المجاهد منور صم، إطار سابق بوزارة الخارجية:
ظلت على مدى سنوات الوحيدة المعبّرة لذلك تستحق اسمها
قال المجاهد منور صم، أستاذ متقاعد مختص في التاريخ الحديث والمعاصر ل«الشعب» في عيد ميلادها ال55 أنّها «تستحق اسمها»، كونها ظلت طيلة السنوات السابقة الجريدة الوطنية الوحيدة المعبّرة عن طموحات وتطلعات الشعب الجزائري، تحت سيادة الدولة الجزائرية المستقلة.
ويعتبر «منور صم» صاحب العمر 82 سنة حاليا من أوائل قرّاء جريدة «الشعب»، وكان ذلك في أصعب الفترات التي مرت بها الأمة الجزائرية، وهي ترزح تحت وطأة الاستعمار الفرنسي وتركته الثقيلة بعد الاستقلال، حيث كان حينها «صم» سفيرا للجزائر بليبيا، رفقة المجاهد الأديب أحمد الطيب معاش، يقول نفس المتحدّث أنّ علاقته كانت أخوية وثيقة بالدكتور علي مفتاحي والذي كان حينها مسؤولا عن الجريدة، إضافة إلى مسيّرين آخرين من فئة المجاهدين الوطنيين، أمثال محمد الميلي ومحمد سعيدي ومحمد بوعروج وغيرهم من مسامي الرعيل الأول.
ثم استرسل قائلا : وقد كانت «الشعب» في ذاك الوقت صوت الأمة وضميرها، ورمزا من رموز الكفاح والنضال في سبيل استعادة كرامة الجزائر كاملة غير منقوصة، من خلال تناول القضايا الوطنية والشعبية، مع التركيز على المبادئ الأساسية لبيان أول نوفمبر والخط الثوري للمقاومة الوطنية.
وعاد محدّثنا ليؤكّد بأنّ «الشعب» حافظت على استقامة توجهّها والذي من شروطه الصدق، والجديّة، والموضوعية في تناول المواضيع المتعلّقة بقضايا التاريخ والثورة والتحرر والمجتمع في توازن تام مع تطلعات هذه الأمّة وشعبها في التطور والنهضة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ...
وأوضح صم، أن «الشعب» دائما مفتوحة أمام الأجيال المختلفة في الأعمار والأفكار والطموحات، إلا أنّه تمنى أن تركّز أكثر على تثقيف وتوعية الشباب في تاريخه وتراثه ومستقبله ومحيطه الداخلي والعالمي، وأن يكون لديها القدرة الفعالة على ترسيخ الهوية الوطنية والمواطنة الصالحة، في ظل طغيان الماديات على الروحانيات.
كما أكّد على ضرورة مواكبة التطورات الدولية من حيث الأفكار والمواضيع والقضايا المطروحة، والتماشي مع متطلبات العصر الحالي وتحوّلاته الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تناول القضايا الحقيقية للشعب وتبنيها بكل موضوعية، وأيضا توسيع نطاقها لتشمل المناطق البعيدة بالجزائر العميقة.
السيد بن عياد بومديننائب رئيس تحرير «الجمهورية» :
لولا «الشعب» لامّحى الحرف العربي من وسائل الإعلام
أكّد رئيس تحرير «الجمهورية» بن عياد بومدين، أن «الشعب» أعرق وأقدم جريدة جزائرية ولدت من رحم الثورة مع إخوانها الشهداء والمجاهدين، وما زالت مستمرة حتى الآن، بفضل تقاليد أرساها الآباء المؤسسون لها، وسار على هداها من جاء بعدهم، وهو ما حقق لها الصمود في وجه الانفتاح والتعددية السياسية.
قال بن عياد بمناسبة عيد ميلاد «الشعب» أنّه عايشها بعد الاستقلال، حيث كانت تقريبا الجريدة الوحيدة المعرّبة التي تصدر وتوزّع يوميا في كامل أنحاء الجزائر، مستطردا «ومن موقعي كقارئ، اعتبرتها دوما يومية إخبارية وطنية وجريدة أصيلة، تعلّمنا منها مبادئ الكتابة وأسسها، على اختلاف أنماطها الصحفية والفكرية والأدبية».
