يشغل الوضع الاقتصادي العالمي بال الخبراء و صناع القرار على حد سواء خاصة بعد انكماش هذا الأخير جراء الأزمات الاقتصادية المتتالية التي أوصلت الكثير من الدول إلى عتبة الإفلاس على غرار اليونان التي تعتبر من أكثر الدول الأوربية تضررا جراء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، بينما وجدت دول أخرى نفسها مضطرة إلى اتخاذ إجراءات تقشف غير مسبوقة لمواجهة هذه المعطيات الجديدة و هو ما دفع الكثير من الباحثين و الخبراء إلى التفكير في إحداث ثورة في المفاهيم الاقتصادية التقليدية التي لم تعد قادرة على مواكبة التطورات الهائلة في ظل اقتصاد معولم.
في هذا الصدد نظم المركز الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة بمقره ببئر خادم، أمس، ندوة نقاش بعنوان : “ التطور الاقتصادي في إطار هندسة جديدة معولمة” و في هذا الصدد اعتبر ضيف المركز الدكتور خوان دو كاستور، أستاذ الاقتصاد و الخبير في مجال السلم وإعادة تأهيل الاقتصاديات لمرحلة ما بعد النزاعات و أحد أعضاء مهمة السلام الأممية إلى أفغانستان، في تقييمه للأوضاع العالمية أن الاقتصاد العالمي يشهد حالة فتور في الديناميكية جراء العديد من الأسباب و لكنه أكد أن الهدف من مداخلته ليس تعديد هذه المشاكل التي يعلمها الجميع و لكن اقتراح الحلول والتي لا يمكنها أن ترى النور – على حد قوله – إلا من خلال إعادة النظر في الكثير من المسلّمات السابقة و في هذا الإطار اعتبر ضيف المركز الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، أن النظرية الاقتصادية “الكينزية “ لم تعد صالحة وأن الأولوية لا تكمن في البحث عن سياسات اقتصادية جديدة و لكن في مراجعة السياسات وإعادة النظر فيها وفي هذا الإطار قال دو كاسترو إنه يجب الكلام عن اقتصاد مؤسساتي يتطور و ليس عن الاقتصاد بالمفهوم التقليدي داعيا صناع القرار إلى فهم التغيرات الحاصلة ومواكبتها وأضاف أن السياسات النقدية التقليدية لم تعد تستجيب للتطورات الحالية.
دو كاسترو و في معرض حديثه عن الاقتصاد العالمي و التغيّرات التي شهدها قال إن البترول لم يعد مادة نادرة كما كان في السابق وإن السعودية لم تعد المنتج المرجعي للنفط وهذا ما جعل الأوبيب تجد صعوبة في التحكم في الأسعار و في هذا الصدد اعتبر المحاضر أن التوجّه نحو تنويع الاقتصاد هو الحل الوحيد الذي يمنح للدول المرهونة اقتصاديا لمداخيل المحروقات قدرا أكبر على المناورة لمواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة وأضاف إن هناك دولا حققت نموا اقتصاديا رغم خروجها من المظلة النفطية داعيا في الوقت نفسه أن يكون التوجه نحو تنويع الاقتصاد قائما على الإبداع و الابتكار من خلال تبنّي نموذج أعمال جديد يأخذ بعين الاعتبار التحول الطاقوي أي التقليل من الاعتماد على المحروقات سيما في ظل الاتفاقيات المبرمة حول المناخ و التي كان آخرها اتفاقيات الـ (كوب 22).
خوان دو كاسترو و في رده عن سؤال “ الشعب” حول إمكانية الحديث عن هندسة اقتصاد معولم في ظل المعطيات العالمية الراهنة و خاصة منها انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية و تصريحاته التي تتنافى تماما مع هذا الطرح و التي كان آخرها إعلانه الانسحاب من اتفاقية عبر المحيط الهادي (تي.تي.بي) بمجرد تسلمه لمهامه رسميا، اعتبر المحاضر أن الإدارة الأمريكية الجديدة تشكل مصدر قلق كبير لهذا التوجه بسبب السياسة الحمائية التي أعلن عنها ترامب مؤكدا أن ذلك يتنافى مع التوجهات الاقتصادية العالمية وأضاف أن ذلك من شأنه أن يزيد من فتور الديناميكية الاقتصادية العالمية.
اعتبر أن السياسات النقدية الحالية تجاوزها الزمن
دو كاسترو: التطور الاقتصادي يكمن في التخلص من التبعية للمحروقات
أمين بلعمري

شوهد:125 مرة