أجمع المتدخلون في محاضرة نظمها أمس المجلس الإسلامي الأعلى بمقره، على أهمية اليقظة الروحية في تحصين مجتمعاتنا الإسلامية، لاسيما فئة الشباب الذي يغرق في الآفات الاجتماعية الخطيرة كالمخدرات، والتفكك بسبب غياب الوازع الديني في ظل ما تحضره المخابر الغربية لضرب قيمنا الحضارية وهويتنا العربية الإسلامية، مطالبين بإقحام المؤسسات في اليقظة الروحية.
استعرض بشير مصطيفى وزير سابق وخبير اقتصادي، في مداخلته بعنوان «النموذج النظري لدالة الإنتاج المبنية على الفقه الإسلامي»، المخططات الغربية منذ القرن 18 لضرب الأمة الإسلامية في حضارتها وهويتها، من بداية استعمار الدول العربية باسم تحصيل الذهب الذي يسمح بالثورة الصناعية، وفي القرن 19 بدأ الاستعمار الذي خطط له في الثلث الأول من القرن 18، من 1800 إلى 1830 باستعمار الجزائر.
و أوضح مصيطفى في هذا الصدد، أن الاستعمار قسم الدول وأنشأ المدارس العسكرية وفكرة العسكرة، لأن الاستعمار قوبل بثورات، وفي القرن 20 وقعت الحرب الباردة والقطبية الثنائية، والفكرة السياسية والعسكرية الفكر الشيوعي واليساري، كما وقعت اتفاقية سايكس بيكو التي أعطت منطقة النفط لبريطانيا، بحيث وقع في القرن21 استغلال النفط الضعيف للسعودية وما جاورها والاحتفاظ بالنفط الأمريكي، مما مكنهم من ربح الكلفة الحدية للإنتاج.
وأضاف أنه، في الثلث الأول من القرن21 انتهت وظيفة النفط والأفكار الاستعمارية والسياسية التي كانت في القرنين 19 و20 و أتت الحاجة للمتغيرات الثقافية من أفكار دينية، ولغوية، تراث، روح، نحل، الإرهاب، والدين وغيرها في القرن21، مشيرا إلى أن الإشارات الأولى للتحول من متغيرات جديدة لإدارة العالم بدأت سنة 2001 عند ضرب البرجين الأمريكيين.
وقال»خسرنا الفكرة الاستعمارية وأصبحنا دول مستعمرة وخسرنا الفكرة السياسية وخسرنا الفكرة الاقتصادية وأصبحت الدول المسلمة دول سوق وليست مصنعة، و نخاف خسارة الفكرة الثقافية ونصبح سوقا ثقافيا للغات واللهجات والنحل والملل للحداثة وما بعد الحداثة والفن».
وشدد الخبير الاقتصادي في هذا السياق، على ضرورة التشبث باليقظة الروحية كي لا نقع في هذا المأزق بتحصين جيل الشباب ضد ما يحضر له الآن من سيناريوهات تفكيك ديني وثقافي ولغوي، مؤكدا أن الإشارات من 2000 إلى 2017 بالهجوم على الأبراج، وبالتالي تدشين قانون مكافحة الإرهاب ولصقه بالإسلام، تلتها الإصلاحات التربوية، تسريبات الامتحانات، ضعف الشهادات، العنف في المدارس، الغش، تفكيك المنظومة التربوية، بحيث لا تعطي جيلا يتحلى بالأخلاق، بل جيلا متعلما فقط، وهذا ما نلاحظه في مجتمعنا على عكس ما كان في الماضي. كذلك تفكيك اللغة بتعويض اللغة التقليدية بالمحلية، ترقية اللهجات إلى لغات رسمية في الكثير من الدول، والتفكيك الديني بخلق عدة مذاهب وطوائف، كما أن هناك إشارات أخرى تمهد لمنظومة روحية خلال 15 سنة القادمة.
وبالمقابل، قال مصيطفى إن الدين هو حافز من حوافز الإنتاج، وأن المسجد من الأعوان الاقتصادية الذي يعمل على نشر عملية الأخوة، التربية، والحق، ويرى الخبير أنه للقضاء على الفقر ينبغي تحويل أموال الزكاة إلى سيولة وفق ما يتطلبه العصر، وذلك برأسمتها كحقوق تملك في شكل أسهم في شركات وأصول استثمارية تخلق قيمة إضافية، ويأخذ الفقير نصيبه من الأسهم ويداولها وبالتالي نقضي على الفقر، مشيرا إلى أن كثرة الفقراء في عصرنا بسبب العمل بالزكاة التقليدية.
شايشي: الدين هو أهم عنصر محرك للشعوب وعلينا ضبط المصطلحات
من جهته، تناول الأستاذ محمد العربي شايشي موضوع اليقظة الروحية لنهضة المسلمين آفاق القرن 22، قائلا إن الدين هو أهم عنصر محرك للشعوب، كما أن اليقظة الروحية هي ضرورة عصرية كونها تدفع الضرر وتحمي الكيان الوجودي للأمة الإسلامية، ونتائجها قطعية وتقلل من التكاليف. مشيرا إلى أن هناك أدلة من الحديث النبوي وأدلة تاريخية عن اليقظة الروحية، التي كانت منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وكل تصرفاته كانت مبنية على الاستشراف والتخطيط والاستعانة بالعلوم المختلفة، من خلال السعي لتحقيق خيرية الأمة.