وتظل «الشعب» -حسب رأيه- في طليعة المدارس الجزائرية التي حرصت على سلامة اللغة العربية وتطويعها لمتطلبات العصر، وكانت مساهما بارزا في إعادة بناء المواطن الجزائري من الجذور الأصيلة لمقومات الهويّة الوطنية، بعيدا عن حدود التغريب والانفصال ومحاولات المسخ الثقافي واللغوي الذي ارتكن إليه الاستعمار الفرنسي.
وذهب محدّثنا إلى أنّه ينظر لها على أنّها «حامية الحرف العربي وحاملة لواء اللغة العربية في الجزائر» مسترسلا بالقول «ولولا الشعب «لامّحى الحرف العربي من وسائل الإعلام، في ظل سيطرة وهيمنة اللغة الفرنسية والفرانكفونية التي تركتها الحركة الإستيطانية طيلة 130 سنة، وما لحقها من تحولات داخلية وخارجية عصفت بالقيم والمبادئ والأخلاقيات بكل أشكالها».
وفي ختام كلمته أوضح بن عياد أنّ الصحافة رسالة ووظيفة، تأبى على حاملها أن تكون واضحة، تراعي كافة المستويات؛ لذلك كان أسلوب «الشعب» أكثر سلاسة، يخاطب القراء على اختلاف ثقافاتهم، دون إهمال لقواعد اللغة العربية الفصيحة وآلات الأدب من نحو وصرف وبلاغة وغيرها من الأساسيات الأخرى، معتبرا أنّها «مهمّة ليست بالسهلة، لأنّ الكتابة الصحفيّة، أصبحت محكومة برهانات أخرى، تأتي فيها مقوّمات الهويّة الوطنيّة ومرتكزاتها في درجات ومراتب متأخرة».
مرسلي لعرج أستاذ بقسم علوم الإعلام والاتصال جامعة وهران 1
هي الجزائر بكل منجزاتها التي تحققت
جريدة الشعب الجزائرية التي رأت النور والولادة بمجرد استقلال الجزائر باللغة العربية، عمرها هو عمر استقلال الجزائر، هي الجزائر بكل منجزاتها التي تحقّقت في مختلف القطاعات والميادين، فهي التي رافقت كل مراحل الجزائر المستقلة، موثقة بالأنباء والإعلام والأخبار عن طريق التقارير والروبورتاجات الصحفية نهضة هذا البلد العظيم.
هذا ما قاله مرسلي لعرج، أستاذ بقسم علوم الإعلام والاتصال بجامعة وهران 1 أحمد بن بلة في الذكرى ال55 لتأسيس جريدة «الشعب»، التي اعتبرها ناقلة للحقيقة بكل تجرد من الذاتية أو التعصب المقيت أو التحيز لهذا أو ذاك على حساب المصلحة الوطنية.
ثم استرسل في الحديث مؤكّدا: بل ومنذ انطلاقتها كانت صوتا للشعب، معبرة عن آماله وطموحاته لتحقيق الحلم الجزائري في بناء جزائر قوية مستقلة في قرارها سيدة في مواقفها، وزيادة على ذلك هي مدرسة أسهمت في تكوين العديد من الكفاءات الصحفية التي تجاوز صيتها حدود الجزائر، وأقلام احتلت لنفسها مكانة وقاعة في محراب الخلود.
مشيرا في سياق متّصل إلى عديد المبدعين من أدباء وشعراء وفنانين، هم اليوم أسماء كبيرة في الوطن العربي والعالم، موجها في الوقت نفسه كلمة تقدير وتحية إخلاص ووفاء لكل أقلام هذه الجريدة منذ لحظة التأسيس إلى يومنا هذا، وإلى كل مسيريها من إداريين وتقنيين وجميع العاملين فيها، وعلى رأسهم المدراء الذي تناوبوا على إدارتها.
وفي الختام أعرب الأستاذ مرسلي عن آماله في أن يدوم هذا المنبر الإعلامي في خدمة الجزائر، ومزيدا من النجاح والتوفيق لعميدة الصحف والجرائد الجزائرية التي استطاعت أن تتعايش مع كل المتغيرات من حولها في تأثيراتها السلبية والإيجابية.