تناولت الفدرالية الجزائرية للمستهلكين، أمس، بكثير من التشريح نوعية الخدمات الصحية في الجزائر، حيث أكد المتدخلون بخصوصها أن 80 بالمائة منها رديئة ودون المستوى مقارنة بالقطاع الخاص، رغم الملايير التي تضخها الدولة من أجل ضمان أحسن خدمة لمواطنيها غير أن حجم استثماراتها في هذا القطاع لا تعكس نتائجها في الميدان.
تطرق رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين زكي حريز في ندوة نقاش بقاعة المحاضرات لمنتدى «الشعب»، إلى الأسباب المباشرة التي تقف وراء تدني الخدمات الصحية المقدمة للمرضى ببلادنا، حيث قال أن الأمر كله يتعلق بتراجع القيم الأخلاقية للمجتمع وبالتالي الكوادر الصحية المتخرجة منه وبالتالي عدم التزامهم بأخلاقيات المهنة، لأن هذه القيم هي الوحيدة التي تحث الإنسان على الالتزام بالفضيلة، أما القانون فمرتبط بزمان وعقوبة.
كما أوضح أن المسألة الأخلاقية أصبحت تندرج تحتها العديد من الأسباب الكسل في أداء المهام، غياب الجودة بسبب عدم تحيين المنظومة التكوينية، ضعف مستوى التسيير والتنظيم الإداري، أما في المجال العلاجي فقد انعكس الأمر على ضعف التشخيص بما فيه الجماعي منه بسبب بعض الممارسات كغياب تكوين لجنة من الأطباء للنظر في الحالات المعروضة ما يؤدي إلى ارتكاب العديد من الأخطاء.
بخصوص التشخيص أشار حريز إلى أنه لا يواكب التقنيات التكنولوجية الجديدة المستحدثة، على غرار تقنية «النانو»،و هو أمر لم يدركه القائمون على شؤون الصحة ببلادنا، ما انعكس على طلبيات العتاد الطبي خاصة المكلفة منها والتي تتم دون استشارة المختصين من وفي كثير من الأحيان تكون غير مناسبة أو تفتقد لقطاع غيار إضافة إلى عدم تكوين التقنيين المكلفين بتسييرها.
طالب حريز لدى الإعلان عن صفقات اقتناء العتاد أو أي شيء يتعلق بالمجال الصحي إلى عدم تطبيق المبدأ المتعامل به في الجانب الصناعي أي إعطاء الصفقة لمن قدم أدنى سعر وأدنى عرض، بل على العكس، لابد من اختيار أحسن عرض وسعر، وبالتالي تفادي التبذير الكبير الحاصل في شراء الأجهزة الصحية، خاصة وأن هناك تبعية للخارج بنسبة 98 بالمائة، إلى جانب ضعف الرقابة والتفتيش الصحي التي ليست من اختصاص الوزير بل هي مهمة المختصين، ناهيك عن مسألة صيانة العتاد التي تطرح في كل مرة لدى توقف أي جهاز.
اقترح رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين جملة من الحلول التي من شأنها ان ترفع مستوى التكفل بالخدمة الصحية ببلادنا بداية بفتح الاستثمار على مصراعيه أمام الخواص وهذا لن يكون إلا بالإفراج عن قانون الصحة، و إعطاء الخيار للمريض للعلاج في القطاع العام أوالخاص، و تسهيل دخول الكفاءات الوطنية المتواجدة بالخارج لتكوين الكوادر المحلية وتهيئة المناخ لذلك، بالإضافة إلى الاهتمام بالصحة النفسية التي كثيرا ما تكون السبب الرئيس وراء العديد من الأمراض.
إلى جانب ترخيص المؤسسات والمنشآت الصحية وفقا لرخصة 1900، والاستثمار في مجال الوقاية مرة كل سنة من خلال فتح الكشف المجاني بالمؤسسات المختصة أمام المرضى لتخفيف الضغط على المستشفيات على أن تتم العملية تحت مراقبة الدولة، ناهيك عن محاربة كل أشكال الرشوة الوساطة والمحاباة لتحقيق النجاعة المنتظرة وتحقيق الأهداف المسطرة.
في المقابل تحدث د. محمد عبيدي نائب رئيس الفدرالية بلغة الأرقام عن بعض المؤشرات حول الصحة بالجزائر من خلال احتلالها المرتبة 80 من بين 188 دولة وفقا للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أما في مجال الصحة فهي تحتل المرتبة 72، و تسجل 12 طبيبا لكل 10 آلاف ساكن، أما النفقات الصحية لكل فرد فتعادل 100 دولار.
العمل بالإعلان العالمي لـ«الجينوم» يقي من الأمراض ويقتصد في الأدوية
كما طالب د. عبيدي بتقنين حقوق المريض بحيث لا يجب ان تكون مكرسة بتعليمة أو نص تنظيمي بل بقانون فلم تعد تكفي المادة 60 من الدستور، الى جانب العمل بالإعلان العالمي لـ «الجينوم» الصادر في 1997 أو جيني ويقدم لكل مواطن الخريطة الجينية التي تساعد في الوقاية من الكثير من الأمراض والاقتصاد في الأدوية الموصوفة للعلاج.
من جهته تطرق د. سعيد بشير الأستاذ الجامعي والمختص في البيولوجيا إلى النظافة الصحية في الوسط الاستشفائي، حيث أكد أن 15٪ يصابون بالعدوى الاستشفائية وتكاليف علاجها تكلف 10 مرات تكاليف التكفل بمريض، بالإضافة إلى ضعف خدمة الإطعام الاستشفائي، مطالبا بتفعيل لجان متابعة النظافة في المجال الاستشفائي.