«فوزيـة»، «أم الخير» و«حوريــة» في الواجهـة
فوزية، أم الخير، حورية وأخريات أسماء لنساء رفضن البقاء تحت طائلة الجهل والأمية، هنّ نساء منعتهن الظروف التي عشن فيها من الالتحاق بالمدرسة لأنهن ينتمين الى عائلات فلاحية تستقر في أعالي جبال الأطلس التلي بولاية عين الدفلى، ولكن وبفضل الاستراتيجية الوطنية لمحوالأمية استطعن كسر قيود الظلام وأصبح بمقدورهن اليوم القراءة والكتابة، في هذا الاستطلاع تنقل لكم «الشعب» شهاداتهنّ واحساسهن عند فكهنّ شيفرة القراءة والكتابة وإن كن تجاوزن سن التمدرس بسنوات طويلة.
«تمنيت ارتداء المئزر الوردي»
فوزية، 45 سنة ام لسبعة ابناء، ماكثة بالبيت هي اليوم تدرس انتقلت الى السنة خامسة قالت عن تجربتها مع محوالامية فقالت: «ولدت في عائلة بسيطة لا تؤمن بضرورة دراسة الفتاة لذلك كنت ومنذ ولادتي ادرب لاكون الزوجة المثالية، وبالفعل تزوجت وانا في سنّ السادسة عشرة من العمر، واليوم ورغم بلوغي سن الـ45 سنة أنا جدة، ولأنني كذلك اصبح بإمكاني اخذ القرارات دون وصاية، لذلك طلبت من ابني تسجيلي في مركز لمحوالأمية ببلدية السلامنية بعين الدفلى لاحقق حلما راودني لسنوات طويلة، فعندما تعلم ابنائي القراءة والكتابة وصار بإمكانهم قراءة القرآن بمفردهم تساءلت في صمت عن السبب الذي يمنعني من فعل ما فعلوه حينها لم يكن بالإمكان البوح بهذا الحلم لأن المراكز لم تكن فتحت بعد ولكن اليوم اصبح بالإمكان التعلم بكل اريحية».
اضافت فوزية قائلة: «عندما دخلت القسم شعرت وكأنني فتاة في السادسة من العمر وتخيلت نفسي لبس المئزر الوردي معلق في جانبها الأيسر بطاقة كتب عليها اسمي ولقبي ورقم قسمي، تلك الأحلام جعلتني ادرس بشغف وعوض ان اساعد ابنائي في الدراسة كانوا هم من يساعدني في مراجعة دروسي، ولعلّ تجاوز اصغر ابنائي لي بسنة في الدراسة حولنا الى اخوين كان ابني الأكبر بيننا، ما ساعدني في التفوق في دراستي فقد انتقلت الى السنة الخامسة واتمنى ان انجح وانتقل الى التعليم المتوسط ثم الثانوي ولم لا التخرج من الجامعة حتى وان بلغت من العمر الستين».
أم الخير، زميلتها في الدراسة تكبرها بعشر سنوات تبلغ من العمر 55 سنة، التحقت بمركز محوالأمية ببلدية «السلامنية» بسبب زوجة ابنها التي تخرجت من جامعة خميس مليانة منذ أربع سنوات تقريبا، قالت عن تجربتها لـ»الشعب»: «كان تثاقل زوجة ابني في قراءة إحدى الرسائل لي سببا مباشرا في التحاقي بمركز محوالأمية، لأنني ارفض البقاء تحت رحمة اي شخص بسبب جهلي، فإن سمحت لها ولغيرها بالدراسة، بنات جيلي كن رهن عقليات بالية وكذا غياب الإمكانيات المتوفرة اليوم من مدراس وثانويات ووسائل نقل تسمح للفتات بالذهاب الى المؤسسة التعليمية دون الخضوع للنظام الداخلي».
واستطردت ام الخير قائلة: «اليوم أصبح بالإمكان الذهاب للتعلم دون الخوف من كلام الناس أونظرة المجتمع الدونية، لأن العقلية أصبحت اليوم أكثر انفتاحا على تعلم الفتيات لأن العلم صار اليوم سلاح في يد حاملته، أما أنا فلا ابحث إلا عن القراءة والكتابة حتى استطيع قراءة أوراقي الشخصية وكذا قراءة القران الكريم».
