أجمعت مداخلات الأساتذة الباحثين في ملتقى «المختص في علم نفس العمل والتنظيم في مجال تسيير الموارد البشرية» الذي احتضنته أمس قاعة المحاضرات لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تيزي وزو، على ضرورة تفعيل دور الأخصائي النفساني داخل المنظمات الإدارية والاقتصادية للمساهمة في معالجة مختلف المشاكل المهنية والاجتماعية للعمال لإعادة غرس مفهوم «الولاء» المغيب حاليا في المؤسسات الجزائرية وكان عنوانا رئيسيا للفشل وعاملا أساسيا لهجرة الأدمغة الجزائرية نحو الخارج.
قدم الأستاذ عبد النور ارزقي مدير مخبر التربية بجامعة البويرة في مداخلة بعنوان «دور الأخصائي النفساني في تحقيق الولاء التنظيمي» تشريحا دقيقا لواقع المؤسسات الإدارية والاقتصادية الجزائرية التي لا تعطي اهتماما كبيرا لمجال علم النفس العمل والتنظيم في تسيير الموارد البشرية الذي اعتبره الشريان الرئيسي لنجاح واستمرار أية منظمة وقال «نعاني اليوم في الجزائر من أزمة تسيير الموارد البشرية وغياب التكوين والاهتمام التام بانشغالات العمال المهنية، الشخصية والاجتماعية التي تعتبر أحد أهم المحفزات لغرس مفهوم الولاء للمنظمة المرتبط بقدرة أداء العمال، وبالتالي بقاء المؤسسة واستمرارها، وكل خلل أو تجاهل لهذا الجانب الحساس يكون مصيره الفشل وتضاؤل مردودية العامل الذي ينعكس بالسلب على مستقبل المؤسسة أو الهيئة..».
كما ربط الأستاذ أسباب ضعف الولاء لدى العمال إلى جملة من العوامل على غرار شعور العامل أو الموظف بالقلق واللاأمن المهني داخل المؤسسة، توزيع المناصب دون عدالة، عدم الاهتمام بالحياة الشخصية والاجتماعية للعامل، بالمقابل يشكل عامل الاهتمام والاعتبار إلى تثبيت الولاء للمنظمة الذي بدوره يؤدي إلى الإبداع والابتكار، الدفاع عن المنظمة والرغبة في بقائها والحفاظ عليها، مع تشديده على أهمية إدراك المدراء ومسؤولي التسيير الإداري لأهمية الأخصائي النفساني داخل المؤسسة من حيث التأطير الشامل، التكوين واختيار الموارد البشرية في عملية الانتقاء.
بالمقابل تساءل الأستاذ الباحث «لونيس علي» من جامعة محمد لمين دباغين بسطيف في مداخلة بعنوان «المختص في علم النفس والتنظيم في المؤسسة الجزائرية بين فلسفة التكوين وواقع الممارسة الميدانية»، «هل هناك بالفعل وجود أو ممارسة ميدانية لعلم النفس العمل والتنظيم داخل المؤسسات الوطنية الإدارية والاقتصادية؟، بل أكثر من ذلك يقول الباحث»لم نتوصل اليوم إلى تحديد أو التوافق على مصطلح موحد لهذا الميدان، هل هو علم النفس الصناعي، علم النفس العمل والتنظيم؟، وغيرها من المصطلحات المتوارثة التي لم تواكب تطور هذا العلم وإسهاماته الكبيرة في ترقية أداء العمل والمنظمات بصفة عامة.
مع ذلك، دعا الأستاذ المحاضر إلى»تفعيل دور الأخصائي النفساني بالمؤسسات الجزائرية و تحيين نصوصها القانونية والتنظيمية، إعادة النظر في القطاع لتكييفه مع متطلبات المؤسسة وتحديات عالم الشغل والرهانات الاقتصادية مع إلحاحه على الإسراع في إبرام عقود تعاون مع الشركاء الاقتصاديين.
كما دعت الأستاذة «ماتي مانوبيا» من المدرسة الوطنية العليا للملاحة ببوسماعيل»إلى أهمية استغلال المحفزات التي تقدمها المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة في مجال التكوين و الرسكلة للطاقم الإداري والبحارة في مجال النقل والنشاطات البحرية الموحدة عالميا للرفع من مستوى الأداء والتحكم في مختلف التقنيات الحديثة، خاصة وان القطاع هو اقتصادي بالأساس ويمثل 80 بالمائة من إجمالي المبادلات التجارية، كما أن 90 بالمائة من التجارة الخارجية تمر عبر القناة البحرية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في مهام ودور الأخصائي النفساني ومجال علم النفس العمل والتنظيم للتكفل الأحسن بانشغالات العمال لترقية الأداء المهني.
كما طفت عدة أسئلة أخرى وإشكالات في الملتقى طرحها الأساتذة الحضور أبرزها موقع الأخصائي النفساني ومجال علم النفس العمل والتنظيم داخل مصالح تسيير الموارد البشرية بالمؤسسات الجزائرية وعلاقة الجامعة كمصدر للعنصر البشري المتكون ومستقر هذا الأخير في ميدان العمل، ومن يتحمل مسؤولية تهميش هذا العنصر الفعال؟.
في الأخير، ورغم تأكيد عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية الدكتور ايدير عبد الرزاق الذي تحدث للشعب على هامش الملتقى بأن» اللقاء جاء كثمرة وتتويج للعمل البيداغوجي الذي تقوم به الكلية في شهادة الماستر بعد فتح تخصص علم النفس العمل والتنظيم تخصص تسيير الموارد البشرية، حيث بادرت الكلية لتنظيم هذا الملتقى الذي يهم الجميع وهو موجه للطلبة الأساتذة، العمال الإداريين وحى المتعاملين الاقتصاديين والمؤسسات سواء كانت إنتاجية أو إدارية لترقية أدائها مثلما قال، إلا أن غياب ممثلي المؤسسات الاقتصادية كنماذج لطريقة تسيير الموارد البشرية وتقديم مقترحات للتعاون وتأطير المصالح الإدارية بمختصين نفسانيين وفتح الأبواب أمام الطلبة للتكوين وعصرنة مجال التسيير قد يرهن كل جهود ربط الجامعة الجزائرية بعالم الشغل الذي