بترسيم حركة مجتمع السلم «حمس» قرار عدم مشاركتها في الحكومة، رغم احتلالها المرتبة الثالثة بعد حصدها على 34 مقعدا في اقتراع الرابع ماي، يكون المشهد السياسي قد اتضح أكثر، لعل أهم ما يسجل في تموقع التشكيلات السياسية في خارطة المجلس الشعبي الوطني، أن الأحزاب التي ارتكزت في يدها الأغلبية طيلة الفترة التشريعية هي نفسها، كما أن المعارضة بدورها لم تتغير، رغم تغير عدد المقاعد في الحالتين، ولعل الفارق الوحيد المسجل بروز قوة ممثلة في الأحرار.
لاشيء تغير في المشهد السياسي للبرلمان، إلا بروز قوة جديدة ممثلة في الأحرار الذين افتكوا المرتبة الرابعة، وكانوا بذلك المنافس الحقيقي للمعارضة، بدل أحزاب الموالاة، التي استمرت في الحفاظ على ما حققته، رغم تراجع البعض منها على غرار الحزب العتيد «الأفلان»، لأن البعض الآخر في مقابل ذلك سجل تقدما على غرار التجمع الوطني الديمقراطي وكذا تجمع أمل الجزائر ـ تاج، والحركة الشعبية الجزائرية، محافظين بذلك على أغلبية تضمن للحكومة العمل في أريحية، في ظل دستور جديد يتميز أساسا بتعزيز الممارسة البرلمانية للمعارضة.
والسؤال المطروح بعد أسبوع كامل شدت فيه الأنظار، لحركة مجتمع السلم التي رجح مجلسها الدستوري في نهاية المطاف قرار وخيار رئيسها، مرسما بذلك بقاءها في صفوف المعارضة، بعد الانتخابات التشريعية للعام 2012، ماذا كان سيتغير لو شاركت مقارنة بالطبعة الأخيرة، الأكيد أن عودتها كانت تكرس عودة هيئة الائتلاف الرئاسي بشكل جديد، لأنها كانت ستكون لا محالة في الأغلبية وفي الحكومة، معززة بذلك القاعدة البرلمانية، وكان البرلمان سيكون مشابها لطبعات الفترات التشريعية السابقة على غرار 2002 و 2007 ، إلا أن عدم عودتها لن يغير شيئا لأن معادلة الموازين تبقى بنفس الأوجه.
عدم مشاركة «حمس» سيبقي على نفس موازين القوى والأهم على نفس المواقع للأحزاب، ذلك أن الحركة التي افتكت 34 مقعدا، سحبت بساط ريادة المعارضة من حزب جبهة القوى الاشتراكية «الأفافاس»، التي حصلت عليه في 2012 ، معززة صفوف معارضة سجلت في العموم تراجعا كبيرا في نتائج التشريعيات، فاسحة المجال أمام قوة جديدة ممثلة في الأحرار، الذين تموقعوا بقوة.
وقد طغى الحديث في غضون الأسبوع المنصرم، عن إمكانية عودة أكبر الأحزاب المنتمية إلى التيار الإسلامي إلى الجهاز التنفيذي، بالنظر للنتيجة المحققة في الانتخابات التشريعية، لاسيما وأن رئيسها عبد الرزاق مقري تحدث عن المشاركة في الحكومة في حال افتكاك عدد من المقاعد يؤهلها لذلك، رغم أنه كان من بين الداعين في عهد الرئيس السابق أبو جرة سلطاني إلى الخروج منها، ومن هيئة التحالف الرئاسي، صراع لم ينته بكسبه جولة المؤتمر الثالث الذي أسفر عن مغادرة سلطاني منصب رئاسة الحركة، و عاد الصراع مجددا إلى العلن، كون سلطاني دافع بقوة عن خيار العودة إلى الحكومة، فيما عاد مقري الذي كان سباقا إلى الحديث عن الالتحاق بالحكومة، عن مقترح القرار.
وبعملية بسيطة جدا، فإن البرلمان يتميز أساسا ببروز ثلاث قوى، فإلى جانب الأغلبية والمعارضة، ظهرت قوة جديدة شكلها الأحرار الذين شاركوا بقوة في الانتخابات التشريعية، واكتسحوا الغرفة الثانية بنفس القوة، مزحزحين المعارضة عن مكانها.