تعتبر عاصمة الأوراس باتنة من بين اكبر ولايات الوطن جغرافيا وديموغرافيا، حيث أولت لها الدولة منذ الاستقلال أهمية خاصة نظرا لتاريخها العريق ونضالات سكانها خلال الثورة المجيدة، ويعتبر قطاع الري والموارد المائية من بين أكثر القطاعات التي أولت لها الدولة أهمية بالغة نظرا لما لهذه المادة الحيوية من دور في الحياة اليومية للساكنة.
عرف القطاع; خاصة سنة 1999 قفزة نوعية في عدد المشاريع والعمليات المحقّقة والتي كان الهدف منها دائما هو وضع حد لمشكلة التزود بالمياه الصالحة للشرب، وهو ما بدا يتحقق ميدانيا ويعيشه المواطن بأغلب بلديات الولاية باتنة، خاصة بعد ربط سد كدية لمدور بباتنة بسد بني هارون بولاية ميلة إضافة إلى إنجاز عدة سدود بمناطق تفتقر فعلا إلى موارد مائية.
وقد كشف مدير الري لولاية باتنة، السيد عبد الكريم شبري، عن تدعم القطاع بمشاريع جديدة ونوعية لمواجهة الجفاف المحتمل من خلال رصد غلاف مالي إضافي يقدر بـ67 مليار سنتيم بـ18 بلدية بالولاية تعاني من نقص التزود بالمياه الشروب، خاصة في فصل الصيف، يضاف لـ21 مليار سنتيم، المخصصة من ميزانية الولاية لحفر آبار ارتوازية وتمديد شبكات المياه.
لعلّ من بين أهم المشاريع التنموية التي استفادت منها باتنة في السنوات الأخيرة هو مشروع تجديد شبكات المياه الصالحة للشرب بمدينة باتنة على مسافة 123 كلم لوحدها، حيث أكد مدير الري لجريدة «الشعب» بأن المياه تصل إلى الحنفيات بشكل معقول في حال تمّ ترشيد استغلالها خاصة بعد وصول تدفق المياه إلى 60 ألف متر مكعب يوميا، بمعدل 1.7 مليون متر مكعب شهريا، وهو ما سيفوق كل طلبات مواطني ولاية باتنة ما يعتبر انجازا تنمويا ضخما يستحق التنويه بفضل الدعم الكبير الذي ما فتئت تقدمه الدولة الجزائرية لهذا القطاع بالولاية.
وبالمناطق النائية تمّ انجاز وربط بالكهرباء وتجهيز 6000 م/ط من الآبار العميقة عبر العديد من بلديات الولاية، إضافة إلى انجاز 10 حواجز مائية، في الوقت الذي تمّ ينتظر فيه انجاز أطلس للوقاية من أخطار الفيضانات على الولاية، كما تدعّمت الولاية بعدة مشاريع حيوية تتعلق أساسا بحماية مدن باتنة الكبرى من الفيضانات على غرار مدينة باتنة والشمرة، آريس، دوفانة وغسيرة حيث وصلت الأشغال بها كلها نسب كبيرة ويوشك على استلام هاته المشاريع يضاف لها انجاز 9 مناقب جديدة في إطار البرنامج ألاستعجالي لتزويد ولاية باتنة بالمياه الصالحة للشرب في كل من بلديات بريكة، سقانة وبيطام، في الوقت الذي تمّ فيه تأهيل أزيد من 25 منقب مائي وإعادة الاعتبار له.
وقد أكد مدير القطاع توسعة محطة تصفية المياه المستعملة بعاصمة الولاية وكذا بلدية بوزينة، إضافة إلى تهيئة الوديان العبارة على مدينة باتنة على مسافة 3.5 كم وتغطية 1.75 كم، في الوقت الذي تمّ فيه إنشاء محيط سقي ببلدية تيمقاد.
وكان طفرة مشاريع قطاع الري بباتنة ربط سدي بني هارون وكدية لمدور حيث وصلت، العام الماضي أولى كميات مياه سدّ بني هارون إلى سدّ كدية المدور بتيمفاد، وهو ما من شأنه القضاء نهائيا على أزمة نقص المياه التي عانت منها الولاية باتنة في السنوات الأخيرة، خاصة في فصل الصيف أين يكثر استعمال هاته المادة الحيوية.
وقد كلف ميزانية الدولة غلافا ماليا ضخما بالإضافة إلى المجهودات الكبيرة التي بذلتها السلطات العمومية الولائية والمركزية، حيث ستزيد قوة المياه إلى 60 ألف متر مكعّب يوميا، على أن تبلغ أكثر من 1 مليون و700 ألف متر مكعّب في الشهر، وهو معدل تدفق لم يسبق وأن استفادت منه الولاية، التي تضم 61 بلدية موزعة على 21 دائرة بتعداد سكاني كبير يفوق 1.5 مليون نسمة، وهو ما يعني حسب مدير الموارد المائية عبد الكريم شبري تغطية كل احتياجات الولاية من هاته المادة الحيوية جدا خاصة ونحن في فصل الصيف وعلى مقربة من شهر رمضان الكريم، لا سيّما وأن مخزون سدّ كدية المدور يفوق حاليا 21 مليون متر مكعّب من الماء.
ويندرج تحويل مياه سدّ بني هارون إلى سدّ كدية المدور بتيمفاد في إطار مخططّ أخضر استعجالي عبر قناة بطول 120 كلم وبقطر 1,40 متر، حيث يصل تدفّق الماء فيها إلى 1 متر مكعّب في الثانية، فيما تمّ تشغيل القناة الثانية الموازية لها منذ مدة قليلة، وسمح نظام بني هارون بتوفير كمّية من المياه لولاية تقدّر سنويا بـ 282 مليون متر مكعّب مع تأمين احتياجاتها من هذه المادة الحيوية على مدى الـ30 سنة المقبلة كما أكدته البطاقات التقنية للمشروع.
400 مليار سنتيم لإنجاز مركب للتطهير والصرف الصحي
وللحفاظ على المياه وإعادة استغلالها يرتقب أن يتدعّم القطاع بمشروع كبير خاص بإعادة استغلال المياه لفائدة سكان بعض بلديات باتنة، التي استفادت من مشروع لإنجاز مركب للتطهير والصرف الصحي من المنتظر أن تنطلق به الأشغال قريبا فور انتهاء الدراسات الميدانية والتقنية له حسب ما أفاد به السيد عبد الكريم شبري مدير الري للولاية حيث ستفتح من اجل ضمان نجاح أشغاله مناقصة وطنية بحر الشهر المقبل.
وأوضح شبري انه قد تمّ اختيار محطة الصرف والتطهير القديمة لبناء المشروع الجديد الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 400 مليار سنتيم سيشمل مدينة باتنة والمدينة الجديدة لحملة وبعض أحياء بلدية تازولت، مؤكدا وجود مشروع آخر سيتم انجازه ويتعلّق بمحطة ثانية لتصفية المياه المستعملة ومياه الصرف الصحي تستوعب ما يفرزه سكان مدينة باتنة والمقدر بـ450 ألف نسمة، ويأتي هذا المشروع الكبير بعد استفادة مدينة مروانة حسب مدير الري من مشروع تقدر تكلفته 350 مليار سنتيم من المنتظر أن يدخل حيز الخدمة مباشرة بعد انتهاء الأشغال به مطلع العام القادم 2018، خاصة وأن نسبة الأشغال به قد فاقت الـ60 بالمائة.