قال عبد الحميد العربي الشريف العقيد المتقاعد، إن قوة الجيش الوطني الشعبي وكفاءة أفراده أدى إلى تقوية السياسة الجزائرية الخارجية بشكل حافظ على قراراتها السيادية، بما فيها رفض محاولات جر الجيش إلى منطقة الساحل الإفريقي بذريعة مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن عملية «تقنتورين» أعادت اعتماد إستراتيجية عسكرية مغايرة للسابق.
بعد مرور خمس سنوات على استهداف قاعدة تقنتورين بدت الإستراتيجية العسكرية الجديدة التي اعتمدها أفراد الجيش الوطني الشعبي في التعامل مع التحديات الأمنية، حيث أوضح العقيد العربي الشريف أن العملية رغم نجاحها إلى أنها أدت إلى إعادة التفكير في خيارات كبيرة.
في هذا الصدد أكد العقيد أن قيادة الجيش الوطني الشعبي ورغم تعرضها لضغوطات كبيرة من طرف متعاملين اقتصاديين أجانب يعلمون في تقنتورين للمشاركة في عملية التامين، إلا أن قيادة الجيش تعتبر التدخل في الشؤون الداخلية خط احمر لا يمكن التنازل عنه مهما كانت الأوضاع.
رغم مرور خمس سنوات على الملحمة البطولية التي صنعها أفراد الجيش تبقى هناك تفاصيل كثيرة لم اللثام عنها رغم سياسة الانفتاح الإعلامي التي بدأت قيادة الجيش في انتهاجها خلال السنوات الأخيرة وبالضبط بعد العملية، و من بين تلك التفاصيل هو مواجهة الإرهابيين المتحصنين داخل قاعدة تقنتورين دون إعلام أي جهة أجنبية سيما وان اغلب العمال كانوا من مختلف الجنسيات على غرار بريطانيا النرويج واليابان.
من بين تلك التفاصيل السرية التي لم تكشف إلا بعد مرور وقت من زمن حسب العقيد عربي شريف هو مطالبة بريطانيا بالمشاركة في عملية تحرير الرهائن، إلا أن الجزائر رفضت ذلك وبشد كون العملية لا تحتاج إلى وقت كبير وان دخول أي قوة عسكرية أجنبية يعتبر تعديا على السيادة الوطنية.
الأمر الثاني الذي بقيت بريطانيا تطالب به بعد مرور سنوات على الحادثة هو إشراك مؤسسات أمنية خاصة في تأمين المنشاة النفطية التي تعتبر رئة الاقتصاد الوطني، حيث أن توقف احد وحداتها أدى إلى تراجع إنتاجها لمدة سنتين وكان أثره واضحا على الاقتصاد الوطني بشكل كبير.
الجزائر وانطلاقا من سياستها الخارجية التي لا تأبى المساومة على حد تعبير المتحدث رفضت هذا الطرح بشكل قطعي، وترفض حاليا المشاركة في قوة «برخان» بمنطقة الساحل الإفريقي، التي تقودها فرنسا بقوة تعدادها 4 آلاف جندي، حيث أن الهدف الأول وراء تدخلها في المنطقة حسب الخبير العقيد المتقاعد هو خلق بؤر توتر في المنطقة لإبقاء الهيمنة الفرنسية عليها.
في مقابل ذلك قال الخبير أن الجزائر بالموازاة مع رفض مشاركة قوات الجيش الوطني الشعبي في منطقة الساحل، إلا أنها قامت بإستراتيجية ذكية تتفادى من خلالها ضغوطات المجتمع الدولي بذريعة عدم المشاركة في مكافحة الإرهاب، حيث قامت بدعم الجيوش في كل من دول مالي والنيجر في إطار التعاون العسكري في مجال مكافحة الإرهاب، وهي خطوة جد ذكية للحفاظ على استقرار الحدود الجنوبية تزامنا مع الخطورة التي تعرفها الحدود الشرقية وحتى الغربية في ظل التوتر الحاصل في المنقطة.
لم يستبعد بتاتا العقيد عبد الحميد العربي الشريف إثارة القوى العظمة بقيادة فرنسا بؤر توتر جديدة لخلق نزاعات مستمرة بهدف البقاء وتحقيق المطامع الاقتصادية التي تبدو دائما خفية في ثوب سياسي، وتنبأ في نفس الوقت بإمكانية حصول حرب شرسة على الجماعات الإرهابية بهدف تغللها في المنطقة للبقاء مدة طويلة.