يشكل المنتدى السنوي الثالث لمراكز التفكير المتوسطية ضمن آلية 5+5 فرصة لتقييم ما تم انجازه في إطار هذه الآلية من أجل تعزيز فرص التعاون والتنسيق حول مختلف الملفات التي تهم الدول المعنية بهذا المسار على الضفتين الجنوبية والشمالية وعلى حد سواء، هذا وتحتضن الجزائر على مدار ثلاثة أيام اعتبارا من اليوم الاثنين هذا المنتدى الذي ينظمه المعهد الأوروبي للبحر المتوسط والاتحاد من أجل المتوسط بالتعاون مع المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة لتكون بذلك الجزائر أول بلد من الضفة الجنوبية يحتضن هذا الحدث الهام بعد كل من برشلونة ولشبونة سنتي 2016 و2017 على التوالي.
للتذكير تضم آلية الحوار 5+5 دول غرب البحر الأبيض المتوسط من الضفتين أي دول الاتحاد المغاربي من جهة وكل من ايطاليا، البرتغال، مالطا، فرنسا واسبانيا من جهة أخرى وهي الدول التي ستلتقي اعتبارا من اليوم بالجزائر في منتدى مراكز التفكير المتوسطية تحت شعار «التنمية البشرية كمحرك للتعاون في اطار الحوار 5+5، تحديات مشتركة وتسيير متقاسم» مما يوحي بأن الإدراك بضرورة العمل المشترك بلغ درجة متقدمة من النضج وادراك ضرورة مواصلة الحوار وترقيته لمواجهة التحديات عبر اقتسام الأعباء والتكاليف مع الأخذ في الحسبان إمكانيات وقدرات كل جهة.
ان مثل هذه المواعيد تشكل فرصة لالتقاء الفاعلين في صناعة القرار من جهة والخبراء من جهة أخرى تسمح لهم بتبادل الخبرات والتجارب التي من شأنها أن تنضج أرضية صلبة للتنسيق والتعاون بين الضفتين لا تمكنهما فقط من التعاطي مع التحديات معا ولكن الاستفادة معا كذلك من الفرص والآفاق التي يوفرها هذا الفضاء خاصة وأننا في زمن عولمة التهديدات التي تحتاج إلى ردود مشتركة ومنسقة وهذا لا يمكن تحقيقه الا عبر حوار استراتيجي يثمن ويستغل التراكمات المعرفية والخبرات التي تمتلكها جميع الدول المعنية بآلية الحوار 5+5.
لقد آن الأوان للحديث عن التنمية العابرة للحدود بدلا من الإرهاب والجريمة المنظمة فهذه الصفة لا يجب أن تبقى حكرا عليهما فقط، ولتكن هذه المنتديات فرصة لشعوب بلدان غرب المتوسط للاستفادة من كل يوفره هذا الفضاء للتأسيس لتنمية تشاركيه تقوم على إدراك واع بالتحديات المشتركة وضرورة إشراك الجميع والأخذ بوجهة نظر الجميع لمواجهتها من خلال التأسيس لحوار مستدام يعوض سياسة خرائط الطريق الجاهزة أحادية الاتجاه والقرارات الأنانية أوالأحادية التي تكون آثارها على الجميع ولعل الأزمة التي تبقى أكبر مثال عن غياب هذا الحوار الذي كان سيجنب هذا الفضاء التهديدات والظاهر المقلقة التي تعني الضفتين الشمالية الجنوبية والشمالية على حد سواء ويكفي التفاقم المقلق لظاهرة الهجرة غير الشرعية؟!.