عاد بنا الدبلوماسي نور الدين أمير في حديث جمعه مع “الشعب” إلى الذاكرة الفلسطينية وبالضبط إلى مشاركة الرئيس الراحل ياسر عرفات في المجلس البرلماني الأوروبي سنوات الثمانينات، والتي كان للجزائر الدور الرئيسي فيها بعد أن قام القنصل أمير آنذاك بإقناع ممثل الحزب الاشتراكي الألماني “اغت”، لتكون بذلك لفلسطين كلمة في قلب أوروبا حاول من خلالها أبو عمار تعريفهم بالشعب الفلسطيني والقضية التي يدافع عنها.
توقف الدبلوماسي نور الدين أمير في بداية سرده لنا، أحداث مشاركة أبو عمار في البرلمان الأوروبي في الثلاثي الأول من سنة 1988، عند الشخصية القوية التي كان يتميز بها عرفات والتي جعلت العديد من الشخصيات الأوروبية تضع له ألف حساب وتخاف من مواقفه الشجاعة، ما شكل قدومه إلى عاصمة بلجيكا ستراسبورغ “الحدث الهام” للعديد من الشخصيات الأوروبية و الإعلامية و نشر نوع من المخاوف عند الحكومة البلجيكة من محاولة اغتياله أو ترصده، حيث طلبت من القنصل الجزائري ضمان أمنه وإقامته.
وبالفعل قام الدبلوماسي أمير نور الدين بكل الإجراءات الضرورية الخاصة باستقبال عرفات بتأمين قدومه إلى عاصمة السياسة الأوروبية، حيث أرسلت الجزائر طائرة خاصة إلى تونس أين كان ياسر متواجدا بجامعة الدول العربية.
وعاد بعدها أمير في حديثه إلى الإجراءات التي قام بها من أجل مشاركة الزعيم الفلسطيني في البرلمان الأوروبي، حيث أكد انه تلقى خلال المفاوضات التي جمعته مع رئيس المجلس الأوروبي آنذاك “اللورد بلام” وهو من أصول انجليزية رفضه مشاركة ياسر عرفات ما استدعى منه الاتصال بأصدقاء القضية الفلسطينية في البرلمان على غرار ممثل الحزب الاشتراكي الألماني “اغت” حيث تم شرح له الموضوع ليجيبه قائلا “أنا كمسؤول في حزب المعارضة بإمكاني عرض الشخصية التي أودها”.
وصول عرفات إلى بلجيكا حيث كان في استقباله القنصل نور الدين أمير الذي عرض عليه استضافته بإقامته الخاصة ضمانا لأمنه وسلامته ، حيث اثنى ياسر عرفات على اهتمام أمير لشخصه بصفة خاصة والجزائر بصفة عامة، غير أن عرفات، قام بكل الإجراءات الخاصة الكفيلة بضمان إقامته حيث حجز غرفة على مستوى فندق ليس بها نافذة مطلة على الخارج.
في اليوم الموالي من الموعد الحاسم تنقل ياسر برفقة القنصل الجزائري أمير الى المجلس البرلماني للإلقاء خطابه الذي حاول من خلاله إقناع الأوروبيين بشرعية القضية الفلسطينية أوحقية الشعب الفلسطيني في استرجاع أراضيه المغتصبة.
تمكن ياسر عرفات بخطابه القوي من جذب الأنظار نحوه، حيث امتلأت الغرفة التي كان يخاطب فيها على أكملها فبعد رفض الجميع السماع إليه كان الأوروبيون على إصغاء تام لحديثه ليكون بذلك عرفات و بمساعدة الجزائر قد نجح في إيصال الصوت الفلسطيني إلى الدبلوماسيين الأوروبيين.
حول رأي عرفات في المواقف الدبلوماسية التي كانت تنتهجها الجزائر مع القضية وشرعيتها، قال أمير أن وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين كان بمثابة الفاجعة الكبرى لابو عمار والشعب الفلسطيني حيث علق الزعيم بحرقة حين سماعه بوفاة صاحب المقولة الخالدة مع فلسطين ظالمة او مظلومة “ لقد تركنا هواري كجسم بدون أرجل”.