مـــــــراد بــــــــن آشنهــــــو:

الجزائـــــر قــــادرة علــــى تجـــــاوز الوضعيـــــة الماليـــــة الراهنــــــة

حاوره: حمزة محصول

تدابير لسد العجز المالي جراء انهيار أسعار البترول
يتحدث وزير المالية الأسبق للاقتصاد والمالية مراد بن آشنهو، في هذا الحوار على هامش منتدى “الشعب”، عن الوضعية الاقتصادية الحالية للبلاد وقدرة الحكومة على الخروج من الأزمة إلى جانب دور القطاع الخاص والطريقة الأفضل للمديونية الخارجية.


الشعب: تمر البلاد بمرحلة اقتصادية صعبة، ماهي فرص الحكومة في مقاومة الصدمة القوية واستعادة التوازن المالي؟
بن آشنهو: لست في مقام تقديم اقتراحات للخروج من الأزمة لأن هناك من يملكون القدرة التقنية لحل هذه المشاكل التي تعاني منها البلاد جراء انخفاض سعر البترول.
وشخصيا، أنا على يقين بقدرة الحكومة على إيجاد حلول ملائمة، لأن لكل مشكل مخرج، ومن الضروري أن يفهم الناس اليوم أن المعضلة ليست خاصة بالحكومة وإنما تعني كل الجزائريين،  ولابد من فهم وعمل إعلامي يفسر للشعب الحالة الحقيقية للبلاد، وأعتقد أن السلطات كانت لحد الآن صريحة وشفافة في شرح الوضعية المالية الحالية، عكس ما كان عليه الحال في الثمانينات حيث لم يكن المسؤولون آنذاك واقعيين للأسف.
^ هناك من يقول أن الجزائر تعيش في الفترة الراهنة ظروفا مشابهة لفترة الثمانينات من حيث الهشاشة الاقتصادية؟
لا، ليس صحيحا، في الثمانينات كنا لا نزال بصدد تشييد الدولة، والآن هي مشيدة، وعلينا أن نعترف بجهود الحكومة فيما يخص البنى التحتية للبلاد المدارس الجامعات الطرق ..الخ، وبفضلها بات لدينا إنجازات لم نكن نتوفر عليها في تلك الفترة، والهياكل القاعدية هي العصب الحقيقي لبناء نهضة اقتصادية.
^ الحكومة بصدد القيام بمجموعة من التدابير لسد العجز المالي المسجل منذ بداية أسعار البترول، ستظهر في قانون المالية الموجود على مستوى البرلمان، وهي متمسكة في الوقت ذاته بسياسة الدعم الاجتماعي، هل تعتقد أنها خيارات مناسبة؟
أعتقد أن جميع الجزائريين بمختلف مستوياتهم على معرفة تامة بأن احتياطات البلاد من العملة الصعبة تقلصت لأن سعر النفط انخفض في السوق الدولية، ومن الطبيعي أن يكون لذلك تأثير على العائد المتوسط للجزائري وأيضا على مستوى الضرائب المتوقع تحصيلها من قبل الدولة. وهذه الأخيرة مطالبة باتخاذ مجموعة من التدابير للاستمرار في ضمان مجموعة من الخدمات للبلاد لاحتواء عجز الميزانية بمصادر أخرى للعائدات المالية وهي إجراءات متوقعة ومعمول بها في مختلف البلدان.
وإذا اتخذت الحكومة الإجراءات المالية المطلوبة في هذه المرحلة لا يوجد إشكال في احتفاظها بالاستمرار بالدور الاجتماعي، ومن المنطقي أن التعامل مع الأزمة يلزمنا بمراجعة السياسة الاجتماعية، الاقتصادية والمالية، ولا نستطيع المواصلة في تمويل كل شيء، وقد نصل حتى إلى وقف مجانية التدريس في الجامعات ودعم الفئات الهشة في البلاد ونعيد إجباريا التمدرس ولكن ليس مجانا، وهذا أمر واقع في إفريقيا.
فالدولة عليها أن تختار بين القيام ببعض الواجبات الاجتماعية على حساب الأموال التي بين يديها أو أن تخفض هذه الخدمات وفقا للطبقات الهشة في المجتمع حتى تحقق توازن الميزانية، والذي يملك حلا من غير هذا فليقدمه.
^ هناك تخوف من عودة البلاد للاستدانة الخارجية والخضوع لشروط المؤسسات المالية الدولية الكبرى كما حدث في التسعينات، كيف ترى العودة إلى الاستدانة؟
المديونية طريقة من طرق التمويل التي تستعملها جميع الدول مهما كانت حتى الولايات المتحدة والتي تبلغ ديونها الخارجية 19 ألف بليون دولار (19 ألف مليار دولار)، هذا التدين الخارجي شي عادي ليس فيه لا وجه سلبي ولا وجه إيجابي، إذا احتجت إلى الاستدانة كي تقوم بالتوازن في ميزانيتك تدين لا خوف في ذلك.
أحسن طريقة للدولة كي لا تمر مجددا على البنك الدولي و صندوق النقد الدولي هو أن تأخذ بعين الاعتبار الحالة الاجتماعية والمالية والاقتصادية الحقيقية للبلاد، في الثمانينات المسؤولون مع الأسف أنكروا هذه الحالة ولم يصلوا إلى حل حتى وقعت الأزمة.
^ الدولة تعمل على تنفيذ سياسة اقتصادية جديدة، يحتل فيها القطاع الخاص مكانة كبيرة، كيف يمكن للمتعاملين الاقتصاديين الخواص المساهمة في إعادة صياغة الاقتصاد الوطني؟
الجزائر مع الأسف شيدت اقتصادها على ريع النفط وما لم نستطع الخروج منه، وعندما فتحنا الباب أمام الخواص لم يستغلوا الفرصة لرفع مستوى إنتاج البلاد مثل كوريا الجنوبية التي اتبعت سياسة تشجيع الصناعة الداخلية، نحن كنا نوزع الريع وبعدها ننتج وأظن أن الحكومة تقوم بدورها في هذا المجال لاستدراك الوضع.
وأعتقد أن دور القطاع الخاص بقي في مرحلة استغلال الريع وهذا معترف به، و يجب أن يصل إلى دور الإنتاج الحقيقي  للثروة المبني على الصناعة وهذا ما لا نراه لحد الآن مع الأسف، والفئة الخاصة الحاضرة في هذا الوقت تعتمد على مشاريع الدولة والاستيراد.لذلك لا يحق لهم لوم الحكومة على خياراتها الاقتصادية التي أخذتها بكل حرية.
الذي يشتري من الخارج ليبيع في الجزائر، لم يمنعه أحد كي يصنع بضاعته المستوردة في الجزائر مثلما فعل الكوريون، والهنود والصينيون.
البيروقراطية من المفروض تخدم من يصنع وليس من يستورد، وما ألاحظه هو أن هناك قطاعا خاصا يكدس الأموال ولا يستثمرها وبعدها يأتي ويقول البيروقراطية تعرقلني، من هذا الباب لا يحق لهم انتقاد الحكومة.
يجب على المؤسسات الخاصة أن تأخذ المبادرة لصنع الأشياء المستوردة هنا في البلاد وتساهم في إعادة هيكلة حقيقة للاقتصاد، خاصة وأن هناك تسهيلات كبيرة للمستثمرين الأجانب والوطنيين.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025