لا نسمح «بتبييض» صورة من أساء للثورة

الرعيل الأول سجل بالصوت والصورة مواقف الرجال

جمال أوكيلي

وصف مبارك خالفة الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين المحاولات الحالية الرامية إلى «تبييض» صورة البعض من الرجال الذين إعترضوا النشاط الثوري للمجاهدين في مناطق معينة بـ «المغرضة» و«الحاملة» لخلفيات خطيرة جدا في حالة تصنيفها في خانة «المسكوت عنها» قد تلحق ضررا ماديا ومعنويا بأحرار وشرفاء هذا الوطن الذي أفنوا عمرهم من أجل طرد احتلال غاشم ووحشي لم تشهده الإنسانية في مسيرتها.
كما أن التمادي في الترويج لهذه المواقف المعادية للثورة، قد يثير غضب الكثير من الجزائريين الذين عانوا من ممارسات هؤلاء الذين عطلوا من إنتشار الثورة في تلك الأماكن مكلفة جبهة التحرير الوطني ضحايا في صفوفها نتيجة ما أقدم عليه هؤلاء من عمليات قتل.
ومهما تكن تلك الشهادات المخالفة لمنطق التاريخ والساعية لإخفاء العمل الإجرامي والبشع فإن مسار الأحداث لا يمكن حجبه أو التنصل منه لذلك فإن الإجابة وردت على لسان الرعيل الأول من خلال تسجيلاتهم بالصوت والصورة للحقائق الساطعة في تلك الفترة وهذا موجود على أكثر من جهة أي في المتاحف التي تهتم بأقوال من عاشوا تلك المرحلة، والفرز اليوم موجود والحسم قائم في هذه المسألة الحساسة جدا التي فصل فيها المجاهدون ولاداعي إلى أي تطاول على الآخر.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن ما يسمى بمحمد بلونيسي كان متمركزا في حوش نعاس وله رجالاته في خميس مليانة، ونوغة إلى غاية المسيلة وحدود الجلفة، مشكلا حاجزا يمنع عبور المجاهدين إلى نقاط أخرى.
العتاد العسكري الذي كان بحوزته مصدره فرنسا، أراد التصدي لكتائب المجاهدين وحرمانهم من التوجه إلى عمق الصحراء والإنتقال إلى نقاط أخرى وهذا بالسيطرة على جبل مساعد، ونظرا لهذه الحالة اللاأمنية التي أحدثها، قررت القيادة التخلص منه في جبل بوطي السايح، جزاء غطرسته وإساءته للثورة، شأنه شأن كل من رفض الإنصياع لنداء تحرير الوطن، وكان مصيرهم معروفا فيما بعد.
وأبدى مخالفة تأسفه لتحركات البعض في هذا الإطار بعد ٦٠ سنة من الإستقلال، لإضفاء طابع الشرعية وإعادة الإعتبار لأناس سببوا متاعب لا تعد ولا تحصى للثورة، وأخرت حتى في استقلالها هذا ما ينطبق على الحركى الذين كلفوا من طرف فرنسا بأعمال قذرة والتاريخ يشهد على ما حدث.
وبالتوازي مع هذه المحاولات المكشوفة فإن ما يدبره الأقدام السوداء من مطالب استرجاع ما يسمونه بأملاكهم يثير تساؤلات لدى الكثير من الجزائريين خوفا من مسايرة البعض لما يقدمون عليه اليوم، في ولوج أروقة العدالة باسم «وثائق» عديمة الصلاحية تابعة لإدارة استعمارية أخذت أملاك الشعب الجزائري بالقوة وحسمت في الأمر إتفاقية إيفيان،، وكل ما نسمعه اليوم من أن «الأقدام السوداء» إسترجع البعض منهم «أملاكا» هنا وهناك مجرد إشاعة يريد أصحابها إنتشارها قدر المستطاع حتى تترسخ في ذهنية الجزائريين وتتحول إلى واقع، وفي هذا الشأن رد خالفة قائلا إن كان الأمر على هذا النحو فإنه من حقنا أن نحاسب فرنسا على تكاليف إحتلالها للجزائر لمدة ١٣٢ سنة وتعويضنا عن ٥، ١ مليون شهيد، هكذا تكون الأمور واضحة كل الوضوح.
وفي هذا الشأن اعتبر خالفة أن الجزائر بلد كان قائما بذاته قبل دخول الإستعمار وإن وطئت قدماه هذه الأرض، حولها إلى نار ودخان، دمر كل معالم هذا البلد، وأدخل عليها تغييرات على أشكالها لمطابقتها مع تلك الموجودة في الضفة الأخرى، وهكذا فإن الخلاطة التي نخرج بها من هذه المعاينة هي أنه إستعمار إستدماري إستيطاني، قضى على الأخضر واليابس، كيف له اليوم أن يطالب باسترجاع أملاك ليست بأملاكه؟ ودعما لهذا التوجه فإن اتفاقيات إيفيان التي رسمت وقف إطلاق النار بعد مفاوضات شاقة ومضنية لم تشر إلى هذا الجانب أي استرجاع الأملاك، وعليه فإن دم ودموع الجزائريين أغلى من تلك الوثائق والتضحيات الجسام هي التي صنعت مجد الجزائريين وكل هذه التلاعبات مآلها الفشل الذريع، كونها تفتقد إلى الأساس السليم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024