محطة غيّرت حياتي
حورية، 33 سنة، تدرس بالسنة الثانية متوسط بأحد مراكز محوالأمية بمليانة، أكدت ان التحاقها بمقاعد الدراسة كان أمنيتها الوحيدة التي لم تتمكن من تحقيقها منذ سنوات طويلة خاصة بعد نجاح إخوتها الذكور في دراستهم الجامعية والتحاقهم بمناصبهم في العاصمة اما هي فكانت مجرد فتاة تحولت إلى امرأة ذات مسئوليات كثيرة بعد زواجها في سنّ الخامسة عشر، وقالت «قلصت العشرية السوداء من حظوظي في التحاق بالمدرسة لأن عائلتي كانت تخشى من اختطافي، لذلك قامت بتهريبي في صيغة «زواج» من مصير مجهول في بيئة موحشة، اليوم أنا أم لستة بنات وابن يبلغ من العمر عشر سنوات، وتلميذة في السنة الثانية متوسط استطعت كسر كل القيود وحملت محفظتي وذهبت الى قسمي لتعلم الكتابة والقراءة، وهناك ولدت من جديدة وسطرت لي حياة غير التي عرفتها من قبل.»
ولاحظت حورية قائلة:» لا استطيع وصف الشعور الذي انتابني عندما قرأت اول لافتة في حياتي، مهما حاولت سيعجز لساني عن فعل ذلك، تذكرت تلك السنوات
التي امضيتها اشاهد اللافتات والاشارات كصورة لا حياة فيها، اما هي تكلمني وانا أقرؤها أصبحت اليوم اتحدث عنها بما هو مكتوب عليها، هي اليوم جزء من حياتي لأنها ترشدني إلى طريقي كما اضافت «محوالأمية» ألوانا إلى حياتي وروحا تتحدث حروفا وكلمات».
«المسيرة البيضاء»
هن بعض النساء ممن تمكّن من محو أثار الأمية وأصبحن كما قلن سيدات انفسهن وصارت الحياة بالنسبة لهن ملونة ومليئة بالحروف المختلفة، كل ذلك لأن الدولة حملت على عاتقها مهمة كسر حاجز الجهل والأمية التي عانت منها المرأة أكثر من غيرها بسبب العقلية السائدة في فترة الستينات والسبعينات، بالإضافة إلى غياب المؤسسات التعليمية في المناطق النائية ولكن الانجازات التي حققتها الدولة منذ استقلالها جعلت من البعيد قريب ومن الوعر سهلا واعطت الفرصة لاجيال يسكنون مناطق نائية من التعلم وصار اليوم من الممكن الخروج الى المدرسة اوالمسجد لتلقي دروس في محوالأمية التي تقلّصت واصبحت في انخفاض مستمر، وحتى لا نطيل لا نستطيع تجاوز تسمية «المسيرة البيضاء» التي بدأت في اماكن بسيطة يحمل فيها المعلم طبشورا ليعلم أطفال لم يعرفوا أن جزائر 2017، سيكون فيها الآباء والأبناء متعلمين ومتمكنين من لغة العصر.
ارقام ....
1830 نسبة الأمية لم تتجاوز بالمائة 14 %
- 1948 ارتفعت النسبة إلى 94 %.
- 1955 انخفضت إلى 92 %.
-1962 قدرت نسبة الأمية بـ 85 %.
- 1966 انخفضت نسبة الأمية إلى 60ر74%.
- 1977 قدرت نسبتها بـ 59.9%.
- 1987 نسبة الأمية واصلت انخفاضها إلى 6ر43%.
- 1989 وصلت نسبة الأمية إلى 70ر42%.
- 1998عرفت النسبة انخفاضا محسوسا قدر بـ 66ر31 %.
- 2002 اكدت نسبة الامية نجاعة المجهودات المبذولة بـ26.5 %.
- 2006 بلغت نسبة الأمية 24 %.
- 2008 انخفضت النسبة الى 1ر22%.
-2013 بلغت نسبة الامية 19.2%.
-2015 وصلت الى 14%.
-2017 بلغت اقل نسبة حتى الآن بـ12.33%.