المجاهدان بن القبي وبقدور: الاستعمار الفرنسي حاول استغلال الطلبة الجزائريين بشتى الطرق

سعاد بوعبوش

أكد كل من المجاهد والدبلوماسي صالح بن القبي والمجاهدة زوليخة بقدور، اليوم، أن التاريخ الوطني لحد الساعة لم يلق المكانة التي يستحقها بالرغم من كونه جزء هام من الدولة الجزائرية الحديثة و أحد ركائزها ومحطة هامة وضعت بلادنا في منعرج ذاع صيته واتخذ السلاح صوتا له في كل المحافل الدولية والإقليمية بعد فشل الطرق السلمية التي اتبعها الشعب الجزائري بمختلف شرائحه في مجابهة القوة الاستعمارية الفرنسية الذي حاول بكل الوسائل طمس هويته الوطنية والتاريخية واللغوية.

في هذا الإطار شدد بن القبي خلال ندوة نقاش لمنتدى "الشعب" بعنوان "الطلبة الجزائريون.. من حرب التحرير إلى بناء الدولة" على أهمية كتابة التاريخ وتدوين الشهادات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وفي استخلاص الدروس والعبر من أخطاء الماضي والاستفادة من وجهة نظر المجاهدين الذين عايشوا وقائع مختلف الوقائع التاريخية التي كانت تتسم القرارات المتعلقة بها و بتنظيمها بالسرية خوفا من السياسة الانتقامية التي مارستها فرنسا ضد الشعب و كل ما يتعلق بما هو جزائري.

وقال المجاهد والدبلوماسي أحد الأعضاء البارزين في الحركة الطلابية آنذاك أن الطلبة الجزائريين الذين كانوا لا يمثلون سوى 400 من بين 5 آلاف طالب فرنسي كانوا يعانون على غرار الشعب من الممارسات الفرنسية والظروف القاسية والتضييق والحرب النفسية والتلاعب بهم لتحويلهم إلى "حركى" وعملاء للنظام الفرنسي.

وأوضح المجاهد والدبلوماسي السابق أنه الرغم من كل تلك الممارسات التي جسّدت إجرام الاستعمار الفرنسي حرص الطلبة على المحافظة على أنفسهم و انتمائهم و تنظيمهم، حتى في السجون التي حوّلوها الى مدارس من خلال ممارسة التعليم بها بل وفيها أقسام متخصصة، وهذا إدراكا منهم لأهمية العلم في تكوين النخبة ونشر الوعي وإدراك الأمور وكل ذلك خدم الثورة التحريرية فيما بعد.

وعرّج بن القبي على الدور الذي لعبته الحركة الطلابية وكيفية انخراطها في الثورة، مشيرا إلى أنها كانت تعيش في إطار تنظيمي محكم وتنشط تحت ما كان يسمى "جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين" ومتمسكة بالعمل في إطار مغاربي، غير أنه ابتداء من فيفري 1955 تم توجيه نداء لكل الطلبة الجزائريين للتفكير في خلق تنظيم طلابي جزائري حمل اسم "اتحاد الطلبة الجزائريين الإسلاميين"، وليلة تأسيس الاتحاد تم القبض على المرشحين الأربعة لقيادة الاتحاد.

وأشار المجاهد أن أنه تم إضافة صفة إسلامي إلى الاتحاد الطلابي للمحافظة على الهوية الوطنية، وفي جويلية 1955 عقد أول مؤتمر وتم تأسيس مكتب بكل الجامعات التي فيها طلبة جزائريون لتسيير الطلبة، وعقد الاجتماع الأول الذي انبثق منه قرار إضراب الطلبة قبل كل امتحان، مشيرا إلى أن المثقفين والطلبة كانوا متخوفين من النكسة إلا أنهم استقبلوا بحفاوة كبيرة.

وأوضح بن القبي أنه حتى بعد الاستقلال عملوا على استدراك الأوضاع، حيث عيّن مدير الثقافة بالخارجية وعمل على هذا الأساس بعد أن حرصت فرنسا قبل خروجها على تعجيز الجزائريين من خلال تركهم أمام تحديات كبيرة بعد تدمير الجامعة وحرق مخطوطاتها، فكان حريصا على ضمان التعليم الذي حرم منه، كما عملت المديرية على تعزيز علاقاتها مع "اليونيسكو" من خلال تسجيل انتماء الجزائر لها وتم اختيار عبد الرحمان بن حميدة كممثل لها.

اللغة العربية جزء من الهوية الوطنية تم تطويقها بمنع تدريسها

من جهتها تطرقت المجاهدة زوليخة بقدور في شهادتها إلى المناورة الفرنسية التي عمدت السلطات الاستعمارية إلى القيام بها "لا بولييت" والتي تؤكد استخدام فرنسا لكل الوسائل المتاحة من أجل كسر الثورة من خلال استغلال الناس بمن فيهم الطلبة الذين كان عددهم قليل لا يتجاوز 40 طالب من بينهم 20 طالبة وتزوير الحقائق وتقديمهم كخونة، ومنهم من ذهبت أرواحهم هباء نتيجة لهذه الممارسات.

وتأسفت لنكران شباب اليوم للغتهم وعدم إتقان العربية ولا الفرنسية فضاع التكوين اللغوي للطالب الجزائري بالرغم من التسهيلات والإمكانيات المتاحة، في حين أنهم حاولوا التمسك بها بالرغم من محاربة فرنسا للغة العربية ومنع تدريسها واستبدال ذلك بالفرنسية، مشيرة إلى ضرورة قراءة التاريخ لأن الجيل الحالي جاهل به وبكل ما مورس ضده لطمس هويته وتركه غارق في مغريات لا تهمه ولا تعود بالفائدة على مستقبله.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025