إعتماد استراتيجية مهاجمة الاستعمار في منتصف النهار

كسر حاجز الخوف وإشراك الشعب في الثورة

جمال أوكيلي

هجومات 20 أوت التاريخية زادت للثورة عنفوانا وتجذرا في الأوساط الشعبية، من أجل المضي قدما باتجاه القضاء على النظام الكولونيالي البغيض وتهديم ركائز الإقتصادية والاجتماعية المفروضة بقوة الحديد والنار على الجزائريين، وأن مقارعة الاحتلال في وضح النهار دليل قاطع على أن إرادة هذا الشعب لا تقهر مهما كانت جبروت هذا المحتل.
انطلاقا من هذه المعاينة الثابتة في مسار النضال الوطني لاسترجاع السيادة الوطنية، حاولنا فتح نقاش ثري مع مجاهدين أفذاذ، ورجال أشاوس، قاوموا هذا الإستعمار.
والأكثر عاشوا الحدث عن قرب والثورة في شهرها العاشر، ماتزال في حاجة ماسة إلى عمل ثوري يترجم حقا قدرتها في التعبئة ومطاردة العدو في الميدان.
وهذا ما تضمنته رسالة هجومات 20 أوت بالشمال القسنطيني إلى كل المتابعين لهذه الثورة، في بداية انطلاقتها، وفي هذا الصدد استوقفنا ضيوفنا عن المغزى، والأبعاد في اعتماد استراتيجية مهاجمة الاستعمار في وضح النهار، وفي نقاط حيوية أربكت قوات الاحتلال التي لم تكن تنتظر أبدا ذلك التوقيت المفاجىء الذي تم اختياره من قبل القيادة برئاسة زيغود يوسف.
ويتضح من خلال ما ورد على لسان هؤلاء، أن القرار المتخذ كان ترجمة ملموسة لقلب المعادلة التي كانت فيما سبق تركز على أن أول نوفمبر انطلق في منتصف الليل، غير أن 20 أوت سيكون في منتصف النهار، هكذا كان قادة الثورة يربطون الأحداث ببعضها البعض على أنها حلقات نضال متصلة لا تنسى أبدا زيادة على كل هذا، فإن التوقعات كانت تراهن على رد الفعل الفرنسي الذي سيكون قاسيا مما يدفع بالجزائريين إلى الإلتحام بالثورة، والالتحاق بها، قصد محاربة قواتها على هذه الأرض، وهذه النظرة البعيدة المدى لزيغود يوسف كان لها الأثر فيما بعد، عندما هاجمت أمواج بشرية من الجزائريين المعمرين بإتلاف محاصيلهم وإضرام النار في مزارعهم مما أجبرهم على الفرار.
وإثراء للموضوع تساءل المجاهد مسعود نملة عن الأهداف أو الخلفيات الكامنة وراء إختيار الساعة 12:00 نهارا؟ واعتبر ذلك استفاقة عميقة للجزائريين في عدم مهادنة فرنسا في كل الأوقات، وتجذير الثورة في نفسية كل الوطنيين الأحرار من أجل الاستمرار في المقاومة، وغرس قيم الكفاح كذلك، لدى كل من كان يرغب في الانضمام إلى هذه الثورة المجيدة، لتواصل مسيرتها التحريرية، في كامل بقاع الجزائر.
هذه هي التوجهات الثورية آنذاك في إطار البحث عن تلك اللحمة مع الشعب، وجعله صاحب المبارة في ضرب مصالحه عبر المناطق المعنية بالهجومات.
بالإضافة إلى كل هذا فإن زيغود يوسف كسر حاجز الخوف الذي كان سائد آنذاك مبرزا للجميع أن مقولة فرنسا لا تقهر مجرد دعاية للتأثير على معنويات الجزائريين وجعلهم يترددون في تكثيف عملياتهم العسكرية ضدها، في الحواضر أو في الريف، بالرغم من أن الثورة كادت أن تغلق سنتها الأولى، عرفت استشهاد البطل ديدوش مراد في جانفي 55.
هذه الهجومات استطاعت أن تخفف الضغط والحصار على منطقة الأوراس، بعد أن حاول الاستعمار القضاء على الثورة في المهد، لكنه فشل فشلا ذريعا في الوصول إلى هذا المبتغى، وبالرغم من ما قيل عن زيغود عقب الهجومات ومحاولة تحميله مسؤولية الضحايا، وإثارة الموضوع في مؤتمر الصومام من قبل القيادات الثورية، إلا أنه كان على قناعة تامة بأن الاستقلال آت لا ريب فيه، وواصل نضاله المستميت إلى غاية استشهاده، وهذا دليل على تلك القناعة التي كان يحملها في ذاته من أجل الجزائر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024