تجربة ناجحة يمكن استغلالها

المتقاعدون رأس حربة في مكافحة السموم

أمين بلعمري

يشكو الكثير من المتقاعدين في بلادنا من مشكل الفراغ القاتل الذي يلم بهم بعد إحالتهم على التقاعد وهي ثقافة سلبية انتشرت في المجتمع جعلت المتقاعد عندنا يعتقد أن صلاحيته ووظيفته الاجتماعية انتهت بمجرد التوقف عن العمل والنشاط في حين أن مجتمعات أخرى روجت لثقافة مغايرة تماما جعلت الفئة المتقاعدة في الدول الأوربية والدول المتطورة بشكل عام تفتح صفحة مجد جديدة بمجرد إحالتها على التقاعد فتجدها تستثمر في الوقت الذي لم يكن متاحا أيام العمل والدوام في القيام بنشاطات نفعية وخيرية اجتماعية جعلتها تتخلص من الشعور بالنقص والدونية فأصبحت أكثر نجاعة وخدمة للمجتمع مما كانت عليه من قبل، فتجد مصالح الأمن تعتمد عليها في عمليات التحسيس والتبليغ عن التجاوزات الحاصلة في الأحياء التي تقل فيها الحركة أثناء فترات العمل وكذا في النشاطات الخيرية وغيرها.
في هذا الصدد قال الأستاذ والإمام الخطيب نور الإسلام بشاري والناشط الجمعوي الشيخ فرحات لدى نزولهما ضيفان على جريدة الشعب، ضمن نقاش موسع حول مخاطر المخدرات أثناء السياقة وعلى المجتمع بشكل عام، قالا إن شريحة المتقاعدين يمنكها أن تلعب دورا كبير في التحسيس والتوعية بخطر المخدرات ويمكنها المساهمة في حملات تحسيس وطنية في هذا الاتجاه وأضاف الأستاذ بشاري أن السن المتقدم لأولئك المتقاعدين يمكن أن يكون حجة لهم وليس العكس في ممارسة مهمة التوعية والتحسيس لأن كبر سنهم سيمنحهم قبولا أكثر لدى الشباب و يقلل من مقاومته لخطاب التحسيس والتوعية على عكس لو كان مصدره من شاب مثله، يضاف إلى ذلك أن كبار السن يملكون قدرة أكبر على الصبر والتعاطي بليونة مع من هم أصغر منهم ويشتغلون بهمة أكبر حيث أن إحساس الأبوة لديهم يساعدهم في ذلك سيما عندما يعتبر ذلك الشاب بمثابة أحد أبنائه أو أحفاده فإنه سيعمل كل ما في وسعه لإقناعه بضرورة الإقلاع عن تعاطي المخدرات وفي سياق منفصل وعن الانحراف المسجل لدى الشباب قال الأستاذ بشاري إن المجتمع الجزائري -بخطابه الساذج - يشجع الذكر على الانحراف من خلال الترويج لفكرة أن الشاب يمكنه أن يفعل ما يشاء و لا أحد يعيب عليه سلوكه بينما عندما يتعلق الأمر بالأنثى فإنك تجد أن أعين المجتمع كله عليها فهي من وجهة نظر مجتمعنا لا يحق لها ارتكاب أي خطأ بينما كل شيء مباح للذكر، مضيفا أن هذا ما أدى إلى تفوق البنات على الذكور في المشوار الدراسي والجامعي.
من ناحيته أكد الشيخ فرحات أن فئة المتقاعدين يمكنها أن تلعب دورا مفصليا في عملية مكافحة المخدرات بحكم تفرغها لهذه المعركة، مؤكدا أنه يجب التعويل على عليها في حملات التحسيس والتوعية و أن هذه الفئة تمتلك خبرات وتراكمات كبيرة تؤهلها للقيام بهذا الدور على أكمل وجه وعاد الشيخ فرحات - المشهور بتقديمه للنشرات الجوية في عدة قنوات إذاعية وتلفزيونية - إلى التجربة اليابانية في هذا الصدد مؤكدا أن هذا البلد يمتلك تجربة رائدة في مجال استغلال الفئة المتقاعدة والاستفادة من تجربتها في خدمة المجتمع على جميع الأصعدة.
في الأخير يجب الاعتراف أن التجارب اليابانية تستحق الاقتداء بها ليس في هذا المجال فقط ولكن كذلك في قيم الإيثار وتفضيل الصالح العام التي جعلت هذا البلد الذي ينام على جزر بركانية وزلزالية مشتتة من أعظم بلدان هذا العالم ولابأس من التذكير هنا أنه عندما ضرب تسونامي جزيرة فوكوشيما اليابانية سنة 2012 وأدى إلى تدمير المفاعل النووي وأصبحت المنطقة مهددة بخطر الإشعاعات جرّاء ذلك، تقدم فريق من كبار السن للتطوع والعمل في تنظيف تلك المنطقة من مخلفات الإعصار وطلبوا عدم إرسال شباب في مقتبل العمر إلى الخطر !    

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025