية والصخرة التي تحطّمت عليها أقوى جيش، معتبرا أن تاريخ انعقاده في 20 أوت 1956، كان إحياء لذكرى الأحداث التي قادها الشهيد زيغوت يوسف، واختيرت له منطقة أميزور ببجاية، نظرا لموقعها الحصين والاستراتيجي ولكونها وعرة التضاريس.
وأشار إلى انعقاد المؤتمر لمدة 10 أيام في سرية تامة، خرج بنتائج إيجابية، منها أنه نظم وسير وأوجد مؤسسات الثورة، ودرس كافة الجوانب القوة المتعلقة بالثورة منها العلاقة مع الدول المساندة في الخارج وانخراط كافة الأحزاب والجمعيات المساندة للثورة وإدماجها في العمل الثوري، كما قسّم الجزائر إلى 05 مناطق (ولايات)، وتمّ تتويج المؤتمر بميثاق ملزم للدولة الجزائرية الحديثة بعد الاستقلال، طرحت فيها مسألة اشتراكية الدولة بعد الاستقلال واستحداث المحافظ السياسي.