اعتبر السيد شارل فرديناند نوتومب، أن ظاهرة الهجرة في المتوسط تعرف المزيد من التفاقم، لكن لا يعني ذلك مواجهتها ببناء الجدران ومضاعفة أعداد الشرطة على الحدود لمنع المهاجرين من دخول الأراضي الأوروبية ولكن من خلال تقنين تدفق أولئك المهاجرين وذلك باعتماد نظام الحصص السنوية، أي السماح لعدد من المهاجرين من الدخول إلى الأراضي الأوروبية بطرق قانونية وهذا وحده كفيل بتأطير المهاجرين القادمين من الضفة الجنوبية نحو الشمالية.
في هذا الصدد، قال وزير الخارجية البلجيكي الأسبق، إن بلاده قادرة على استقبال 20 ألف مهاجر سنويا بكل سهولة. كما لم يخف رئيس مؤسسة الحوار جنوب - شمال بالمتوسط، لدى نزوله، أمس، في ندوة نقاش بمنتدى الشعب، إعجابه بالطريقة الكندية في التعامل مع الظاهرة والقائمة على فتح قنوات شرعية للهجرة نحو كندا وفق حصص سنوية يستقبلهم هذا البلد سنويا وهذا بحسب رأي السيد شارل فرديناند نوتومب، الذي شغل العديد من المسؤوليات والحقائب الوزارية في الحكومة البلجيكية، منها وزير الخارجية والداخلية وكذا رئيس البرلمان البلجيكي، يوفر على الاتحاد الأوربي الكثير من الأموال المخصصة لمضاعفة التواجد الأمني والرقابة على الحدود وغيرها من الإجراءات.
وسرد وزير الدولة البلجيكي تجربته عندما كان وزيرا للداخلية، حين طلبت منه هولندا تشديد الرقابة على الحدود بين البلدين لوقف تدفق المهاجرين نحوها وكيف رفض المطلب الهولندي وبرر ذلك بالكلفة الكبيرة لتلك الإجراءات في حال اتخاذها على الخزينة العمومية لبلاده، لأن المهمة كانت تحتاج إلى الآلاف من عناصر الشرطة للقيام بها.
وهنا قدم رؤيته في هذا الخصوص والتي لخصها في أن مواجهة ظاهرة الهجرة في المتوسط، لا تتم بالطرق التقليدية وبإقامة الجدران والأسلاك الشائكة ولكن من خلال تأطير الظاهرة وفق قوانين واضحة تستجيب للرغبات والمطالب المتزايدة في الهجرة نحو أوروبا. ولكن، أضاف، أن ذلك يجب أن يتم وفق ظروف محددة وشروط معينة كأن يتعلم المترشح للهجرة لغة البلد الذي ينوي التوجه إليه وكذا مدى توفّر فرص العمل وغيرها من الظروف اللازمة للهجرة.
السيد نوتومب لم يخف أن المواطن الأوروبي لازال لديه شيء من الفوبيا تجاه المهاجرين القادمين من الضفة الجنوبية. ورد ذلك إلى شح المعلومات عن الجهة المقابلة. ولكن أكد في الوقت نفسه، إنه وبمجرد وصول المهاجرين إلى أوروبا واحتكاكهم بهذا الأخير، يتغير سلوكه نحوهم ونلمس لديه الاهتمام لحالتهم والقيام بتقديم كل المساعدات اللازمة والظروف الأفضل لاستقبالهم، وأضاف ان ذلك واجب إنساني.
وعن إعلان الجزائر للحوار بين الجنوب والشمال الذي تمخض عن أول مؤتمر لهذا الحوار احتضنته الجزائر سنة 2006 برعاية رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، قال وزير الدولة البلجيكي إن هذا الإعلان أسّس لآلية الحوار بين الضفتين ويمكن اعتباره مرجعية في هذا الاتجاه، لكنه قال إن هذا الأخير ليس نصا سماويا مقدسا وبالتالي يمكنه أن يخضع للاجتهاد والمراجعة وفق ما تتطلبه المستجدات والتحديات التي تعترض الحوار بين ضفتي المتوسط.